العدد 1923 - الثلثاء 11 ديسمبر 2007م الموافق 01 ذي الحجة 1428هـ

المواطنون: الشيخ الجمري كان قريبا من الفقراء يتحسس آلامهم وينتصر لهم

كان موجودا في كل زاوية... في رأي واحد لا يقبل أن يكون اثنين

لم يترك زاوية إلا ووضع بصماته فيها، البشاشة والابتسامة وحزم العمل وقت الجد، والحب والحنان والاحترام والتواضع والأخلاق والوطنية ظل ينثرها في كل زاوية كان يزورها، ينثرها من دون ان يترك ركنا دون الآخر... هو كالمطر الذي يتساقط على الأرض القاحلة فيجعلها خضراء تسر كل من ينظر إليها، يصنع تاريخا بما ينثره من صفات حميدة وجهادية قل نظيرها، يبعث بنظراته الحياة في نفوس قتلها التمييز والقهر والتعذيب، ابتسامته هي رسالة حب، وحزمه رسالة جد، وعطفه رسالة حنان، وشعره رسالة فكر وأدب، وخطبه حياة لشعب وانتصار لمظلوم وتطبيق لشرع الله في أرضه، إنه بلا شك العلامة الفقيد الشيخ عبدالأمير الجمري الذي لم يترك ركنا في البحرين إلا وحفر اسمه فيه بشتى الأشكال والطرق. لم يتأخر يوما عن الفقراء، كان منهم وبينهم، يزورهم، يساعدهم، يتحسس آلامهم، يطالب برفع الظلم عنهم وعن جميع أبناء الشعب.

«الوسط» حاولت أن تجمع من كل بستان زهرة لها رائحة المسك والعنبر التي وضعها الجمري في تلك البساتين التي حولها الإهمال الحكومي إلى أراض قاحلة من الخدمات، إلا أن أهلها كانوا نورا يشع بالحب والسلام والخير، وكانوا زهورا على رغم أنف من أراد لهم الموت تحت وطأة أجهزة أمن الدولة، لأن هناك من كان يبث فيهم الحياة.

من قرية سماهيج إلى البلاد القديم وصولا إلى جزيرة سترة وحتى غرب البحرين في كرزكان كان الرأي واحدا لا يقبل أن يكون اثنين أبدا، فالجميع يؤكد أن «سماحته كان شخصية عظيمة قريبة من الجميع»، منوهين إلى أنه «كان قريبا من الناس ويتحسس آلامهم، ولم يكن ينسى الفقراء أبدا وكان بينهم دائما ويسأل عنهم باستمرار، ويمد لهم يد العون»، مستطردين «كان سماحته لا يترك زيارة القرى والمناطق في الأفراح والأتراح، ليكون قريبا منا».

«سماهيج»: زيارة الفقراء كانت ضمن أجندته

كانت لنا وقفة مع أحد شخصيات قرية سماهيج وهو الحاج أحمد حسن علي بوصفوان الذي أكد أن «الشيخ الجمري كان مهتما بجميع ابناء البحرين، وذلك بحكم موقعه وكان يحمل هموم الأمة كلها»، مشيرا إلى ان «الشيخ الجمري رحمة الله عليه كان يصلي ليلة الأحد من كل اسبوع في سماهيج لمدة 13 عاما منذ العام 1982 وحتى الانتفاضة وكنت في غالب الاحيان اقوم بتوصيله»، منوها إلى أن «الشيخ كان في طريق العودة دائما يقوم بزيارة بعض الأشخاص سواء العلماء أو المرضى أو حتى المحتاجين، فمثلا كان يزور أي شخص يعلم انه محتاج إلى المساعدة فمنهم مثلا أشخاص تحترق منازلهم فيقوم بزيارتهم ومساعدتهم من أجل إعادة بناء منازلهم وهذه أشياء كنت شاهدا عليها»، معتبرا ان «علاقته بالفقراء كانت قوية للغاية وقديمة»، مضيفا ان «الشيخ كان متواضعا للجميع وعلى رغم مرضه إلا أنه كان يصر على الوقوف لأي شخص سواء كان صغيرا او كبيرا للترحيب به». مختتما حديثه بالقول: «كان يرحمه الله بشوشا ولكنه حازم في وقت الجد».

«سترة»: كان يهتم بالبحريني بصفته بحرينيا

من جهته نوه احد أهالي سترة وهو ابراهيم يوسف إلى أن «شخصية الشيخ الجمري كانت فريدة من نوعها وعطاءها وافر جدا من كل النواحي، كان يهتم بالبحريني بصفته بحرينيا سواء في سترة أو غير سترة، مشيرا إلى أنه «كان يحب سترة، حتى انه صرح بلسانه في احدى الزيارات أن سترة عزيزة على قلبه، كما ان له علاقات مع علماء وأهالي سترة»، مستدركا «وهناك الكثير من المعونات التي كانت تصل عن طريق مكتب الشيخ الجمري إلى الفقراء»، مؤكدا ان «الشيخ رحمة الله عليه كان يستقبل الوفود القادمة من سترة استقبالا خاصا حتى في أيام مرضه».

أما السيدرضا أحمد الذي ينتمي إلى سترة فاعتبر أن «الشيخ الجمري رمزا وطنيا لا نزاع عليه وكان متصلا بالجمهور اتصالا لصيقا، وكان متلمسا لهمومهم الاجتماعية والسياسية والدينية، وكان قائدا ونعم القائد، والساحة تفتقر اليوم لشخصية بمثله»، مبينا أن «المرحوم كانت له زيارات دورية لقرى سترة، كما ان الاتصالات بين الأهالي وبينه لم تنقطع»، مضيفا «كان سماحته حنونا ومتواضعا ولا تشعر من حديثه أنه انسان صعب بل يخاطب الجميع بما يتناسب مع مستواهم».

«كرزكان»: علاقتنا مع الشيخ الجمري تاريخية

وإلى منطقة أخرى رحلنا إلى المنطقة الغربية وتحديدا قرية كرزكان، وتحدثنا مع جاسم المطوع الذي قال: «الشيخ الجمري كان خطيبا في كرزكان في العام 1994 كما أن العلاقة التاريخية بين سماحته وكرزكان تمتد لسنين طويلة منذ أن كان المرجع الديني الشيخ محمد أمين زين الدين في كرزكان»، معتبرا أن «سماحته كان شخصية عظيمة وصاحب هيبة وعلم، كما انني عملت في المحكمة الشرعية في الوقت الذي كان يعمل هو في القضاء الشرعي وذلك في العام 1984 وكان يعاملنا معاملة الأب لأبنائه وكان لا يتردد في تلبية حاجاتنا».

وقال جاسم مهدي ان «علاقة الشيخ بأهالي كرزكان كانت علاقة القائد بمن أحبوه، وكانت علاقة مبنية على اساس ان الرجل اخلص لله واخلص له الناس، وعلى اساس أن الشيخ قدم مشروعا يتفاعل مع مشاعرهم وهمومهم وأحاسيسهم»، مشيرا إلى أن «دعوته كانت مبنية على اسس واضحة وكانت حركته تمثل التنفيذ لهذه الدعوة، وأهالي كرزكان أعطوا الشيخ مكانته التي يستحقها باعتباره قدم رؤية للواقع الذين يعيشونه وكان يريد انتشال الناس من الواقع المؤلم»، موضحا ان «سماحة الشيخ كان يعيش مفاصل حياتهم، إذ كان حاضرا في الأفراح والأتراح»، وأكد ان «الشيخ الجمري لايزال حاضرا حتى اليوم إذ يتم تشكيل الوفود لزيارة قبره للتعبير عن العرفان، وكان أعيان كرزكان وفقراؤهم والعلماء والشباب والأكاديميون يكنون الاحترام والمحبة لهذا الرجل الذي قدم التضحيات في سبيل مطالبهم، كما انه ضحى بنفسه وعائلته من اجل الوصول إلى هدفه وهو حقق جزء من هذا الهدف ولكن الظروف لم تكن في متناوله والأهم أنه كان صادقا ومخلصا في عمله».

من جانب آخر اعتبر احمد جابر العباس أن «الشيخ لا يحتاج إلى تعريف لأن تعريفه هو توضيح الواضح، إذ انه من الشخصيات المرموقة وهو شخصية نموذجية إلى مناطق عدة في البحرين ويحتذى به ويشار إليه بالبنان، كان يتمتع بشخصية ذات أبعاد دينية وسياسية واجتماعية، والعلاقة التي كانت تربط سماحة الشيخ بالأهالي هي علاقة حميمة وكانت علاقة أب مع ابناء، وما زاد الارتباط بين أهالي كرزكان وسماحته هو أنه كان وكيل المرحوم المرجع الديني الشيخ محمد أمين زين الدين وكان معظم أهالي القرية يرجعون إليه في الأمور الدينية».

ونوه العباس إلى أن «انتفاضة التسعينات زادت تعلق أهالي كرزكان بسماحة الشيخ وخصوصا الشباب»، مبينا أن «المرحوم كان من بين الأوائل الذين يحضرون عند الشيخ زين الدين»، مؤكدا ان «الشيخ الجمري كان مهتما بالفقراء ودائم السؤال عنهم كما أنه لا يتوانى في مساعدة أي منهم كما أنه كان يزور القرية باستمرار ويتواصل مع الأهالي وله علاقات وطيدة مع الكثير من العوائل والأشخاص في كرزكان».

«البلاد القديم»: علاقتنا بالشيخ كانت وطيدة وقوية

وفي سياق متصل بين السيدعلي سيدجمعة من منطقة البلاد القديم أن «سماحة الشيخ الجمري كانت له علاقة وطيدة مع اهالي البلاد القديم كما انه تتلمذ الخطابة الحسينية على يدي أحد خطباء البلاد القديم»، مشيرا إلى أن «سماحته كان يرتبط بعلاقات قديمة ووثيقة مع بعض شخصيات اهالي البلاد القديم ومنهم الحاج كاظم والحاج موسى البزاز»، منوها إلى أن «الشيخ الجمري كان من الداعمين لموكب النساء الذي كان فكرة رائعة أفشلتها أجهزة الأمن والقمع آنذاك»، معتبرا أنه «كان شخصية عظيمة في نفسه، كما انه كان قريبا من الجميع واستطيع أن أقول انه كان قريبا جدا جدا منهم، وأي متحدث معه لا يحس أن بينه وبين سماحته رحمة الله عليه أي حاجز أو فرق».

العدد 1923 - الثلثاء 11 ديسمبر 2007م الموافق 01 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً