ربما يكون الذعر الذي سرى في أوصال أسواق وول ستريت دفعها إلى التسليم بأن الاقتصاد الأميركي دخل مرحلة كساد. لكن البيانات الاقتصادية لم تؤكد حتى الآن هذا التقييم المتشائم.
وإذا أمكن للاقتصاد الأميركي أن ينجو خلال الشهرين المقبلين من أي صدمات جديدة فربما يتفادى السقوط فيما يتوقع البعض أن يكون ركودا يستمر عامين. لكن حتى في هذه الحال فإن جمود سوق العمل والإنفاق سيجعل الناس تشعر أن الأمر أشبه بالكساد.
وكان تقرير بنك فيلادلفيا الاحتياطي الاتحادي عن أنشطة الشركات أحدث مؤشرا على أن الاقتصاد الأميركي يتباطأ لكنه لم يبلغ بعد حد الانكماش.
وإذا استمر هذا الاتجاه خلال الربع الثاني فالفرصة قائمة لأن يتحاشى الاقتصاد تحقق التعريف التقليدي للكساد وهو انكماش الناتج المحلي الاجمالي في ربعين متتاليين.
وقد يتيح ذلك وقتا كافيا لنجاح التخفيضات التي قررها مجلس الاحتياطي الاتحادي في أسعار الفائدة وخطة لحفز النمو بلغت قيمتها 152 مليار دولار هذا العام.
ومن المؤكد أن النمو لن يكون كبيرا لكن الأمر قد لا يكون بالسوء الذي يخشاه الكثير من المستثمرين الآن.
ويرى المحللون في مؤسسات مثل ميريل لينش وغولدمان ساكس وجيه.بي. مورجان أن من المرجح أن ينزلق الاقتصاد الأميركي الى الكساد. ويرى كثيرون أن القشة الاخيرة كانت الهبوط الحاد غير المتوقع في الوظائف خلال شهر فبراير/ شباط.
إلى ذلك، قال كبير الاقتصاديين بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يورجن المسكوف: «ما من أحد يمكنه أن يقول على وجه اليقين ما إذا كانت النتيجة ستزيد أو تقل عن الصفر. والخلاصة أن هذا أيضا لا يهم. لأن الشعور بالأمر سيكون سيئا».
وبلغ مؤشر نشاط الشركات لبنك فيلادلفيا الاحتياطي الاتحادي سالب 17,4 في مارس/ آذار بما يظهر انكماشا في المنطقة التي تتركز فيها صناعات تحويلية. لكن القراءة أفضل مما كانت عليه في فبراير الماضي عندما سجلت سالب 24. كما أنها ليست بالسوء الذي توقعه الاقتصاديون.
من جهته، قال كبير خبراء الاقتصاد الأميركي لدى هاي فريكوانسي ايكونوميكس في فالاهالا بولاية نيويورك ايان شبردسون: «الرسالة الرئيسية من هذا المسح هي أن الأمور سيئة للغاية لكن المعنويات تراجعت حتى الآن بما يفوق تراجع النشاط الفعلي... فنمو الصناعات التحويلية بطيء لكن القطاع ليس في حالة انهيار».
وفي علامة أخرى مبشرة تحسنت توقعات قطاع الصناعة التحويلية للوضع خلال 6 أشهر من الآن عما كانت عليه في فبراير.
وما من شك في أن جانبا كبيرا من البيانات الاقتصادية اتخذ شكلا يدعو إلى القلق. فقطاع الصناعات التحويلية ليس وحده الذي يتباطأ بل نال الضعف أيضا من قطاع الخدمات وسعت الشركات الى الاستغناء عن موظفين كما أن سوق الاسكان يسير من سيئ إلى أسوأ.
وساهم كل ذلك في انهيار معنويات المستهلكين. وأشارت بيانات نشرت الشهر الماضي إلى انخفاض معنويات المستهلكين في فبراير إلى أدنى مستوياتها منذ 5 أعوام.
كما أن من الصعب تجاهل الهبوط الأخير في المؤشر الرئيسي الأسبوعي لمعهد أبحاث الدورات الاقتصادية الذي قال المعهد انه دخل بكل وضوح منطقة الكساد.
ومع ذلك فإن معنويات المستثمرين انخفضت فيما يبدو بوتيرة أسرع من تراجع الاقتصاد.
وقال الاقتصادي بجامعة برينستون ألان بلايندر في مقال نشر في الآونة الاخيرة بصحيفة «واشنطن بوست»: «يجب على الجميع أن يأخذ نفسا عميقا»،»نعم الاقتصاد يعرج لكنه لا ينهار. كما أن آثار تخفيضات أسعار الفائدة وتدابير الحفز الاقتصادي التي أقرها الكونغرس الشهر الماضي ستظهر فيما بعد».
وتشير أحدث التوقعات الاقتصادية للمؤسسات الكبرى الى أن النمو السنوي سيبلغ 0,1 في المئة في الربع الأول من العام و0,5 في المئة في الربع الثاني. لكن 40 في المئة من الاقتصاديين يتوقعون الكساد.
وربما يكون الوضع الآن أسوأ لأن المسح أجري قبل أن يظهر تقرير في السابع من مارس الجاري أن عدد الوظائف انخفض 63 ألفا الشهر الماضي فيما يمثل أكبر انخفاض منذ نحو 5 أعوام.
وظهرت أيضا دلائل جديدة على ضعف سوق العمل يوم الخميس عندما قالت وزارة العمل ان عدد المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانة بطالة زاد 22 ألفا الأسبوع الماضي بينما ارتفع اجمالي عدد المستفيدين من إعانة البطالة إلى أعلى مستوى منذ 3 أعوام ونصف العام في الأسبوع السابق.
العدد 2025 - السبت 22 مارس 2008م الموافق 14 ربيع الاول 1429هـ