(أ) أحمد درويش شاعر إشكالي. قلنا هذا الكلام في وقت سابق. إشكالي بمعنى إصراره على الذهاب إلى لغة ومعان لا يفقه كنهها إلا الراسخون في الجنون. هل نحن بصدد مدح هنا. لا أدري.

شعر - أحمد درويش

كلما ناحت شموعك ليل

واستوطن شتا أعماق صدرك بحر

تغرق فيه نبضاتك ظما

جذّف ذراعاتي مواويل وفجر

وأرمي على جغرافيا عشقك

تضاريس الوله

خطوة نبت منها عشب صوت بعيد:-

«ابتسم تلقى الفضا لروحك... بلد.»

ما ارتوى صبح...

_ رسم وجهك على أشجاره _

بضحكاتك

ولا تتكحل نجوم بنور من طيوفك

وتقطف الازهار بك حلم الزحام

وتحتمي من الصيف بضلوعك

يتامى الأشرعه

تسمع نميمة قلبك وظله

هو يحبس بأنفاسك حمام

لي وقف صمتك ورا شباكه وصلى

وحرفك في السما يدفن من الأخضر جسد

طلقت لرياح أغصانه لجل ظنك

يجعل دمعة باقسى صحاري هالمرايا

ولجل خوفك...

يسكب أعذبها بشفايف غيمة

عضت أصابعها بغيظ من الندى

ثم تشتعل بأول طريقك نار

ترقص في الوريد.

حتى تستاحش عصافيرك بإحساس

زرع بآفاقها أحلى المعاني وما حصد!.

وما تشم إلا غبار من الأسى

في مزهريات الغيوب.

موج يقتل بك نوارس هاجعه

وموج يسقي بك نخيل فارعه

والشموس الصم بأحضان الغروب

لو تناديها منارات الدعا

تشكي قناديل المواني.

خارجه من بين أبواب الثواني

همها...

تبحث عن جبين

عصى أرضه وسجد

وطاحت أوراق السطور

انهدمت أسوار الشعر

من فوق هامات الخريف

المستبيح بساعتك خصر وجيد

أغرته ألوان أيامك

تسيل وتنثني بين الرمال

عاريه تغوي قطيع من النعام

وتنثر رماد على القمرا

احتفال حوّل المرعى حطام

وتولد بلحظاتها نفحات عيد

وما لها جناح...

ولا خاطت لها ثوب جديد

كنت - من قبل الربيع المفتخر

ينكح صداي

ويهدي النرجس شوارعه وميادينه - فقير

وصارت عيونك

وهي تلبسني عطورك غناي

لك من اعناقي حبال

ولك من رموشي أغاني

ولك خيول...

ما جرت الا بصهيل من الأمان/ الأماني

لو يصاحب هالسهر

في أكبر آهاته الجليد

بعدها صاحب بأفراحه الحرير

ما يذوب إلا بقطرات الحنان

ولو شربت الكون ناي

عمري يتغلف مع كوني هدايا

عمري يتغلف على كونك...

وعد

(ب) في حديث سابق مع الزميل الشاعر أحمد مطلق، أشار إلى أن درويش شاعر متمكن من أدواته. وهذا ما أقول به. لكن يحدث أحيانا أن تلك الأدوات تقود صاحبها إلى مناطق مغلقة في النص بحيث لا تستطيع اللغة تمرير القيمة واللحظة الشعرية إلى النص لأنها - كما يبدو - تعاني نوعا من الاحتقان في أوردتها.