العدد 1942 - الأحد 30 ديسمبر 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1428هـ

عائلة بوتو... نهايات تراجيدية بعد الحكم والسجن والمنفى

إسلام آباد - المحفوظ الكرطيط 

30 ديسمبر 2007

ووري جثمان رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو الثرى الجمعة الماضي في مقبرة عائلتها بإقليم السند الجنوبي، بعد أنْ اغتيلت في أحدث حلقة من النهايات التراجيدية التي لاحقت عددا من أقاربها منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي.

فبعد حياة حافلة بالنجاحات والإخفاقات قضتها متنقلة بين مدرجات أرقى الجامعات وكراسي السلطة ودهاليز السجون وغربة المنافي، كانت النهاية المحتومة تنتظر بينظير بعد عودتها لباكستان بعد تسع سنوات من الإبعاد عن الوطن.

كاد الموعد الأوّل لبينظير مع الموت يكون يوم عودتها في 18 أكتوبر/تشرين الأوّل الماضي، لكنها نجت من عملية تفجيرية دامية استهدفت موكبها في كراتشي وخلفت مقتل 139 من أنصارها.

لكن النهاية التراجيدية لمسلسل بينظير جاءت بعد أسابيع فقط، إذ بعد نحو شهرين عاد شبح الموت؛ ليسدل الستارعلى حياة إحدى أبرز الوجوه السياسية النسائية في العالم بأسره. ففي ختام تجمع انتخابي بمدينة» راولبندي» اغتيلت بينظير برصاص انتحاري استهدف موكبها.

ومنذ أن همّت بالعودة لم تكن بينظير تتوقع أنْ يكون طريقها مفروشا بالورود في بلد تعصف به أزمة سياسية حادة، فأطلقت مرارا تصريحات مفادها أنّ حياتها في خطر. وإدراكا منها للألغام المحتملة، فضلت مواجهة قدرها وحيدة فتركت وراءها أفراد عائلتها في المنفى.

إعدام الوالد

ويشكّل اغتيال بينظير حلقة جديدة في مسلسل النهايات المأسوية التي طالت حياة عدد من أفراد عائلة بوتو التي تعتبر من كبارملاك الأراضي بولاية السند والتي يشبهها البعض بعائلة كنيدي الأميركية بالنظر إلى عملية الاغتيال والموت الغامض المشترك بينهما.

فقد اكتشفت بينظير في سن الـ 24 ربيعا الوجه الآخر للسلطة والحياة السياسية في بلادها العام 1977 حين تمت الإطاحة بوالدها ذو الفقارعلي بوتو من قبل الجنرال ضياء الحق، وكانت حينها تنهي دراستها في أوكسفورد أرقى الجامعات البريطانية.

وبعد ذلك بعامين أعدم والدُها على خلفية اتهامات بالتورّط في اغتيال أحد خصومه السياسيين. وقد زاد من وقع تلك المأساة في نفس بينظير التي كانت رهن الاحتجاز أنّ جنازة والدها لم تشيّع بشكل يليق بمقام الراحل الذي ظلت تعتبره مثلها الأعلى.

وبقيت بينظير -التي رأت النور العام 1953- تسعى جاهدة للانتقام لذكرى والدها فدخلت الحياة السياسية من أبواب السجون والمنافي، قبل أنْ تصبح العام 1988 أوّل امرأة تتولى رئاسة الوزراء في بلد مسلم.

لكنّ مشوارها السياسي لم يكن كلّه مسلسل نجاحات، إذ أطيح بها من رئاسة الوزراء مرتين وأصبحت في بعض الفترات ملاحقة قضائيا إلى جانب زوجها آصف زرداري بتهم تتعلق بالفساد المالي قبل أنْ تلج حياة المنافي العام 1999.

مصير الأخوين

إلى جانب بينظير، كان مصير باقي أفراد عائلتها موسوما بالروح التراجيدية. فالأخ الأكبر مرتضى بوتو الذي كان يتوقع أنْ يأخذ المشعل على رأس حزب الشعب اضطر لمغادرة البلاد في أعقاب إعدام الأب، والتنقل بين المنافي مناهضا نشطا للحكم العسكري في بلاده. وقد عاد مرتضى إلى باكستان بعد قليل من الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد العام 1993؛ ليقتل بالرصاص العام 1996 خلال اشتباكات في كراتشي شابها الغموض.

وقبل بينظير ومرتضي كان ابن آخر لذو الفقارعلي بوتو، وهو شاه نواز قد توفي في ظروف لم يحل لغزها بعد، إذ عثر عليه ميتا في شقته بالريفييرا في فرنسا العام 1985.

وبرحيلها تترك بينظير إرثا سياسيا كبيرا يختزل مرحلة حاسمة من تاريخ باكستان، وقد بدأت التكهنات تتداول حول مَنْ ستؤول إليه تلك التركة لمواصلة المشوار في طريق محفوف بالمخاطر؟!

العدد 1942 - الأحد 30 ديسمبر 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً