العدد 1897 - الخميس 15 نوفمبر 2007م الموافق 05 ذي القعدة 1428هـ

الماء العذب يصنع جيرانا جيدين

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

«لقد عدتِ، وقطعة واحدة!». تلك عبارة يجري استقبالي بها بشكل متكرر ومزعج خلال الأسبوعين الماضيين. يبدو أنه من الطبيعي أن يظن الناس في كامبريدج أنني قد لا أنجو في الباكستان. الواقع أنه مما يدعو إلى التعجب أنني عدت من الباكستان بصحة جيدة - ليس بسبب الإرهاب أو التطرف الديني. القاتل الأكبر في الباكستان هو مرض الإسهال، وهذا هو ما أتى بي إلى هناك، لإنشاء شركة عبر العالم هي «Saafwater».

«Saafwater» مؤسسة اجتماعية، وتجارية تهدف إلى جني الربح تتعامل مع مشكلة اجتماعية. التحدي في حالتنا هو انعدام القدرة على الوصول إلى الماء النظيف المأمون. «Saaf» كلمة معناها )نظيف( في لغة الأوردو واللغة الهندية، ومثله مثل الكلمة، يغطي عملنا الفجوة بين الشرق والغرب.

اتصل أمير خان، وهو خبير باكستاني في الصحة العامة بمختبري في معهد مساشوزيتس للتكنولوجيا في أبريل/ نيسان 2006، حيث قمنا بتطوير تكنولوجيا أسميناها (Porta Therm)، كان مهتما باستخدامها في تجارب إعداد مصل للتطعيم في كراتشي. بعد شهور قليلة سافرت إلى الباكستان لاستقصاء احتمالات الدخول في شراكة معه.

في رحلتي الأولى إلى الباكستان في أغسطس/ آب من تلك السنة أصبت بالصدمة من تنوع تلك المدينة وطاقتها الهائلة. دهشت من السهولة التي تعيش فيها الثقافات المختلفة جنبا إلى جنب في هذه المدينة الكبيرة النشطة التي يسكنها 15 مليون نسمة.

أكثر المؤشرات وضوحا لهذا التنوع هو في اللباس. تستطيع أن ترى، في الشارع الذي أقمت به، رجالا ونساء يلبسون بنطلون الجينز «وتي شيرت»، إلى جانب من يلبسون القميص التقليدي، وهو قميص يصل إلى الركبة فوق بنطال فضفاض، أو البرقع، وهو لباس يغطي جسد المرأة بشكل كامل. كان التغيير من دهاليز معهد مساشوزيتس للتكنولوجيا إلى هنا أمرا ساحرا.

تستخدم «Saafwater» هذا التنوع باستخدام المرأة كقوة مباشرة للبيع، إذ تدور النساء من بيت إلى بيت في أحيائهن ومجتمعاتهن المحلية لتثقيف السكان بشأن قضايا المياه العذبة وبيع منتجات «Saafwater» إلى أصدقائهن وجيرانهن. منتجات «Saafwater» ذات كلفة منخفضة جدا بها جرعة يومية من مادة الكلور تكفي لتعقيم استهلاك الأسرة اليومي من الماء. لم تستخدم هذه التكنولوجيا منذ أكثر من قرن من الزمان فحسب في العالم المتقدم وإنما تم كذلك إعادة تنظيمها وتصميمها كمنتج منزلي يسمى «نظام الماء المأمون» من قبل مراكز السيطرة على الأوبئة في الولايات المتحدة.

وقد تطورت فكرة «Saafwater» مع خان وفريقه عبر فترة زمنية في معهد بحوث وتطوير» InterActive» في كراتشي من ناحية، وفي «الأنظمة البيئية الابتكارية» في معهد مساشوزيتس للتكنولوجيا من ناحية أخرى، والمكون مني ومن خالد سعيد الدين، ابن عم خان، الذي كان يعمل على إتمام شهادة الماجستير في إدارة الأعمال في كلية سلون للإدارة في معهد مساشوزيتس للتكنولوجيا (تنزع عائلات الباكستان لأن تكون كبيرة الحجم وذات شبكات واسعة الامتداد)!

وفرت لنا هذه التركيبة الفرصة للإتيان بوجهات نظر جديدة لمشكلة متواصلة لتجربة أية أفكار جديدة وبسرعة على الأرض. وقد أثمرت جهودنا عندما فزنا بعشرة آلاف دولار من جائزة إجمالية قدرها مئة ألف دولار لبرنامج تنافس ابتكاري، وقد كان المبلغ كافيا لإطلاق الشركة وبدء مشروعنا التجريبي في كراتشي.

يستغرب الناس في الباكستان وجودي هناك، تماما مثلما يُدهش زملائي وأقاربي في أميركا عند عودتي سالمة، ويتساءلون أحيانا، بفضول له ما يبرره. «لماذا الباكستان؟».

لقد اكتشفت أن تأسيس عمل تجاري في الباكستان أمر منطقي، فلدى الباكستان سادس أكبر عدد من السكان في العالم، يبلغ 160 مليون نسمة، ومدينتان ضخمتان مكتظتان بالسكان (كراتشي ولاهور)، وحاجة ماسة حرجة لمنتجات المياه العذبة. اللغة الإنجليزية كذلك هي لغة الأعمال والحكومة، كما أن البيئة الإدارية صديقة لمؤسسات الأعمال الخارجية، والاقتصاد مزدهر بنسبة نمو بلغت 7 في المئة السنة الماضية. وكما قال المدير التنفيذي كين مورس لمركز معهد مساشوزيتس للتكنولوجيا الإداري: «الباكستان مرجل من الفرص يغلي».

لقد عمل كين وزملاؤه في معهد مساشوزيتس للتكنولوجيا ونادي المعهد في الباكستان عبر الفجوة بين الشرق والغرب التعاون مع منظمة الابتكاريين الباكستانيين من رجال الأعمال. وقد أنشأوا شبكة من رجال الأعمال الابتكاريين في الباكستان استضافت سلسلة من ورش العمل وجمعت قوى من نادي معهد مساشوزيتس للتكنولوجيا في الباكستان ومنتدى الإبداع في الباكستان لإطلاق منافسة لتسريع الأعمال تهدف إلى تمكين عدد كبير من الابتكاريين في مجال الأعمال، الذين يقومون بأعمال عظيمة في الباكستان لتحقيق إمكاناتهم العالمية الكاملة.

يرى كل من له علاقة بهذه الحوادث فوائد التعامل والتعاون عبر المحيط الأطلسي. بالنسبة لهؤلاء منا على هذا الجانب من المحيط، يكشف الأمر فرصا مثيرة وأسواقا جديدة، ويأتي على الجانب الآخر بأساليب جديدة للقيام بالأعمال وتحسين الوصول إلى رأس المال والأسواق وشعور متجدد بالتفاؤل والبهجة.

وهكذا، ومع عودتي إلى الحياة في مساشوزيتس، أسمع نداء جمال جبال الباكستان وحركة مدينة كراتشي. بالنسبة لي، وبالنسبة لشركة «Saafwater»، فإن وجودي في ثقافتين مختلفتين ليس ساحرا ومكافئا فحسب وإنما يشكل فكرة عظيمة للقيام بالأعمال التجارية.

*باحثة مساعدة في مختبر D التابع لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1897 - الخميس 15 نوفمبر 2007م الموافق 05 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً