العدد 2018 - السبت 15 مارس 2008م الموافق 07 ربيع الاول 1429هـ

الاستثمارات الخليجية في المصارف الغربية تخفف أزمة «الرهن»

أثرت أزمة القروض العقارية الأميركية بشكل مباشر على ألمانيا. هذه الأزمة كانت ستكون مرتبطة بعواقب أكثر سلبية لو أن الاقتصاد الألماني يعيش في حالة ركود حاليا. لكن حالة الانتعاش الاقتصادي خففت من وطأتها، كما أن استعداد المستثمرين الآسيويين والعرب للاستثمار في القطاع المصرفي الأوروبي ساهم في تلافي نتائج كارثية لها.

وعلى سبيل المثال أعلن بنك يو بي إس السويسري (ثاني أكبر بنك في أوروبا) أن مستثمرين من سنغافورة وعلى ما يبدو من السعودية سيستثمرون حوالي 13 مليار فرنك سويسري في البنك، وذلك لدعم موازنته التي تضررت بحوالي 10 مليارات فرنك نتيجة للأزمة الأميركية. وجاء ذلك بعد أيام من إعلان سيتي بنك الأميركي بيع 4,9 في المئة من أسهمه لصندوق استثماري تابع إلى إمارة أبو ظبي بقيمة 7,5 مليارات دولار في أعقاب أزمة القروض العقارية. ومنذ ذلك الحين تزايدت وتيرة النقاش في الأوساط السياسية والاقتصادية الألمانية بشأن دور المستثمرين الأجانب. فبينما يرحب قطاع المصارف الخاصة بهذه الاستثمارات يحذر بعض السياسيين منها ويدعون إلى حماية الاقتصاد الألماني من استحواذ صناديق استثمارية توجهها دول أجنبية على قطاعات حيوية فيه.

وتنتهج بعض الأوساط الاقتصادية، التي تمثلها صحيفة «هانديلسبلات» الاقتصادية الألمانية سياسة مدافعة عن فتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية، حتى أن الصحيفة دعت إلى بيع قطاع المصارف الألمانية التابعة إلى الولايات والبلديات الألمانية إلى الصناديق الاستثمارية التابعة إلى الدول الأجنبية (الصناديق الوطنية). وتعاني المصارف الألمانية المذكورة من أزمة حادة كادت تطيح ببعضها إثر أزمة القروض الأميركية. وكان قد ساد ألمانيا منذ منتصف 2007 نقاش بشأن سبل مراقبة الاستثمارات الأجنبية وخصوصاص الصناديق الوطنية التي يتزايد دورها في الاقتصاد العالمي يوما بعد يوم.

ومؤخرا أعلن صندوق دبي إنترناشونال كابيتال رغبته في زيادة نشاطاته الاستثمارية في كبرى الشركات الألمانية، ويبدو أن خطط هذا الصندوق وغيره قد أيقظت بعض السياسيين والاقتصاديين الألمان للمطالبة بحماية الاقتصاد الألماني. ويقف على رأس السياسيين المطالبين بحماية الاقتصاد الألماني رئيس وزراء ولاية هسين المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي رونالد كوخ. ويقول كوخ، الذي يميل إلى الشعبوية إنه «يجب مراقبة عمل الصناديق الوطنية ومعرفة نواياها قبل السماح لها بالاستثمار في قطاعات الاقتصاد الرئيسية في ألمانيا». لذلك تدرس الحكومة الألمانية حاليا ورقة قدمها كوخ تسمح للحكومة الألمانية بإلغاء عملية الاستثمار الأجنبي في حال تعدت نسبة 25 في المئة من أسهم الشركة الألمانية.

وحصل هذا الاقتراح على دعم من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. ولكن قيام الصناديق الوطنية بإنقاذ المصارف الغربية في وقت لم يجرؤ فيه أي من المستثمرين من القطاع الخاص على مثل هذه الخطوة ساهم في خلق وعي إعلامي ألماني بأهمية الدور الإيجابي الذي تلعبه الصناديق التابعة لدول أجنبية. وخلال العام 2007 نشأ في ألمانيا لوبي يعمل على الحد من تزايد تأثير المستثمرين الأجانب في ألمانيا. ويبدو أن هذا اللوبي يدور حول فلك شركة طيران لوفتهانزا الألمانية وشركة فرابورت، التي تدير مطار فرانفكورت المملوكة جزئيا من قبل ولاية هسين التي يرأسها رونالد كوخ. وتحذر «لوفتهانزا» بين كل فترة وأخرى من الدور المتزايد لمطار دبي وشركة طيران الإمارات وتأثير نموهما على زيادة البطالة في ألمانيا. كما يدعو بعض السياسيين إلى وضع قطاع النقل الألماني تحت حماية خاصة. إلا أن هذا اللوبي يبدو عاجزا أمام تطور النظام المالي العالمي واتجاه مركز ثقله نحو الشرق. ومن الملاحظ أنه بعد استثمار أبوظبي وسينغافورة في كبرى المصارف الغربية تضاءلت حجج المؤيدين لحماية الاقتصاد الألماني من الاستثمارات الأجنبية وعلت أصوات المدافعين عن الاستثمارات الأجنبية.

يذكر أنه حسب دراسة أجرتها صحيفة «هانديلسبلات» الاقتصادية الألمانية مؤخرا فقد أصبحت 53 في المئة من أسهم أكبر ثلاثين شركة ألمانية في أيدي مستثمرين أجانب.

العدد 2018 - السبت 15 مارس 2008م الموافق 07 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً