العدد 2009 - الخميس 06 مارس 2008م الموافق 27 صفر 1429هـ

الكيس البيئي

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

تم الإعلان رسميا من قبل أكبر متجر تسوق في البحرين عن خطة عمل للتوقف عن منح المتسوقين أكياس بلاستيك مجانية لوضع المشتريات بعد إتمام عملية التبضع. المتجر اجتهد ووفر البديل الصديق للبيئة ألا وهو شراء المستهلك لأكياس مصنوعة من مادة الخيش (jute) وبالتالي من المفترض إعادة استخدامها لمدة طويلة من قبل المتسوق.

من خلال رؤيتنا لهذه الحركة العملية من قبل المتجر والتي ستبدأ مع بداية شهر يوليو/ تموز المقبل فإن هذه الخطوة تحمل في طياته أمرين رئيسين: الأول اهتمام القطاع الخاص بالشأن البيئي وخدمة المجتمع المحلي، والثاني إرغام المستهلكين على دفع ضريبة «غير مباشرة» الى الحكومة.

المشكلة الأساسية في هذه الأكياس البلاستيكية ينبع من أنها مصنوعة من مواد بتروكيماوية وبالتالي من الممكن أن تبقى مئات السنين في مدافن القمامة (landfill site) قبل أن تتحلل وقد تلوث المياة الجوفية والتربة خلال تلك المدة الطويلة، بالإضافة الى ان الكثير من الثدييات في البر والبحر تعتبرها مواد غذائية وبالتالي تسبب سمية تلك الأكياس في القضاء على مئات الآلاف من السحالف والأسماك سنويا بطريقة غير متحضرة. وأخيرا الإستهلاك غير المبرر للأكياس يؤثر أيضا على ظاهرة الإحتباس الحراري فهي مصنوعة من الهيدروكربونات وبالتالي يؤدي صناعتها الى انبعاث غازات الدفيئة.

يعتقد بعض المتسوقين أنه من حقهم أن يأخذوا مجانا الكثير من الأكياس البلاستيكية عند شراء أية سلعة إستهلاكية بل هناك الكثير من الأمثلة غير المسئولة فمثلا صاحب المتجر المتواضع يعرض وضع «كيس الروتي»، داخل كيس بلاستيكي آخر وهلم جرا.

لذلك قد لا نستغرب إذا صرح أحد الباحثين البيئيين عن وصول استهلاك البحرينيين لمئات الملايين من الأكياس البلاستيكية فمتوسط الاستخدام العالمي لكل متسوق يتفاوت من دولة لآخرى ولكنه في نطاق 200 - 900 كيس في السنة وبما أننا قد وصلنا الى المليون نسمة فإنه من المتوقع ان يكون الاستهلاك طرديا وبالتالي الوصول الى نطاق 200 مليون كيس كل عام على الأقل. لذلك نشجع هذه الخطوة المسئولة من قبل القطاع الخاص.

القرار الذي لا نؤيده هو دفع المبالغ المحصلة حصريا الى جهة حكومية هي الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئية والحياة الفطرية. حسب تقديرنا فإن مجموع هذه المبالغ قد تصل الى عشرات بل مئات الآلاف من الدنانير سنويا، إذ تقدر القيمة المضافة الى فاتورة المستهلك من نفس الشركة في دولة الإمارات نحو 25 فلسا لكل كيس بلاستيكي وهناك إمكانية أن تفرض الشركة قيمة مماثلة للمستهلك في البحرين. في اعتقادنا ان المال يجب توزيعه على الجهات الأهلية فهناك الكثير من الجمعيات البيئية النشطة والمساهمة في خدمة المجتمع بمشاريع مفيدة وهي محاسبة ومساءلة من قبل الحكومة بشفافية في تقاريرها المالية السنوية.

في الجانب الآخر، هناك حاجة من البرلمان لتشريع قوانين لتنظيم فرض رسوم على القطاع الخاص لتحصيل رسم قد نسميها «ضريبة البلاستيك». هذه الفكرة تم تطبيقها بنجاح في الجمهورية الأيرلندية ونتج عنه خفض إستخدام الأكياس البلاستيكية بنسبة 94 في المئة بعد حملة توعية مكثفة.

تغيير السلوك والعادات اليومية ليس بالأمر الهين فالبحرين نجحت في إجبار سواق السيارات في استخدام أحزمة السلامة واستخدام البلوتوث، فما المانع لعدم نجاح مشروع الكيس البيئي؟

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2009 - الخميس 06 مارس 2008م الموافق 27 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً