العدد 2025 - السبت 22 مارس 2008م الموافق 14 ربيع الاول 1429هـ

ولكن أين الحل قبل أن تتحول مشكلة الأسعار لكارثة حقيقية؟

ردا على وزارة التجارة والصناعة:

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

مع أن ردها لم يخلُ من استفزاز بلا مبرر، أخيرا بعد أكثر من عشرة أيام من نشر مقال «نار الأسعار واقتصاد السوق الحر في رد وزارة التجارة والصناعة»، فقد أقرّت الوزارة في ردها المنشور أمس (السبت) بتعارض المرسوم بقانون رقم 18 لسنة 1975 الخاص بتحديد ومراقبة الأسعار مع اقتصاد السوق الحر الذي تبنته الدولة، ومن ثم ثبت بطلانه. والاتفاقيات الدولية التي وقعتها الحكومة، كاتفاقية التجارة الحرة مع أميركا، هي التي أبطلت القانون، لأن الاتفاقيات الدولية أقوى من القانون المحلي، وما لم يتم إلغاء الاتفاقية، فإن القانون باطل، حتى وإن صدر بعدها.

ويترتب على إقرار الوزارة الآتي: أن ردود الوزارة السابقة ليست في مكانها حين ادعت عدم تعارض القانون مع اقتصاد السوق الحر، فها هي يتبين لها أنه قانون باطل(أنظر ردها على كاتب السطور بتاريخ 1مارس/ آذار 2008) إلى جانب ذلك، فإن الوزارة أخطأت حين استندت لهذا القانون الباطل ورفعت عددا من الدعاوى أمام النيابة العامة ضد المتلاعبين بالأسعار (انظر رد الوزارة المنشور في «الوسط» بتاريخ 30 يناير/ كانون الثاني 2008)، ويجدر هنا تقديم الشكر للوزارة على تجاوبها وردودها.

ولأن الهدف لا علاقة له بالمناكفة وتسجيل النقاط، فقد تغاضى الكاتب عن الكثير من الثغرات والنقاط ذات البعد الشخصي التي وردت في ردود وزارة التجارة، لأن الغاية هي الاقتراب من تشخيص مشكلة الارتفاع الرهيب في الأسعار قبل أن تتحول إلى كارثة، ومن أجل ذلك نضع النقاط التالية ونترك ما لا جدوى من وراء إثارته:

1- على ضوء إدعاء الوزارة، ليتها توّضح ما هي القرارات التي أسهمت وبشكل كبير في ضبط الأسعار والتخفيف من الأزمة، وكيف خففت من الأزمة؟ وأي تخفيف والناس تضج كضجيج ذي دنف من السرعة الصاروخية في أسعار مختلف أنواع السلع والمنتجات، ففي كل أسبوع - ومن دون أدنى مبالغة - يقوم التجار وأصحاب الأسواق بتغيير أسعار المؤن الغذائية وغيرها... وإذا كان هذا الحال في ظل تخفيف الأزمة التي عملت عليها الوزارة، فكيف لو لم تخفف الوزارة من الأزمة؟

2- لكون الوزارة ادعت سابقا في ردودها بأنها أجرت دراسة تؤكد أن مشكلة الأسعار مشكلة عالمية، طالبناها في مقال سابق (بتاريخ 27 فبراير/ شباط) وما زلنا نطالبها بنشر دراستها.

3- بعد أن أكّدت ما ذهب إليه الكاتب من تعارض القانون الخاص بتحديد الأسعار وضبطها مع التوجه الاقتصادي الجديد، ادعت الوزارة قائلة بالحرف الواحد «لديها من القوانين والقرارات والأنظمة التي تمكنها من ضبط السوق حتى في ظل تطبيق سياسة السوق الحر» وفي هذا السياق، نطالب الوزارة بتقديم قانون واحد فقط يجيز لها ضبط الأسعار والتدخل في السوق كطرف حكومي. طبعا هذا الإدعاء، يؤكد مرة أخرى قصور فهم كاتب رد الوزارة لمعنى تبني اقتصاد السوق الحر وتوقيع اتفاقيات تحرير التجارة.

4- تكرار الوزارة أن النهج الاقتصادي الحالي لا يعني ترك السوق للممارسات التي تضر بالمستهلك، كلام حمّال أوجه، لا يقدّم ولا يؤخر، وهو أقرب للإنشاء، لأن المشكلة واضحة جدا، إذ إن ما يضر المستهلك هو الارتفاع غير الطبيعي في الأسعار، فماذا يمكن للوزارة فعله حيال ذلك في ظل التحرك في إطار اقتصاد السوق الحر؟ من دون أدنى تردد... لا شيء وفقط لا شيء، لذلك ستبقى المشكلة قائمة ومتفاقمة، وأتمنى أن تثبت الوزارة خطأ هذا الكلام.

مما سبق يتضح جليا أن البلد، وليس الوزارة فقط، في خبط عشواء فيما يتعلق بتبني اقتصاد السوق الحر، خصوصا مع تصاعد خطير في الأسعار، وتراجع حاد في مستوى معيشة الأفراد، يتواكب ذلك كله، مع ارتفاع هائل في أسعار النفط، مع زيادة كبيرة جدا في إنتاج المملكة منه، وهذا ما يُفترض أن يجعل المواطن يرفل في بحبوحة من العيش، غير أن التوجه الجديد، سلب كل ذلك، والمطلوب حوار وطني، للتعرف على أوجه الخلل في تبني اقتصاد السوق الحر، وأولوية الخطوات المطلوب تطبيقها.

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 2025 - السبت 22 مارس 2008م الموافق 14 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً