من سحر إلى سحر كانت أعمال ستة فنانين بمعرض في مجمع العالي تسبح بالمتفرجين كأنها أمواج تعلو وتهبط، تأتي بنفحات باردة ودافئة، وهو التأثير الذي حققه المزج بين ست خبرات، لستة فنانين، آثروا أن يقدموا ما هو جديد في تجاربهم خلال هذا المعرض الحيوي، الذي أخذ يتفاعل مع زوار المجمع المتفاعلين مع ما كان يعرض.
المعرض الذي احتضنته أروقة مجمع العالي، قدم فيه عدد من الفنانين جملة من أعمالهم وتصوراتهم الفنية المختلفة، والنابعة من رؤى ومدارس متنوعة في الفن، إذ شارك فيه كل من الفنانين: زمان جاسم من السعودية، جعفر العريبي، علي خميس، عباس الموسوي ومحمد المهدي من البحرين، إلى جانب الفنانة الألمانية ماريون لباني، التي عملت على التنسيق والإعداد لتقديم هذا المعرض.
المنظمة لهذا المشروع المتميز ذكرت أن المعرض كان أداؤه وحضوره ممتازين، الذي زاره الكثيرون وأعجبوا بالأعمال المقدمة فيه، وهو ما يحقق الهدف من تقريب الفن للزائر العادي ودخوله إليه في أماكن تردده، إذ ذكرت ماريون أن عملها «يرتكز على ثيمات مختلفة، إحداها ثيمة البحرين، التي ركزت عليها خلال السنوات الماضية، وذلك لاستعراض ثقافات الدول العربية التي لفتت نظري حينما أتيت للبحرين بما فيها من ثقافة وتاريخ، وهو ما عكسته في أعمال تصور الحياة العربية، فيما كانت هناك مجموعة بثيمة الأزهار التي عرضتها بصورة مختلفة».
الفنان جعفر العريبي ذكر أن فكرة المعرض تتلخص في «استضافة مجموعة من الفنانين لإقامة معارض في أماكن مفتوحة، إذ أقيم المعرض الأخير في مجمع العالي، والذي سبقه في منتجع بنيان تري، فيما كان الأول بفندق الخليج، فالفكرة تعتمد على العرض ضمن أماكن مختلفة ومفتوحة، بهدف تقريب الأعمال الفنية والمعارض لجمهور مختلف، بمعنى أن المعارض التي تقام في صالات مغلقة جمهورها معروف، وهذه الأماكن المفتوحة فرصة للتعريف بالفنان البحريني وأعماله لشريحة مختلفة من الجمهور، على سبيل المثال الزائرون للبحرين في فترات قصيرة يزورون أماكن مختلفة عن أماكن العرض التقليدية فهي فرصة للتقريب بين الفنان والجمهور».
وذكر العريبي عن مجموعة الأعمال التي يقدمها في هذا المعرض أنها «أعمال حديثة، لكنها مجموعة مختارة للعرض بهدف التقريب، فهي امتداد لتجربتي السابقة التي تهدف للوصول إلى الجمال مع نسبية الجمال الموجودة، فعرضت مجموعة من الأعمال التجريدية تشتغل على ثيمة الجمال نفسها، بالإضافة إلى 5 أعمال فيها تشخيص من خلال الموناليزا ومارلين مونرو اللتين أيضا تصبان في قضية الجمال، فيما نفذت معظم الأعمال من خلال الرسم بالزيت على القماش، وكانت التقنية تلعب دورا في إنجاز أعمالي وهي تقنية أستخدمها منذ فترة في بحث مستمر للموضوع نفسه».
ووجد الفنان البحريني محمد المهدي أن هذه التجربة كانت مفاجئة له، ولم ير أنه استعد لها بما فيه الكفاية، إلا أنه وصفها بأنها «تجربة جميلة، وذلك لأنني أعمل مع أناس يختلفون معي في الانتماء إلى جمعيات مختلفة ولهم رؤى مختلفة»، مضيفا «المنظمة لهذا المعرض ماريون لباني دعتني للمشاركة، وحينما وصلتني الدعوة عرضتها على البارح غاليري، الذين أبدوا رغبة بالمشاركة، وقد حضرت لهذا المعرض خمسة أعمال، كان ثلاثة منها من إنتاجي في العام 2007، وعملان قمت بعملهما في 2008».
وحول ما يقدمه المهدي في هذا المعرض يقول: «هذه المرة أقدم شيئا مختلفا عما قدمته في السابق من ناحية الموضوع، وذلك بتقديم تجسيد للفرح في لوحات تعبر عن ذكرى زواجي، العروس والمعرس، باستخدام ألوان فرائحية وتوظيف البياض، هذا الأسلوب الذي اتخذته وأعمل عليه الآن لعلّي أصل إلى المستوى المطلوب، من خلال تصوير الفرح كما ذكرت لرسم أحلام مشتركة مثل العيش في بيت فيه مزرعة وأحلام جميلة أخرى».
الفنان عباس الموسوي الذي كانت له أيضا لمساته الجميلة في ذلك المعرض قد استقطع من وقته بضع دقائق ليحدثنا عن مشاركته في المعرض قائلا: «في هذا المعرض أجسد لوحات عن الأسواق القديمة والحواري والبيوت والمقاهي الشعبية، وكأني أسترجع عبق الماضي والتاريخ الطويل الذي عشناه في كنف جدي حينما كان يعمل في سوق الخضرة، والذي كنت ألازمه دوما خلال فترات الفراغ، هذا الانطباع وضعته في مئات اللوحات التي يفتن بها الأجانب بشكل خاص، وصارت بالنسبة لي أشبه ببصمة، والتي اشتغل فيها الفنان عبدالوهاب الكوهجي لفترات، ولكنني أمضيت فيها نحو 20 عاما من العمل على تجسيد وتأصيل الأماكن التي تزول كل يوم بفعل العمران، ولا تزال محببة للنفس».
ويصور الموسوي كما ذكر سوق البهارات وسوق الصفافير وسوق الخضرة وسوق الكَراشية، وقد أضاف معلقا على مجموعة أعماله «أنا أضيف لأعمالي نكهة (سبايسي)، ففي سوق البهارات لزمني لون أصفر، فاستخدمت الكركم لأستخرج هذا اللون، وطبعا في المعرض كل لوحة لها سمة، فلي لوحات تمتاز بالزرقة لأنها في المساء، ولوحة تمتاز بالاصفرار لأنها في سوق الصفافير، وهناك نحاسيات يحيكها نوع من القدم، وكأنما هي دور معتقة، جدرانها تتهدم حينما تلمس، إلى جانب استخدامي الاضاءات التي تسقط من الرفوف والأسقف لأضعها على أجساد المارة والحركة التي تحقق هارمونية أكثر»
العدد 2288 - الأربعاء 10 ديسمبر 2008م الموافق 11 ذي الحجة 1429هـ