العدد 2049 - الثلثاء 15 أبريل 2008م الموافق 08 ربيع الثاني 1429هـ

احتواء الأزمة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الأحداث المتتالية منذ فترة غير قصيرة تصب كلها في اتجاه تأزيمي. ويمكن النظر إلى مجريات الأمور من زوايا عدة، ولكنني أود أن انظر إليها من زاوية مختلفة. فالصينيون ليست لديهم في لغتهم كلمة «أزمة»، بل إنها تأتي مرادفة إلى كلمة الفرصة والتحدي، وبمعنى آخر إن أي أزمة يمكن أن ننظر إليها على أساس أنها حالة من التحدي وفرصة لإثبات القدرات وتعزيز وإدامة إمكانات السلطة السياسية على أسس حضارية وديمقراطية. ذلك لأن الدول الأقل تحضرا تتحين الفرصة عندما تواجه ظروفا استثنائية للعودة إلى اعتماد التدابير الطارئة تحت اسم المحافظة على الأمن القومي أو النظام العام، أو للحفاظ على التنمية الاقتصادية المستدامة. على أن العالم يشهد الكثير من التحولات، وتلك الدول التي تختار العودة إلى تدابير أمن الدولة عند مواجهة أي أزمة لا تحصل على البلسم الشافي الموعود، بل إن وضعها يصبح أبعد عن الاستقرار ويصاب النظام بهزيمة نفسية سياسية على المدى البعيد.

قد تبدو أدوات احتواء الأزمة صعبة لأن البعض يحاول التخفيف من واقع الأمر من جانب، ولكنه يهوله من جانب آخر، ثم يدعو إلى حلول تقليدية تعتمد القوة... إلا أننا نعلم أن أي دولة تخضع لإعادة هيكلة اقتصادية أو عملية سياسية انتقالية لا بد لها أن تمر بالعديد من العراقيل. وفيما لو قررت الدولة اللجوء إلى تدابير أمن الدولة، فإنها مستقبلا ستحتاج إلى العودة إلى عملية سياسية من نوع ما، وستعود حينها المشكلات ذاتها. بمعنى آخر، إن ما يحصل لدينا في البحرين «شر لا بد منه»، والحل ليس في الانهزام، وإنما في التقدم سياسيا لاحتواء الأزمة وحلها وتحويلها إلى فرصة، تماما كما هي ترجمة الكلمة باللغة الصينية.

إن الانفتاح السياسي الذي بدأ في العام 2001 كان يهدف إلى الانتقال من حال إلى حال، ولكنه انتقل إلى نصف حال، وهذا ربما تسبب في تصدعات، وبعض التراجعات. وقد ساهمت فئات محسوبة على الجهات الرسمية في تأزيم العلاقات مع المجتمع وتشويش الرأي، كما ساهمت بعض الجهات المعارضة في التأسيس لخطاب راديكالي غير واقعي في كثير من جوانبه. وبين هذين الطرفين النقيضين تحول كثير من المؤثرين إلى مراقبين بعيدين عن التأثير. بل إنه لو راجعنا الأسماء التي برزت من مختلف الأطراف في العام 2001 لرأينا أنها أصبحت الآن غير فاعلة. وهذا ينطبق على الجانب الرسمي والمعارض، لأن الذين لعبوا دورا رئيسيا في توثيق العلاقات بين المعارضة والسلطة أصبحوا الآن خارج المعادلة في كثير من الأحيان، بل إن بعضهم (من جانب السلطة) مبتلى حاليّا من أشخاص محسوبين على السلطة نفسها يطاردونه في كل صغيرة وكبيرة. كما أن اللاعبين على الساحة - من الطرفين - تغيروا، وكثيرا من اللاعبين الجدد يتسمون بالجفاء والتصلّب، بل التحامل على بعضهم بعضا.

إن احتواء الأزمة يتطلب أولا الاقتناع بوجودها، وثانيا الاقتناع بإمكان معالجتها حضاريا، وإن هناك من أهل البحرين الخيرين ممن يمكن الاستعانة بهم في مجالات التواصل والتأثير، تماما كما حدث في العام 2001.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2049 - الثلثاء 15 أبريل 2008م الموافق 08 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً