العدد 2032 - السبت 29 مارس 2008م الموافق 21 ربيع الاول 1429هـ

رياح التغيير بين صدر العراق وسيد الأرز!

محمد صادق الحسيني comments [at] alwasatnews.com

الأجواء المتفجرة في العراق تفيد أن الصدر الثالث - أي السيدمقتدى الصدر - في طريقه للخروج من صمته، بل ربما الخروج من موقع اللاموقف الذي تميز به خلال الأشهر القليلة الماضية حيث قيل له أو أفهم بطريقة أو أخرى «إن الصمت أحيانا هو نصف الدبلوماسية» فيما يبدو اليوم أنه مدعو للكلام أكثر من أي وقت مضى!

ثمة مؤشرات تفيد انه سيتكلم عن السنوات الخمس العجاف من الاحتلال وأنه سيطالب برحيله بأقرب وقت ممكن لان لا شيء في العراق يمكن ان ينجح او يتقدم مادام الاحتلال جاثما فوق صدور العراقيين!

كما سيتكلم عن العملية السياسية التي جاءت مع الاحتلال والتي باتت اليوم في غرفة العناية المركزة بإجماع العراقيين بمن فيه المبخرون لحكومة المنطقة الخضراء!

وسيتكلم ايضا عن فتح صفحة جديدة مع كل القوى العراقية الشريفة المناهضة للاحتلال بعدما حاول اعداء العراق والصدر والمقاومة التفريق بينهم!

وسيدافع بقوة عن عروبة العراق واستقلالية قراره السياسي على رغم كل ما قيل ويقال عن ارتهان قراراته اقليميا لدفع الشبهات عن هذه الحركة الفتية ولكنها ذات العنفوان الاستقلالي الاصيل!

وسيحاول قدر الامكان اعادة اللحمة الى تياره الحركي المتميز بعدما حاول اعداء العراق واعداء المقاومة وخصوم الصدر السياسيون التسلل والنفوذ الى بعض دوائره في محاولة خبيثة لتشويه هذا التيار الحر والمقاوم!

وإلى ان يتكلم الصدر الثالث من جديد - كما يرجو ويتمنى الكثير من اتباعه وكما تدل بعض المؤشرات - نتمنى للعراق الصبر والسلوان على ما يعانيه من صلف المحتل وجهنميته التي لا ترحم حتى قواه الصديقة من جهة، وما يعانيه من اعمال ومجازر اجرامية شنيعة ترتكبها القوى الظلامية والفاشية والميليشياوية بأطيافها المختلفة من جهة اخرى!

ثمة من يقول طبعا إن الصدر الثالث إذا ما لجأ الى الكلام هذه المرة فإنما سيتكلم لانه سيكون مضطرا للحديث بعدما بات الجنوب العراقي على فوهة بركان؛ بسبب الاوضاع الامنية المتردية والصراعات التي تنخره من الداخل؛ ولأن الناس هناك في طريقها الى اشعال حركة مقاومة جديدة او اضافية ان لم تكن انتفاضة شعبية تشبه انتفاضة الاراضي المحتلة في فلسطين!

وإذا كان الصدر الثالث قد قرر الانكفاء لبعض الوقت؛ للتزود بالعلوم الحوزوية والدينية بما يقربه من موقع المرجعية والفتيا، فإن ذلك طبيعي لذلك الفتى الطري العود الذي نام في احدى امسيات العراق الغريبة والقاسية وإذا به يفيق في اليوم التالي ليرى نفسه وقد تربع على عرش زعامة حركة جماهيرية مترامية المدى وكبيرة الحجم ومتعددة الاطراف ورثها من ابيه الشهيد، ولم يكن قادرا على ان يتحمل كلف قيادتها وهو بتلك الحال الطرية والرخوة، ولاسيما ان حال المرجعيات التي من حوله او ممن كانت ولاتزال تنافسه الزعامة او السباق إما خرساء وإما صامتة كما كان هو يطلق عليها وإما ناطقة بالنشاز من الكلام إن لم تكن متورطة في منطق الاحتلال وإما في احسن الظن ليست في مستوى المسئولية!

وهنا يلح عليه بعض رفاقه بالقول: اليوم يومك يا ابن الصدرين الشهيدين ويوم كل عالم شجاع وجسور، بل هو يوم العراق العالمي ولاسيما أننا نمر بالذكرى السنوية لمرور تلك السنوات الخمس العجاف على بلاد الرافدين وحضارة بين النهرين! إنه يوم الكلام الكاشف والشفاف الذي لابد له ان يضع النقاط على الحروف وإلا فما فائدة عالم لا يستفاد من علمه؟

ويزيدون عليه بالقول: نعرف انك تبحث عن «شهادة اجتهاد» تخولك علمائيا وجماهيريا وحوزويا لإصدار فتوى «قصيرة» ولكنها فصيحة وبليغة ومفحمة تشعل النار من تحت اقدام المحتلين والمستبدين كما فعل ابطال ثورة العشرين الاحرار في العراق الحر الغيور أو ابطال انتفاضة التنباك وثورة الدستور الايرانيتين!

ولكن الزمن ليس زمن الانتظار اكثر من المطلوب «يا سيد» ونحن نعيش عصر النور والانوار الفضائية!

وأن افصح ايها العالم «الفتي البريء والطري العود» عن بعض علمك مهما كان بسيطا، سهلا وميسرا قبل ان يجعلوك تسكت ابد الدهر ويلحقوك بالصدرين الاول والثاني!

من جهة اخرى، ان الاجواء في لبنان عشية القمة العربية في دمشق تتحدث عن تحول مهم آخذ في التبلور في الوعي اللبناني المحسوب على اجواء المقاومة خصوصا ومعسكر المعارضة عموما. فكلما مر يوم جديد على اغتيال القائد العسكري الكبير في حزب الله الحاج عماد مغنية، تعززت المقولة التي تقول إن السجل المفتوح بين المقاومة والكيان الاسرائيلي يقترب من نهايته المحتومة، وكلما تأكدت ايضا المقولة التي تقول إن «إسرائيل» ارتكبت خطيئتها الاستراتيجية الكبرى في هذه العملية، الخطيئة التي قربت عمليا يوم نهاية الدويلة الطارئة أصلا كما يقول المقاومون!

قبل أيام فقط وبمناسبة اربعينية الحاج رضوان - عماد مغنية - غنى المسيحيون - للمرة الاولى بتاريخ لبنان والمقاومة - جنبا الى حنب مع اشقائهم المسلمين اوبريت «الضوء المشذي» لفرقة «رسالات» الذي يقول من جملة ما يقول: «ثوروا ثوروا تحت لواء السيد... هذا نشيد محمد... هذا نشيد علي... هذي بشائر عيسى...! في الوقت الذي نشر استطلاع للرأي في بيروت يفيد ان نحو 90 في المئة من الطائفة السنية الكريمة تعتقد بضرورة العمل على اسقاط النظام الصهيوني فيما رأى 77 في المئة من المسيحيين ذلك و66 في المئة من الدروز و94 في المئة من الشيعة، أي ما معدله 85 في المئة من مجموع اللبنانيين!

هذا من جهة ارادة القتال والمقاومة والوعي لدى شعب لايزال يعاني من قسوة عدوان تموز وآثاره السلبية وجراحه التي لم تندمل بعد!

وأما من جهة اعتقاده بأن «إسرائيل» هذه ذاهبة الى الزوال فإن 55 في المئة من مجموع الشعب اللبناني باتوا يعتقدون بذلك، أي أنهم يتوقعون حصوله كما تؤكد استطلاعات الرأي المذكورة!

إنها المقولة التي باتت جزءا لا يتجزأ من ثقافة امة، أي ثقافة ان «إسرائيل» محكومة بالزوال، وأنها أعجز وأوهن من ان تشن أية حرب جديدة على لبنان او غير لبنان بعد تجربة عدوان تموز القاسية، وكل ذلك بفضل دماء الشهداء ودم الشهيد عماد مغنية بالذات كما أكد من جديد هذا المتنسك الاممي و «المغامر» الاستثنائي سماحة السيدحسن نصرالله وهو يؤبّن رفيق دربه الحاج رضوان!

أيا تكن صحة توقعات هذا الجمهور، وأيا تكن صحة تحليلات هذا القائد الاستثنائي، إلا أن القدر المتيقن مما هو بين ايدينا هو إن المقاومة باتت ثقافة عابرة للطوائف والمذاهب والحدود الجغرافية وليست منحصرة بفئة من دون اخرى من اللبنانيين البتة!

وهنا يستحضرني الحديث الشريف القائل: «بقية السيف أنمى ولدا وأكثر عددا»! وكذلك يستحضرني حديث شريف آخر له علاقة بالحرب النفسية ضد العدو إذ يقول فيه أحد الأولياء ردا على سؤال: كيف كنت تنتصر على عدوك في الحروب بالقول: «كنت دائما أنا ونفسه عليه»!

هذا ما أشار اليه وتوسع في شرحه سيد المقاومة في المناسبة المذكورة وهو يفصل في ما سماه «معركة الوعي، وعي القدرة على الكفاح وإرادة المقاومة الحازمة ووعي مدى حالة الذل والهوان التي وصلت إليها قوات العدو المنهزمة داخليا».

الآن ونحن نقترب من زمن الخراب الثالث كما بات يؤمن الكثير من اللبنانيين والعرب والمسلمين، أي خراب دولة «إسرائيل» وزوالها الحتمي، بعد الخراب الاول الذي جرى على أيدي نبوخذ نصر والخراب الثاني الذي جرى على أيدي الرومان لا بأس ان ننهي مقالنا ببعض أبيات من القصيدة التاريخية المعبرة عن هذه المرحلة فعلا، والتي يكشف عنها للمرة الأولى قبل ايام فقط الشاعر السعودي الكبير عبدالمحسن حليت مسلم، بعد ان كان قد نظمها وأهداها لسيد المقاومة بعد انتصار تموز المجيد مباشرة، حيث يقول فيها من جملة ما يقول:

كل الفتاوى أذا أفتيت تندثرُ

وكل أرض إذا قاتلت تنتصرُ

ففي عمامتكَ السوداء عزتنا

وفيكَ كل رجال الأرض تُختَصَرُ

يا سيدَ الأرز قل للأرز ما فعلت

بنادق أطعمتها الروم والتترُ

وفي جنونكَ عقل نستنير به

فكلنا معك مجنونٌ ومنتحرُ

نعم عشقناك... خبأناك في دمنا

لأنك الطيش والأهوال والخطرُ

فأنت في شارع التأريخ منعطف

وأنت مبتدأ التأريخ والخبرُ

إقرأ أيضا لـ "محمد صادق الحسيني"

العدد 2032 - السبت 29 مارس 2008م الموافق 21 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً