العدد 2290 - الجمعة 12 ديسمبر 2008م الموافق 13 ذي الحجة 1429هـ

ضرورة عودة الأموال العربية المهاجرة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تناقلت وكالات الأنباء ملخص دراسة تحليلية أعدها مركز البحوث والدراسات في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، تناولت حجم الاستثمارات السعودية المهاجرة، وتأثيرات الأزمة المالية العالمية عليها، إلا أنه «لا توجد تقديرات دقيقة لحجم الاستثمارات السعودية المهاجرة إلى الخارج، إلا أن معظم التقديرات تشير إلى أنها يمكن أن تصل إلى ما بين 800 مليار وتريليون ريال... (مؤكدة أنها) قد منيت بخسائر فادحة في ضوء امتلاكها العديد من الأسهم والسندات الخاسرة أو الفاسدة الآن».

وخلصت الدراسة إلى «احتمال وجود تأثيرات سلبية على قطاع المصارف المحلية، لأن الأزمة أساسها مالي وانعكاسها سيكون ماليّا أيضا».

إلى جانب ما يمكن أن يقال بشأن ما ورد من استنتاجات في تلك الدراسة، والقضايا التي أثارتها، والأمور التي لفتت إليها، لكنها في الوقت ذاته، تسلط الأضواء على، أو بالأحرى تقودنا إلى، مجموعة من الاستنتاجات التي هي أكثر شمولية وأوسع نطاقا من الأموال السعودية، تلك هي الاستنتاجات ذات العلاقة بالأموال العربية في الخارج. ويمكن حصر البعض منها على النحو الآتي:

1 - التستر على الأزمة، فعلى امتداد ما يزيد على أحد عشر شهرا، لم يتوقف المسئولون، بمن فيهم رؤساء مراكز دراسات تدعي العلمية والموضوعية، عن إمطار المواطن العربي بسيل من التصريحات والتطمينات، وكانت جميعها، تؤكد «متانة المجالات التي استثمرت فيها الأموال العربية».

وتدعو ذلك المواطن إلى نبذ أية «شكوك من شأنها الطعن في صحة وجهة تلك الأموال العربية، وسلامة قناة الاستثمار التي أوصلتها إليها».

2 - موعد متأخر لإعداد الدراسة، وأكثر تأخرا موعد إعلانها. فاليوم، أفصحت معظم، إن لم يكن جميع، المؤسسات التي ضربتها موجة الأزمة المالية عن أوضاعها المتهاوية، ولم يعد بإمكان المساهمين، أفرادا أو مؤسسات، المحليين القريبين من تلك المؤسسات، فما بالك بالمستثمرين الأجانب، ومن بينهم العرب، تدارك الأمر أو درء الخسارة الناجمة عن تلك الأزمة، بل لم يكن في وسعهم تقليل تلك الخسائر بشكل علمي وموضوعي.

3 - موسمية الدراسة، فمثل هذه الدراسات، وخاصة أنها تخاطب من هم في مواقع صنع القرار، ينبغي لها أن تكون ذات وتيرة دورية تمد ذوي العلاقة، وعلى نحو دوري بأوضاع الأسواق التي تعمل فيها تلك الأموال، كي يكونوا على بينة، وفي الأوقات المناسبة، بما يمنحهم فرصة التفكير السليم، والوصول إلى القرار الحكيم الذي بوسعه تحريك تلك الأموال، نحو الوجهة الصحيحة، وعبر القنوات المناسبة، لاختيار الأسواق التي لا تعاني من أزمات أو على أبواب أزمة قريبة متوقعة.

4 - ليست هناك تقديرات حقيقية للأموال العربية المهاجرة، وكل ما كشفت عنه الدراسات، لا يعدو كونه تخمينات، مهما بلغت درجة الدقة فيها، تبقى بعيدة عن الرقم الصحيح، فهناك مغالاة في البعض منها، ولا يخلو البعض الآخر من محاولات واعية لتحجيمها وخفض القيمة الحقيقية لها.

5 - ليست لدى أية جهة، إقليمية عربية فكرة صحيحة عن المؤسسات التي أقنعت الأموال العربية بالاستثمار في الخارج، أو القنوات التي نصحت تلك المؤسسات بأن يتم الاستثمار العربي في الخارج عبرها. ومعظم المعلومات المتوافرة عن تلك القنوات مصدرها دراسات قامت بها مؤسسات غير عربية، ومحصورة لدى فئات استثنيت منها المؤسسات المالية العربية أو القطرية ذات العلاقة. تكتسب معرفة تلك المؤسسات، أو القنوات، أهميتها، كونها تمدنا بالقدرة على تقييم مدى دقة تلك المعلومات وسلامة نية الجهات التي قامت بتوفيرها من جهة، وتقدير سلامة تلك القنوات ومستوى الثقة في كفاءة أدائها من جهة ثانية.

6 - لا توجد دراسة علمية حصرية شاملة، على اطلاع مباشر، بمجالات، أو بالأحرى القطاعات التجارية أو الصناعية أو الخدماتية التي تم استثمار تلك الأموال فيها، ومن ثم يصعب على المؤسسات العلمية العربية، ذات العلاقة، أو صاحبة القرار المستقل، إصدار حكم علمي دقيق ومتزن، بشأن الجدوى الاقتصادية لتلك الاستثمارات أو تقدير العائد الاستثماري من ورائها، ومقارنته مع المردود الاستثماري، فيما لو وظف في مجالات أو قطاعات أخرى.

7 - عدم الاستفادة من تجارب الماضي، فقبل ما يربو على سبع سنوات، وفي أعقاب حوادث 11سبتمبر / أيلول 2001 في الولايات المتحدة، ارتفعت الأصوات العربية المنادية بسحب الأموال العربية من الأسواق الأميركية، التي كانت حينها لا تعاني من أية أزمة اقتصادية، لكن القرارات التي أصدرتها مؤسسات أميركية، مالية وسياسية، جميعها دقت نواقيس الخطر، محذرة العرب المالكين لتلك الاستثمارت بأخذ الحيطة والحذر عند دخول تلك الأسواق. لكن الأمر لم يستمر سوى بضعة أشهر كي نكتشف «عودة حليمة إلى عادتها القديمة»، وشهدنا تدفق المزيد من الأموال العربية نحو تلك الأسواق، تحت مزاعم واهية، ومبررات غير منطقية.

يشار هنا، ووفقا لتقديرات رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة للبلاد العربية رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية خالد أبو إسماعيل في العام 2002، أي قبل الطفرات الأخيرة التي عرفتها أسعار النفط خلال السنوات الأربع الماضية، تبلغ قيمة الأموال العربية في الخارج ما يربو على 800 مليار دولار. ومن حق المواطن العربي أن يسأل: متى تعود هذه الأموال المهاجرة إلى أوطانها التي هي في أمس الحاجة إليها؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2290 - الجمعة 12 ديسمبر 2008م الموافق 13 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً