العدد 2049 - الثلثاء 15 أبريل 2008م الموافق 08 ربيع الثاني 1429هـ

ما امتهنوها إلا لوهن الحياة!

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

في سوق جدحفص المركزي وغيرهما من الأسواق الشعبية، يشد انتباهك شيوخ وكهول يجرون عرباتهم ويلحقون بالزبون عل وعسى أن تكون لديه حمولة يخشى على ظهره منها فيلحقها بـ «عربانة» الحجي التي لا تكل ولا تمل!

نعم، لقد امتهنوا الحمالة ولا عيب فيها لأن العمل الحلال بالنسبة إلى هؤلاء الشيوخ أهون من استجداء الناس وتصفح الوجوه، مادام فيهم عرق ينبض بالحياة، ومادامت أرجلهم تستطيع شد الرحال وحمل الأثقال وجر الأحمال... هي قسوة الحياة قبل كل شيء، والقسوة لا تتمثل في العمل بعينه، ولكن أن ترى جسدا يتهادى يمينا وشمالا تغطيه ثياب رثة بالية لتحميه من قسوة الجو في البرد والحر ومن قسوة الحياة بكل تفاصيلها.

ربما يقال إن معظم الحمالين من كبار السن من المتقاعدين ولم يجبرهم أحد على هذه المعيشة، ونقول لهم: بالله عليكم، هل يكفي راتب تقاعدي لا يتجاوز بضعة دنانير لتحمل تبعات حياة اليوم؟ طبعا لا، وخصوصا عندما نعلم أن «كارتون» الطماطم البحريني وصل إلى 11 دينارا، فيما يحاول الطماطم العادي الاستقرار عند 7 أو 8 دنانير، وبالتالي يصبح الطماطم أغلى من الفواكه النفيسة، ولربما يرتفع سعره أكثر من ذلك على رغم أننا في فترة يصبح فيها سعر الطماطم منخفضا في الغالب، ولكن لن نستغرب من شيء في زمن تحدث فيه الأمور بالمقلوب!

من الطبيعي أن ترتفع أسعار الطماطم والخضار وكل أخضر، لأن المزروعات في البحرين لم تعد كالسابق، بعد أن تحولت مزرعة الحاج علي والحاج حسين والحاج موسى إلى مبان استثمارية ومكاتب عقارية، ولا ندري كيف تحولت إلى رصيد بعض الأشخاص على رغم أن مجموعة الحجاج المذكورين يؤكدون أنهم عملوا مع أجدادهم في هذه الأراضي، وأجدادهم أكدوا أنهم عملوا مع أجدادهم، ولكن لن نستغرب من حدوث النقيض وتحول المالك إلى مملوك في غياب الواقعية، في زمن تجري فيه الحوادث بالمقلوب وقبل المالك بذلك قهرا!

وكخلاصة لما تقدم، لن أستغرب حين أجد نفسي - وهذا ينطبق على أكثر من نصف شعب البحرين- أجر “عربانة” في إحدى الأسواق لكي أغطي مصاريف الحياة، ولا أتمنى أن يأخذ البحرينيون الفكرة على محمل الجد لأننا سنجد نصف شعب البحرين يجر العربات في الأسواق بمعدل يفوق عدد الباعة والمشترين، ودعونا من هذه الفكرة - المعقولة - لنحافظ على أرزاق الفئة الموجودة في السوق ولنبحث عن عمل آخر!

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 2049 - الثلثاء 15 أبريل 2008م الموافق 08 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً