العدد 1971 - الإثنين 28 يناير 2008م الموافق 19 محرم 1429هـ

صعوبة إبرام اتفاق أوروبي - خليجي

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

يبدوا أن الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح فيما يخص مشروع إبرام اتفاق للتجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. ومرد حديثنا توقع نائب رئيس الوزراء ووزير الطاقة والصناعة القطري عبدالله العطية تأخير التوقيع على الاتفاق لعدة شهور أخرى. وكانت التوقعات الأولية قد أشارت إلى احتمال إبرام الاتفاق والذي طال انتظاره لنحو 20 سنة في الأشهر الأولى من العام 2008. وكان العطية قد أدلى بهذه التصريحات في مؤتمر في أبوظبي الأسبوع الماضي.

ضعف التنسيق

وتأييدا لكلام المسئول القطري أشار وزير التجارة والصناعة العماني مقبول بن علي بن سلطان بأن الاتحاد الأوروبي لا ينتهي من وضع شروط جديدة قبل إبرام الصفقة. وأشار الوزير بشكل خاص إلى شكوى الجانب الأوروبي في الوقت الحالي من ضعف التنسيق بين الدول الست الأعضاء في المنظومة الخليجية.

بدورنا نعتقد بأن الموقف الأوروبي الأخير غريب الأطوار وذلك على خلفية تعزيز التنسيق الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي بدليل تدشين مشروع السوق الخليجية المشتركة في بداية العام 2008. بموجب المشروع بمقدور مواطني دول المجلس مزاولة جميع الأنشطة الاستثمارية والخدمية وتداول وشراء الأسهم، وتملك العقارات والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية في الدول الأعضاء. كما يسمح المشروع بحرية تنقل رؤوس الأموال وحقوق التأمين والتقاعد فضلا عن العمل والتوظيف في القطاعات الحكومية والأهلية في جميع دول المجلس.

السوق المشتركة

من شأن تطبيق السوق المشتركة تعزيز مبدأ المواطنة الخليجية في مسائل العمل والإقامة والتجارة. وتشير بعض المصادر غير الرسمية إلى أن التجارة البينية الخليجية تمثل نحو 20 في المئة من قيمة التجارة العالمية لدول مجلس التعاون. بمعنى آخر, فقد وصل التنسيق بين دول مجلس التعاون ذروته في الآونة الأخيرة.

بيد أن ما نخشاه هو أن الاتحاد الأوروبي يتحدث عن مشروع الاتحاد النقدي المزمع إطلاقه في العام 2010. المعروف أن سلطنة عمان قررت عدم الانضمام إلى المشروع الطموح لأسباب خاصة مثل رغبتها في المحافظة على تميزها الاقتصادي في المنطقة (مثل الاستمرار في ربط الريال العماني بالدولار). بل إن موقف عمان ليس غريبا على الاتحاد الأوروبي (قررت بريطانيا عدم الانضمام لمشروع منطقة اليورو).

مفاوضات مطولة

بالعودة إلى الوراء, انطلقت المحادثات بين الطرفين بشأن إنشاء المنطقة الحرة في العام 1988 لكنها فشلت في إحراز تقدم يذكر بسبب إصرار الجانب الأوروبي على الإتيان بأمور جديدة قبل الموافقة على التوقيع على إنشاء منطقة للتجارة الحرة. فقد أدخل الأوربيون في بعض الفترات متغيرات جديدة مثل عدم إساءة استخدام البيئة وضرورة منح الأقليات الموجودة في دول الخليج حقوقهم، وبالتأكيد كانت هناك المسائل الاعتيادية مثل حقوق الإنسان والإصلاح السياسي.

وكان لافتا ما قاله الوزير القطري من أن شركات الاتحاد الأوروبي تفوز بعقود مربحة في دول مجلس التعاون. بالمقابل, تواجه الشركات الخليجية صعوبات في تصدير بعض السلع إلى الاتحاد الأوروبي. والإشارة هنا إلى التعرفة المفروضة على بعض السلع الإستراتيجية من دول مجلس التعاون مثل الألمنيوم والبتروكيماويات. حتى الأمس القريب كنا نعتقد بأن الاتحاد الأوربي تواق إلى أقصى حد ممكن في إنهاء المفاوضات وبالتالي الاستفادة القصوي من الأوضاع الاقتصادية المتميزة في دول مجلس التعاون. ومرد تحسن الأمور الاقتصادية ارتفاع أسعار النفط وبقاؤها مرتفعة منذ عد سنوات. لكن ربما تبين للمفوضية الأوربية بأن بمقدور الشركات الأوروبية الاستفادة من الطفرة النفطية المستمرة في دول مجلس التعاون من دون وجود الحاجة لاتفاق للتجارة حرة وبالتالي قطع الطريق أمام مؤسسات دول مجلس التعاون للعمل من دون قيود داخل الاتحاد الأوروبي. ويعتبر الاتحاد ألأوروبي أكبر تكتل اقتصادي في العالم.

المنافسة الأميركية

وقد تعززت قناعة رغبة الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق مع دول مجلس التعاون بعد إبرام الولايات المتحدة اتفاقا للتجارة الحرة مع كل من البحرين وعمان. لكن يلاحظ بأن الولايات المتحدة نجحت في إبرام صفقات مع أصغر اقتصاد خليجي (البحرين) وثاني أصغر اقتصاد في المنظومة الخليجية (عمان) وليس مع كبريات الاقتصادات الخليجية.

كما تعي المفوضة التجارية الأوروبية بأن دول مجلس التعاون لن تطبق سياسات اقتصادية بهدف حماية بعض الصناعات نظرا لأن الحرية الاقتصادية مسألة أصيلة في الدول الست من دون استثناء. فلا حديث في الأمانة العامة في الرياض حول إجراءات حمائية لحماية قطاع بعينه من المنافسة الأجنبية. بل ينصب الحديث حول فتح المزيد من القطاعات الاقتصادية أمام المنافسة الأجنبية.

أكبر شريك تجاري

يبقى أن الاتحاد الأوروبي على دراية بأن الجانب الخليجي هو من يرغب في إنهاء المفاوضات ولأسباب وجيهة. فمن شأن إنشاء منطقة للتجارة الحرة فتح المجال أمام الصادرات الخليجية على أكبر سوق في العالم (يمثل حجم الناتج المحلي لدول الاتحاد الأوروبي مجتمعة أكبر اقتصاد في العالم أي أكبر من أميركا أو اليابان). يمثل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون الخليجي بينما تمثل المجموعة الخليجية خامس أكبر سوق للصادرات الأوروبية.

يضم الاتحاد 27 دولة وذلك بعد انضمام كل من بلغاريا ورومانيا رسميا في بداية العام 2007. وعلى هذا الأساس يضم الاتحاد الأوروبي كلا من الدول الآتية: النمسا, بلجيكا, بلغاريا, قبرص, جمهورية التشيك, الدنمارك, استونيا, فنلندا, فرنسا, ألمانيا, اليونان, المجر, ايرلندا, ايطاليا, لاتفيا, ليتوانيا, لوكسمبورغ, مالطا, هولندا, بولندا, البرتغال, رومانيا, سلوفاكيا, سلوفينيا, إسبانيا, السويد, المملكة المتحدة.

من شأن إنشاء منطقة للتجارة الحرة تعزيز القوة التفاوضية لدول مجلس التعاون بشأن إبرام اتفاقيات للتجارة الحرة مع كل من الصين والهند. المطلوب من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي العمل بلا كلل أو ملل من أجل التوقيع على اتفاق للتجارة الحرة مع الجانب الأوروبي.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1971 - الإثنين 28 يناير 2008م الموافق 19 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً