العدد 1976 - السبت 02 فبراير 2008م الموافق 24 محرم 1429هـ

وزير مستنير!

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

يخطئ من يظن الصحافيين محاصرين بقانون الصحافة فقط. فأغلال المسئولين في الدولة أثقل بآلاف الأطنان من أغلال قانون الصحافة.

في الوقت الذي يحرك الإعلام مفاصل العالم بأسره، ويحرك بوصلة المجتمع والسياسة والاقتصاد، وفي الوقت الذي يقر العالم المتقدم بجدوى الإعلام، وتوأمته الديمقراطية التي تتحول إلى دكتاتورية عندما تُغل يد الصحافة، تجد المسئولين من وزراء وما دونهم ينتشون نشوة الثمل وهم يتفننون في كبح جماح الصحافيين وهم يمارسون مهنتهم التي اعتقدوا أن لها موطئ قدم على خريطة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك.

عندما سمعت «الوسط» غرق الباخرة الهندية بالقرب من المياه الإقليمية للبحرين هُرِعَت إلى مكانين. الأول وزارة الداخلية، والثاني وزارة الصحة لمتابعة الحدث أولا بأول. وما يؤسف له أنها رأت «الصحة» داخلية، و«الداخلية» صحة!

كانت وزارة الداخلية حريصة كل الحرص على تزويد الصحافة بالمعلومات أولا بأول، وفتحت أبوابها للصحافيين، ورحبت بهم، على حين أوصدت وزارة الصحة أبوابها في وجوه الصحافيين واحتقرتهم، وأدارت لهم ظهرها ضاربة توجيهات القيادة السياسية بالتعاون مع الصحافيين عرض الجدار، ومثّلت دور أمن الدولة ببراعة فائقة. فكلما تتصل بمسئول زادك على سابقه. فكانوا جميعهم يتنافسون في محاصرة الصحافيين وكأن جائزة تنتظر الأبرع منهم، وهم عليها يتنافسون!

في اتصال بأحد المسئولين المعنيين بشئون الإعلام في الوزارة، والذي يبدو أنه حينها لم يفق من نومه بعدُ رفض إعطاء الإذن بدخول الصحافيين للحديث مع الناجين؛ بدعوى مبدأ السرية! وهي الشماعة الواهنة الواهية التي تعلق عليها وزارة الصحة مبررات عدم تعاونها مع الصحافيين في مرات عدة، وربما سترد على مقالي هذا بالذريعة نفسها وحينها لنا حديث آخر.

ما كان مذهلا أننا اتصلنا بوزير الصحة نفسه داعينه لنصرة توجيهات جلالة الملك المتكررة بدعم الصحافة وفتح الأبواب لها وتمكينها من القيام بمهمتها، إلا أننا لم نجد ردة فعل تختلف عن سابقه وهو مما يؤسف له.

يبدو أن القانون المستنير الذي دعا إليه جلالة الملك لن يغير كثيرا مع عدم وجود مسئولين مستنيرين قادرين على فهم متطلبات المرحلة، فلايزال عدد منهم غير مستوعبين أن الصحافة شريك لا يمكن إغفاله. ولا أعرف هل تحررت الكلمة من زنزانة أمن الدولة لتدخل في محجر وزارة الصحة؟

عارٌ وأيُّ عارٍ أن يسمح للصحافة باقتحام دخان الحروب، والتجوال بين الدبابات والأشلاء، وتمنع من تصوير سرير في دائرة «طوارئ السلمانية»! وكأنها غرفة عمليات البنتاغون! فحتى غرف البنتاغون عندما زرت أميركا العام الماضي تجولت فيها بكاميرتي الصحافية!

للأسف، إن مبدأ السرية الذي تتحدث عنه الوزارة تعرف في أي غرف من مجمع السلمانية الطبي يُنتَهك! وليتها تدخر الوقت الذي تصد فيه الصحافيين للبحث عن تلك القصص المخجلة التي تذبح فيها السرية من الوريد إلى الوريد يوميا بمرأى الجميع ومسمعهم. وليتها بدلا من تسخير المعنيين بالإعلام في الوزارة للتفنن في محاصرة الصحافيين أن تسخّر وقتهم في استقصاء الوضع المخجل لمستوى الخدمات الصحية التي لا تصلح أن تقدم إلى الحيوانات في مستوصفات البيطرة في الدول المتقدمة!

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 1976 - السبت 02 فبراير 2008م الموافق 24 محرم 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً