أذهلني المصاب واركاني مهدودة لهول الذكرى، ذكرى وفاة يتيمة الحسين السيدة رقية بنت سليل الأنبياء .
للإمام الحسين (ع) بنت صغيرة تسمى رقية تبلغ من العمر أربع سنوات تبكي لفراق أبيها ليلها ونهارها، فرأته ذات ليلة في عالم الرؤيا... رأت أبيها الحسين مضطربا فقامت فزعة من منامها، وقالت: ائتوني بوالدي وقرة عيني، وكلما أراد أهل البيت إسكاتها ازدادت جزعا وبكاء، ولبكائها هاج حزن أهل البيت، ولطموا الخدود، وحثوا على رؤوسهم التراب، ونشروا الشعور واعتلى الصياح.
فسمع يزيد صياحهم وبكاؤهم فقال: ما الخبر؟ قيل له: إن بنت الحسين الصغيرة رأت أباها في نومها وهي تطلبه وتبكي، فلما سمع ذلك قال: ارفعوا إليها رأس أبيها وضعوه بين يديها تتسلى به، فأتوا بالرأس في طبق مغطى بمنديل، فوضعوه بين يديها فرفعت المنديل وضمت الرأس إلى صدرها وهي تقول: يا أبتاه من ذا الذي خضبك بدمائك، يا أبتاه من ذا الذي قطع وريدك، يا أبتاه ليتني توسدت التراب ولا أرى شيبك مخضبا بالدماء، يا أبتاه من ذا الذي أيتمني على صغر سني، يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر، يا أبتاه من لي بعدك، يا أبتاه ليتني كنت قبل هذا اليوم عمياء، يا أبتاه من للعيون الباكيات، يا أبتاه من للضائعات الغريبات، يا أبتاه ليتني لك الفداء.
ثم وضعت فمها على فم الشهيد المظلوم وبكت حتى غشي عليها، حينها قال الإمام زين العابدين (ع): عمة زينب ارفعي اليتيمة عن رأس والدي فإنها فارقت الحياة!
ألم يحرق قلبك بعد معرفة مصاب اليتيمة المظلومة الغارقة بالهموم والأحزان بعد فقد أبيها، إذا علينا تجديد عزاء يتيمة سيد الشهداء وإذراف الدموع بحرقة لمصابها.
فاطمة ادم
العدد 1975 - الجمعة 01 فبراير 2008م الموافق 23 محرم 1429هـ