العدد 1895 - الثلثاء 13 نوفمبر 2007م الموافق 03 ذي القعدة 1428هـ

مؤتمر «الوفاق» الأول للمرأة... تحدٍّ وطموح (1)

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عندما تسلمت رئاسة دائرة شئون المرأة بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، كانت بمثابة تحدٍّ لم يكن سهلا، إذ كنت أود الخروج بالمرأة الوفاقية - التي تمثل شريحة واسعة من نساء البحرين - إلى الساحة والعلن للتحدث بصوتها وبنهجها الإسلامي، بعد أن كانت مغيبة لسنينَ، فنساء هذا التيار يمتلكن الكثير ويظهرن بشكل مغاير وفعّال في المجتمع فهن لا تنقصهن الكفاءة والمقدرة بقدر ما تنقصهن الثقة وروح المبادرة. إلا أن هذا الحديث بدأ ينحسر مع أول إطلالة لنساء هذا التيار من خلال مؤتمر «الوفاق» الأول للمرأة الذي حمل عنوان «المرأة والمطالبة بالحقوق العامة... ما بين الواقع والطموح».

ظلّ الخطاب الإسلامي النسائي البحريني مغيبا عن الساحة فترة طويلة، وعلى رغم تميزه بالصدق والالتزام فإنه لم يسعَ لتأسيس مناهجَ فكرية ونظريات نسائية منطلقة من المرأة ذاتها، بل أغلق نفسه في دائرة ضيقة؛ فهو المتحدث وهو المستمع في الوقت ذاته، فغاب الناقد، وضلت معه بوصلة التطور والبناء. كان لزاما علينا أن نخرج هذا الخطاب الى العلن، وخصوصا أن المرأة المسلمة على مر التاريخ كانت تكرس صورة إنسانية على قدر كبير من الوعي والتأثير؛ فقد ظهرت المرأة المسلمة في كثير من المواقع مالكة لناصية نفسها، بليغة في حجتها، مؤثرة في حضورها، واعية بواقعها، فهي لا تسعى إلى الإعلاء من صورة المرأة في مقابل صورة الرجل، بل حفاظا على كيان الأسرة والمجتمع ساعية من أجل حقها الاجتماعي والسياسي والوجودي.

ففي عهد الرسالة، تجادل خولة بنت ثعلبة - على أشهر الأقوال - رسول الله (ص) تلتمس حلا لأمرها. وهنا يأتي أمر الله في الاستماع إلى حجتها وقبولها، ولم يكن غائبا عن ذاكرتنا المرأة التي جادلت الخليفة عمر بن الخطاب في عدم جواز تحديد صداق المرأة، اذ أبطلت قرار الخليفة بقوة أكبر منه. لقد حاجّته بالقرآن الكريم الذي أعطاها حقا أرادت أن تتمسك به فيقر لها عمر بالصواب حين قال: «امرأة أصابت ورجل أخطأ». وكذلك تقف الدارمية الحَجونية مع معاوية بن أبي سفيان حين تبيّن له فساد حكمه وتأييدها خصمه؛ لأنه حق إذ تقول له: «أحببت عليا على عَدله في الرَّعية، وقسمه بالسوية، وعاديتك على سفكك الدماء، وجورك في القضاء، وحكمك بالهوى».

هكذا كانت المرأة المسلمة حاضرة بفكرها ووعيها وحراكها في حفظ المجتمع المسلم وبنائه. حراكنا اليوم لا يتوقف عند هذا الحد، فالوطن شراكة وعلى الجميع مد يد العون لإحداث التغيير نحو الأفضل. نعم، إذ أردنا أن تكون مشاركة المرأة في الحياة العامة مشاركة منظمة وفاعلة، لا مجرد طرف اجتماعي قاصر، ينبغي التعامل مع قضية المرأة بوصفها إنسانا له حق في اتخاذ القرار، وبوصفها مواطنة تتمتع بالحقوق السياسية، والمشاركة في صنع القرار السياسي، كذا بوصفها فردا فاعلا اجتماعيا في تأسيس الجمعيات وإدارة الأعمال، ولا يمكننا تحقيق ذلك إلا باعتماد منهجية الشراكة بين الرجل والمرأة تيارا واحدا لا منفصلا.

جمعية «الوفاق» تتبنى برنامجا يكفل للجميع حقوقه بمن فيهم المرأة؛ إذ تسعى «الوفاق» جاهدة إلى المطالبة بتنمية المرأة علميا وعمليا، ومنع التمييز والعنف ضدها، وتوفير حياة كريمة تؤهلها لأن تعيش في المجتمع بأمان وكرامة، وفي الوقت ذاته تعمل على بناء طاقتنا النسائية لتتحمّل المسئولية في موقع اتخاذ القرار؛ لذلك جاء هذا المؤتمر الأول للمرأة بعنوان «المرأة والمطالبة بالحقوق العامة... ما بين الواقع والطموح» تماشيا مع السياسة التي تتبناها «الوفاق» في المطالبة بالحقوق، فمن أهداف المؤتمر:

- المساهمة في نشر الثقافة السياسية الصحيحة المنطلقة من النهج الإسلامي.

- العمل على التمكين السياسي للمرأة البحرينية وحفز مشاركتها في العمل السياسي.

- تعزيز التواصل بين «الوفاق» والمجتمع النسائي البحريني.

جل اهتمامنا كان أن نطرح ما نريد ولكن ليس في غياب الآخر؛ لذلك دعونا جميع الناشطات البحرينيات على اختلاف التوجهات والنهج؛ فنحن طرحنا في هذا المؤتمر أوراقا عدة تحوي رؤى ومفاهيمَ جادة، وإصلاحاتٍ فكرية، وسياسية، وتشريعاتٍ عمالية، فورقة «تاريخ العمل السياسي للمرأة وإشكالياته في العالم العربي والإسلامي» للإعلامية الكويتية إيمان شمس الدين طرحت قضية فتنة العوام فتوضحها: «وأعني بها تردد الكثير من المصلحين وخصوصا الدينيين منهم في طرح مفاهيم الإسلام الصافية في نظرتها لدور المرأة وتوخيهم الحذر من ردود الفعل وخصوصا في المجتمعات الذكورية التي تحمل الطابع القبلي حتى لا يتم تشويه الطرح وبالتالي إسقاطه وإجهاض فكرة التغيير وفق الرؤية الإسلامية»، كما طرحت قضية أدلجة الكثير من العادات والتقاليد التي أدت بنظرها إلى «ترسيخ تلك المفاهيم في عمق الوعي واللاوعي حتى أصبحت مقدسات تحامي عنها النساء قبل الرجال». الأهم من ذلك، تطرق شمس الدين إلى عدم الفصل بين المرأة والرجل في الحقوق؛ إذ إن ذلك يؤدي إلى «إظهار الصراع القائم على أنه صراع بين الذكر والأنثى؛ ما يعزز من حيثيات العزل والإقصاء وعرقل مسيرة الإصلاح السياسي برمتها تحت ذرائع كثيرة».

أما من جانب تشريعات العمل بالنسبة إلى المرأة في القطاع الخاص، فقد اقترحت مقدمة الورقة عضو «شورى الوفاق» شعلة شكيب إضافة فِقرات أو موادَّ جديدة إلى المادة 32 وهي «خفض ساعات عمل المرأة اليومية بمعدل ساعة إذا كانت حاملا في شهرها السادس لحين موعد ولادتها» كما ارتأت إضافة مادة جديدة وهي «على صاحب العمل الذي يستخدم ما لا يقل عن عشرين عاملة متزوجة تهيئة مكان مناسب يكون في عهدة مربية مؤهلة لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات، على ألا يقل عددهم عن عشرة أطفال».

كما تطرقنا إلى تغييب المرأة الوفاقية في التعينيات الحكومية في ورقة «المرأة والعمل السياسي في البحرين» لعضو «شورى الوفاق» عفاف الجمري بقولها: «إن التعيينات - وإن كانت في الغالب لكفوءات - إلا أنها غالبا تنحاز إما للمواليات للسلطة وإما بالمحسوبية وإما ضمن معادلات حكومية معينة وإما بالاعتماد على مبدأ المحاصصة».

لقد تحقق جزء من طموحنا، والباقي هو الأهم الأكبر والسؤال الذي ما فتئ يسألني عنه الجميع: ماذا بعد المؤتمر؟ وماذا «الوفاق» فاعلة في ملف المرأة؟

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 1895 - الثلثاء 13 نوفمبر 2007م الموافق 03 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً