العدد 1912 - الجمعة 30 نوفمبر 2007م الموافق 20 ذي القعدة 1428هـ

المواطنة بين الولاء السياسي والولاء الطائفي

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

نريد من خلال هذا المقال التفكير في التباين العقائدي, والفكري, والسياسي؛ ما يسبب زيادة الخلاف والتدابر, والتنافر هذا من جهة ومن جهة أخرى تفسير

المعنى الأقرب للمواطنة.

ولتشخيص أولويات العمل, لابد أولا من تشخيص الحالة بصورة واقعية في الأمراض التي تعاني منها المنطقة, وفي ضوء ذلك تتحدد معنا الأولويات والمهمات, ويتحدد الدواء.

بشيء من التأمل والتمحيص نجد أن أعظم الأمراض, والانحرافات التي نعاني منها هي التفاوت في فهم معنى المواطنة. ولزيادة الإيضاح إن الولاء الذي سنتحدث عنه هو الولاء الوطني, بعد الولاء لله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم؛ كيلا يلتبس الموضوع لدى البعض.

فتماسك الولاء المعني بالدولة مرهون بالولاء لها, فلا يمكن تصور قيام وبقاء دولة من دون انضواء رعاياها ضمن خيمة الولاء لوجودها وأرضها ومجتمعها, وهنا إن الولاء الوطني هو الإطار الناظم للدولة والماسك لوحدتها والمغذي لديمومتها والمنتج لتطورها من خلال ضمانه عطاء الأفراد والجماعات والتزامهم ودفاعهم عن دولتهم في خضم المتغيرات الدولية وخصوصا الايديلوجية منها, وكذلك معركة البناء والتطوير بشقيه السياسي والتنموي. أما الولاءات الخاصة العقدية والثقافية فهي مشروعة ومجازة إذا لم تؤسس الانجراف المنافي! على حساب الولاء للدولة الجامعة للكل.

من هنا فالولاء للدولة هو ولاء عام, والولاءات الخاصة للمواطنين فيما هو عقدي أو سياسي أو ثقافي هو ذاتي وخاص يجب ألا يكون على حساب الولاء والانتماء إلى الوطن والدولة وهنا بيت القصيد، اذ لا نريد الالتباس لدى البعض. فحيثما تم تفضيل أو تقديم الولاء الخاص على الولاء العام للدولة فستحدث القطيعة بين الدولة ورعاياها فيتهدد كيان الدولة ووحدة البلاد وتماسك المجتمع, وهي الدائرة الخطرة التي تذهب بكيان الكل, وهو ما يجب تجنبه والتصدي له قانونيا وثقافيا, وهذا ما نصبو إليه.

المطلوب من النخب الوطنية وهي تمارس دورها الوطني أن تعي الفارق الجوهري والبنيوي بين الولاء للفرد والولاء الوطني, فما نصبو إليه هو إنتاج مواطن وليس فردٍ.

إن أي سجن للفرد داخل أطر الولاء الطائفي أو السياسي الضيق سينهي لدينا مبدأ المواطنة, وهذا سيصادر الوطنية بصفتها وحدة قياس.

نستهدف من طرح هذا الموضوع إعادة النظر في الأسس العلمية والاجتماعية التي انبنت عليها السياسة التراثية أو الاتباعية كما يسميها البعض, وكيفية وضع الرؤى التي من الممكن البناء عليها, وهذا مفهوم مدني بحت ليس له علاقة بالسلطة بل بالعكس خلق الأسباب التي تمكن عملية البناء والتغيير من خلال المشروعات الإصلاحية والتنموية.

هذا توصيف مجمل بواقع الحراك الحاصل, وهو واقع - بلا شك - غير مرضٍ, ولا يسر الصديق, وإن لم يحصل استدراك معرفي سريع تجتمع عليه جميع الطاقات الصادقة لسد الثغرات التي يعاني منها ويكون على مستوى التحدي لمواجهة المعركة المثارة, فإن المستقبل القريب على الأقل لن يكون كذلك مرضيا, ولا مريحا, وستكون عملية المعالجة أصعب, إذ إن اليوم إذا كان يحتاج إلى الدواء فقط ففي المستقبل سيحتاج إلى الجراحة, وهذا ليس من باب الضرب في الغيب وإنما هي السنن ونواميس الأخذ بأسباب التعديل والاستدراك, التي شرعها الله تعالى للعباد.

على المواطنين أن يفهموا أن الديمقراطية نابعة من مشاركة المواطنين في تدبير شئونهم المحلية عن طريق انتخاب ممثليهم من الجماعات بهدف تشكيل مجالس تعمل على تنمية شاملة لجهتهم, ولتفعيل هذا الموضوع يجب تذويب هذه التباينات الفكرية والسياسية والطائفية بصفتها أضدادا، والتركيز على ما هو أهم للوطن والمواطن. ولتفعيل ذلك يجب التركيز على النخب والمجالس التي تعتبر وحدة ترابية تتمتع بالشخصية المعنوية وتسير على طريق رئيسية كالمجالس الجماعية والحراك المدني والخيرين من الذين استنبطوا معنى هذا المقال.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 1912 - الجمعة 30 نوفمبر 2007م الموافق 20 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً