العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ

رائد في اللا عنف

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

احتفاء بالذكرى العشرين لوفاة عبدالغفار خان، أقامت حفنة صغيرة من المفكرين الأفغان صلاة تذكارية على ضريحه. إلا أن الجمعيات الثقافية في المنطقة وفي أوروبا تخطط لعدد من الاحتفالات في ذكرى الزعيم البشتوني اللاعنفي.

يصف أستاذ الأدب الهندي إخناث ايزواران، الذي ألف كتابا عن المهاتما غاندي وعبدالغفار خان، الرجلين بأنهما «حليفان في ثورة الروح البشرية ورائدان في ثقافة السلام».

يبدو في الواقع أن فلسفة خان في «إسلام لا عنفي» لم تفقد أي قدر من جاذبيتها ووثاقة صلتها اليوم، ليس فقط في هذه المنطقة التي تمزقها الحروب وإنما في أرجاء العالم كافة.

ولد خان العام 1890 في تشارسادا قرب بيشاور في القطاع الشمالي الغربي من شبه القارة الهندية الذي كانت تحتله بريطانيا. وكان من أسرة محمدزاي العريقة البشتونية التي كان زهير شاه، آخر ملوك أفغانستان، ينتمي إليها. نشأ خان ليصبح رائدا في اللاعنف في منطقة تسودها الحروب. ولايزال البشتون يحترمونه اليوم ويسمونه «بادشاه خان» أي ملك الزعماء.

في العام 1910 (عندما كان يبلغ العشرين) كان خان قد بنى مدرسة قرب أتمانزاي في المنطقة الشمالية الغربية لما يسمى اليوم باكستان. ثم قام بعد ذلك بتأسيس جمعية الإصلاح الأفغانية، ونشر مجلة «بشتون» بهدف الوصول إلى الجماهير تحت الحكم البريطاني.

اختتمت هذه الجهود بإنشاء «خدام الله» في عشرينات القرن الماضي، وهو جيش من عشرات الألوف من البشتون غير المسلحين الذين اقتصر نشاطهم على المقاومة السلبية من خلال العصيان المدني. وقد كانوا يلبسون اللون الأحمر الصارخ إعرابا عن الاحتجاج، الأمر الذي جعل البريطانيين يطلقون عليهم اسم «القمصان الحمراء».

في قمة الاحتجاجات ضد السيادة البريطانية في شمال غربي الهند، قامت القوات البريطانية بإطلاق النار على المتظاهرين العزل يوم 23 أبريل/ نيسان 1930، فقتلت المئات.

إلا أنه بعد ذلك الحدث اختار الجنود البريطانيون التمرد حتى لا يتسببوا بحمام دم آخر. في مهرجان الحكواتي في بيشاور، تجاهل الجنود أوامر إطلاق النار. ويعتبر هذا الحدث اليوم نقطة تحول في الصراع من أجل استقلال الهند. وقد أمر الملك جورج السادس بنفسه بإجراء تحقيق في الحادث.

«العمل من دون أنانية، والإيمان والحب»، صفات تشكل جوهر الإسلام، كما بشر بادشاه خان. كان يؤمن، كخادم لله، بأن الله تعالى لم يكن بحاجة إلى الخدمات، وإنما تشكل خدمة خلقه خدمة له.

عند الانضمام إلى الحركة يقسم الأعضاء على «مسامحة من يظلمهم أو يعاملهم بقسوة». وإضافة إلى ذلك، يفرض على كل عضو «اتباع حياة بسيطة» والقيام بخدمات اجتماعية لمدة ساعتين يوميا على الأقل.

عاش بادشاه خان بحسب تعاليمه وعقيدته. يصف الإعلامي الأفغاني المشهور زارين أنزور، الذي قابل بادشاه خان وحضر جنازته فيما بعد، بأنه «شخصية ذات مبادئ وأنه يبقى صادقا مع مبادئه حتى يوم وفاته».

وكرس بادشاه خان، إضافة إلى الكفاح من أجل وحدة البشتون وحريتهم، طاقاته لتحقيق الإصلاحات الاجتماعية والثقافية، وكان يؤمن بأنه «يتوجب على البشتون الذهاب إلى المدارس حتى يتعلموا وأنه يتوجب عليهم أن يفعلوا ذلك بلغاتهم». ونتيجة لهذا المبدأ، وعلاقته الوثيقة بحركة التحرر الهندية بقيادة المهاتما غاندي، سُجن بادشاه خان عدة مرات من قبل الحكومتان البريطانية والباكستانية، وقضى الكثير من سنواته الـ98 في السجون البريطانية والباكستانية. وقد أسمته منظمة Amnesty International «سجين السنة» في العام 1962.

مازال يتمتع حتى اليوم باحترام الكثيرين في أفغانستان وباكستان والهند، ويطلق عليه في أفغانستان أحيانا «فخر الأفغان». وقد كرّمته الهند العام 1987 على أنه أول رجل غير هندي يتسلم أرفع تكريم مدني، وهو جائزة بهارات راتنا.

توفي بادشاه خان في 20 يناير/ كانون الثاني 1988، وهو قيد الإقامة الجبرية في منزله ببيشاور، ودفن بحسب رغبته في مدينة جلال آباد في أفغانستان.

للمرة الأخيرة، سار عشرات الآلاف من أتباعه في مسيرة جنائزية نيابة عنه عبر ممر خيبر من بيشاور إلى جلال آباد.

*صحافي مستقل مركزه ألمانيا، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً