العدد 1959 - الأربعاء 16 يناير 2008م الموافق 07 محرم 1429هـ

تأكيد على رفض التعصب ودعوة لنصرة «مبادئ الحسين»

الجودر يحاضر عن سيد الشهداءفي جمعية الوسط العربي الإسلامي

تلاقت وجهات نظر المشاركين في ندوة «الإمام الحسين» التي نظمتها جمعية الوسط العربي الإسلامي مساء الثلثاء (15 يناير/كانون الثاني الجاري)، بمقر الجمعية في الحد على تقديم مبادئ نهضة الإمام الحسين بن علي (ع) والانتصار لها، والدعوة إلى مواجهة التعصب بمختلف أنواعه.

واستهل الشيخ صلاح الجودر محاضرته بالإشارة إلى أنّ الحديث عن الإمام الحسين (ع) وثورته واستشهاده سيكون من خارج النسيج المذهبي، موضحا أنه «لن يكون حديثا مذهبيا، لا سنة ولا شيعة؛ لأنّ الإمام الحسين لم يكن سنيا ولا شيعيا ولكن كان حنيفا مسلما؛ لذا ثورته هي القضية واستشهاده هو الموقف».

وتوجّه الجودر بعمق إلى تحديد أزمات، مشيرا بقوله: «أزمتنا الحالية ليست أزمة الحسين، سنيا أو شيعيا (حنيفا مسلما)، وليست بسبب العلاقة بين الصحابة وآل البيت، «تلك أمّة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عمّا كانوا يعملون»، (البقرة:134-141)، لكنه قال إنّ الأزمة الحقيقية تتمثل في ثلاثة أمور: أوّلها أزمة المصطلحات التي استنسخت من كتب التاريخ.. ناصبي- رافضي- مبتدع- ضال- خارج المنهج- خارج النسيج، وثانيها أزمة الفتاوى وهي من زمن الخوارج بما شملته من تكفير وتبديع وتفسيق وضلال، يتحمّلها العلماء والمدارس والحوزات العلمية والمواقع الإلكترونية والمجالس، أمّا الأزمة الثالثة فهي أزمة المصالح الدنيوية السياسية والدينية والاجتماعية.

تساؤلات بعيدا عن المذهبية

وطرح الشيخ الجودرعددا من التساؤلات خارج نطاق المذهبية أو الطائفية: هل استشهاد الإمام الحسين كانت دعوة للوحدة أو الخلاف؟ هل خروج الإمام الحسين من أجل الحكم أو الحق والإصلاح؟ هل كان الإمام سنيا أو شيعيا أو حنيفا مسلما؟ وماذا يعني أنْ يفدي الإمام الحسين أمة جده بروحه ودمه؟ وكيف كانت العَلاقة بين الإمام الحسين وآل بيته بصحابة جده رسول الله؟ وكيف كان الصحابة يُعاملون الحسين وآل بيته في وقت لم يكن هناك تسنن أو تشيّع؟ ثم من المستفيد من تأجيج نارالعداوة والبغضاء بين السنة والشيعة في وقت تواجه فيه الأمّة مخططات التدمير؟.

تجربة هيئة الاتحاد الوطني

وتحوّل في الحديث إلى التجارب التاريخية في البلاد، فأشار إلى أننا لم نشهد سوى حالة واحدة في العام 1953وتم احتواؤها حينما قامت هيئة الاتحاد الوطني بدورها التاريخي، فالساحات في البحرين تشهد على قوة العّلاقة بين الطرفين، السنة والشيعة، والمحرّق أنموذج على التعايش بين الطوائف، رغم محاولة البعض التأجيج بينهما باستنساخ بعض الصورالتاريخية البائسة، ولكن الحمد لله لم يستطيعوا كسر ذلك الجدارالقوي المتماسك، فعاشوراء هي مناسبة دينية ليست للشيعة فحسب بل للسنة أيضا، ففيها ثلاث مناسبات، الهجرة ونصرة موسى واستشهاد الإمام الحسين.

وأضاف بقوله: «هذه الأدواء يجب أنْ تعالج من الداخل، فإنّ الله لا يُغيروا ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم، ويجب إيقاف ثقافة سب الصحابة وأتباعهم، ويجب إيقاف التعدّي على آل البيت وأتباعهم فهم جميعا من منبع واحد هو رسول الله. لذا يجب أنْ نوقف ثقافة السب والتطاول والتشكيك في ذلك الجيل الذي قدّم التضحيات الجسام من أجل الإسلام والمسلمين»، موضحا أنّ الإمام الحسين قتل مظلوما مبغيا عليه وهو حفيد رسول هذه الأمّة، وسيد شباب أهل الجنة، والذي حبه إيمان وبغضه نفاق، نبرأ إلى الله من كلّ فاجر شقي قاتله أو أعان على قتله أو رضي بذلك، ونعتقد أنّ ما أصابه هو كرامة من الله له، وأنه رفعة لقدره، وإعلاء لمنـزلته.

لماذا نقف عند سيرة الحسين؟

وتساءل الجودر: لماذا نقف عند سيرة الإمام الحسين واستشهاده؟ وأجاب: «لإعادة قراءة التاريخ، ومعرفة ذلك الجيل وتضحياته، الاستفادة من تلك الحادثة للوحدة والاعتصام، وأنّ هذه الأمّة هي واحدة رغم اختلاف مذاهبها ومشاربها وتوجهاتها». ثم اتبعه بسؤال آخر: ما هو أشد خطورة ووطأة على هذه الأمّة، التعصب الطائفي أو المذهبي أو القبلي؟ وأجاب: أن سبب قتل الإمام الحسين من أجل إثارة النعرات القبلية، بين بني هاشم وبني أمية، وهذا ما لم يستطع أعداء الأمّة من التغلغل فيه؛ لأنّ هذه الأمّة محصنة من التعصب القبلي؛ لأنّ نبيها قد عالج هذا الداء، حيث جعل المجتمع الإسلامي مجتمعا متكافلا بين طبقاته، السيد والعبد، والغني والفقير، والأبيض والأسود، والعربي والأعجمي، وكان الميزان بينهم جميعا التقوى، لذا جاء الفتح الإسلامي حتى الصين وأوربا وإفريقيا، وكان العلاج النبوي لتلك الأدواء اجتماعيا بالإخاء، (بين الأوس والخزرج، المهاجرين والأنصار، الصحابة وآل البيت)، التزاوج، السكن، العمل، كسر الحواجز الطبقية والتميّز، الفرق بين الحالة المكية والمدينة المنورة (التجارة والزراعة والزواج)، أما العلاج الديني فكان من خلال الصلاة والصيام والحج والتكافل.

المداخلات

واجمعت المداخلات عقب المحاضرة على أهمية ترسيخ المبادئ التي نادت بها نهضة الإمام الحسين، إذ أشارعبدالله الحويحي إلى الحاجة لإظهار حب آل البيت في مثل هذه المناسبات، والتأكيد على أنّ ثورة الإمام الحسين كانت من أجل الانتصار للمبادئ والقيم، وأنها كانت من أجل مقاومة الباطل والظلم، وأنّها كانت ثورة من أجل الأمّة وليس لطائفة دون أخرى، فيما كانت مداخلة عيسى الشارقي تصب في اتجاه اعتبار الحادثة دعوة إلى النظر في التاريخ من جهات مختلفة، وأنّ خروج الإمام الحسين لم يكن من أجل الحكم ولكن من أجل التأكيد على أنّ الحكم يكون بالشورى، وأنّ البيعة بالتراضي.

ومن جهته، قال إبراهيم جمعان: إنّ الحديث عن التعصب بأنواعه الطائفي والمذهبي والقبلي، جميعها أنواع من التعصب المقيت الذي يجب معالجته والتحذير منه، وأنّ الأمّة في حاجة للاستمرار في ذكرى الإمام الحسين.

وفي مداخلة رئيس الجمعية جاسم المهزع استحضارعاطفي، إذ قال إنه لا يختلف اثنان بأنّ الإمام الحسين قتل مظلوما، حتى كتب السنة وعلماؤهم يذكرون هذه الحادثة والجريمة البشعة في حق حفيد رسول الله، وأنها جريمة بشعة بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى، فيما تناول حمد العثمان في مداخلته التنويه إلى سيرة الآل والأصحاب، حيث قال أنه بمثل هذه المناسبة، مناسبة استشهاد الإمام الحسين، يكون الالتفاف حول آل البيت والصحابة كما كانت سيرتهم، بمثل هذا الطرح من تعزيز الثقة يكون العمل المشترك.

لكن مداخلة ثابت الشروقي كانت من قبيل التحسّر على «الوحدة» حيث وصف الوحدة بأنها حلم وردي ولكن هل يمكن تحقيقها في الواقع؟ مردفا: «أنا أشك في ذلك، فالاختلاف كبير، في المرجعيات والمصادر والأحاديث وغيرها، وهذه أمنية يتمناها كلّ مسلم».

العدد 1959 - الأربعاء 16 يناير 2008م الموافق 07 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً