العدد 1994 - الأربعاء 20 فبراير 2008م الموافق 12 صفر 1429هـ

من المطالبة بالاستقلال إلى الرضا بحدود الهامش

فايز سارة في «أقليات في شرق المتوسط»

ينتهي الكاتب السوري فايز سارة في خاتمة كتابه «أقليات في شرق المتوسط» إلى التأكيد أنه في ما عدا الأقلية الكردية التي تتركز في العراق وإيران وتركيا، والتي تسعى إلى إقامة كيان سياسي، تبدو مطالب بقية الأقليات في شرق المتوسط «أقل تواضعا من مطلب إقامة دولة قومية»، إذ تختصر هذه المطالب في المطالبة بحقوق سياسية وثقافية لبعض الأقليات، فيما تغيب حتى هذه المطالب عند أقليات أخرى.

ويقسم فايز سارة الأقليات في دراسته التي نشرتها دار (مشرق - مغرب) للخدمات الثقافية والطباعة والنشر وصدرت في 141صفحة من القطع المتوسط، وتناول فيها بالدرس موضوع «الأقليات في شرق المتوسط»، يقسمها إلى أقليات متوطنة شكلت منذ آلاف السنين جزءا من شعوب المنطقة ومعالمها الثقافية، وأقليات وافدة وهي في غالبيتها أقليات مهجرة، معتبرا أن مختلف هذه الأقليات بصنفيها أثرت في منطقة شرق المتوسط حضاريا وتاريخيا وحتى ديمغرافيا، مقدما في الوقت ذاته عرضا لبعض ملامح سياسات دول المنطقة في التعامل مع هذه الأقليات.

ويشير الكاتب في هذا الخصوص إلى أن بلدان منطقة شرقي المتوسط التي استوعبت هذه الأقليات القومية المهجرة، شهدت إقامة دول لغالبية هذه الجماعات التي استفادت من «الفسحة التاريخية - الحضارية» التي قدمتها دول المنطقة إلى الآخر المختلف أثنيا ولغويا ودينيا وحتى طائفيا والتي مكنته بموجبها من مكان داخل كياناتها السياسية.

وترتكز دراسة سارة للأقليات على خمس جماعات قومية هي على التوالي: الأكراد، الشركس، التركمان، الأرمن والآشوريون. سعى إلى تقديم أصولها التاريخية وظروف تموقعها في المنطقة إضافة إلى توزعها الجغرافي وواقع الثقل السياسي والاجتماعي الذي تمثله في مختلف البلدان التي تتركز فيها في الوقت الحاضر. ويذهب في عرضه لمميزات هذه الطوائف إلى التأكيد بأنها جميعا تسعى إلى الحفاظ على صلتها الوثيقة بتراثها وعاداتها وتقاليدها وتعزيز انتمائها القومي والثقافي على الرغم من اندماجها داخل المجتمعات التي تعيش فيها ومطالبة الكثير منها بحقوقها المدنية باعتبارها عنصرا من العناصر المكونة للنسيج الديموغرافي لشعوب منطقة شرق المتوسط.

على أن الكاتب يقر في دراسته التي أثار فيها موضوع الأقليات بأن إثارة هذا الموضوع لا يعدو أن يكون «جزءا من محاولة فهم موضوعي لواقع الأقليات وعلاقاتها في المنطقة، ومحاولة لرؤية المستقبل في أبعاده المختلفة».

وللإشارة فقد عرف عن الكاتب السوري فايز سارة اهتمامه بموضوع الأقليات القومية ودفاعه عنها ومطالبته بتمكينها من حقوقها الكاملة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المجتمعات التي تتركز فيها. كما يعتبر من أبرز الإعلاميين الناشطين في الدفاع عن حقوق الإنسان والتعددية السياسية في المجتمعات العربية كافة.

العدد 1994 - الأربعاء 20 فبراير 2008م الموافق 12 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً