العدد 2058 - الخميس 24 أبريل 2008م الموافق 17 ربيع الثاني 1429هـ

البعد الإقتصادي في صفقة الجولان

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أعلنت وزيرة المغتربين السورية بثينة شعبان أن رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت ابلغ الوسيط التركي استعداد بلاده اعادة هضبة الجولان المحتلة لسورية. وقالت شعبان إن «أولمرت مستعد للسلام مع سورية وفقا للشروط الدولية ووفقا لمبدأ إعادة مرتفعات الجولان كاملة إلى السيادة السورية».

وكانت تقارير نشرتها بعض وسائل الإعلام السورية قد تحدثت سابقا عن أن رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أبلغ الرئيس بشار الأسد بأن «إسرائيل» مستعدة للإنسحاب من الجولان مقابل التوقيع على اتفاق للسلام. ونقلت صحيفة «الوطن» الدمشقية عن «مصادر عليمة» قولها إن أردوغان قد اتصل بالأسد هاتفيا يوم أمس الأول (الثلثاء) لإبلاغه بالعرض الإسرائيلي. ولم يصدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أي تعليق بشأن الموضوع حتى الآن. وكان أولمرت قد قال في مقابلة أجرتها معه القناة التلفزيونية الإسرائيلية العاشرة إنه يريد تحقيق السلام مع سورية، وإن كلا الجانبين يعرف ما يريده الطرف الآخر.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها الحديث عن مشروع سلام بين سورية و»إسرئيل» ثم ينتهي الأمر إلى طريق مسدود، فقد انهارت محادثات السلام بين سورية و»إسرائيل» في العام 2000 بشأن مدى الانسحاب الإسرائيلي من الجولان المحتلة منذ العام 1967. وضمتها «إسرائيل» في العام 1981 في تحرك لقي إدانة دولية. ومن حينها تعثرت محاولات دولية لإقناع سورية و»إسرائيل» باستئناف المحادثات بعد أن وضع كل من الجانبين شروطا للعودة إلى مائدة المفاوضات.

الأمر الملفت للنظر هو أن وسائل الإعلام ركزت، وهي محقة في ذلك، على البعدين السياسي والإستراتيجي، لكنت أغفلت جانبا مهما، والذي هو الجانب الإقتصادي. فبالإضافة إلى كونها أرض استراتيجية مرتفعة فإن مرتفعات الجولان الخصبة تضمن لـ «إسرائيل» السيطرة على مصادر مياه مهمة في المنطقة القاحلة وعلى أرض بها مزارع للعنب ومراع للماشية. وكما هو معروف اليوم، يقع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي 1200 كلم مربع من الجولان، ويبلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية فيه 37 مستوطنة، يعيش نحو 18 ألف مستوطن إسرائيلي، وسط 22 ألفا من السوريين يقطنون الجولان. وتنبسط هذه المستوطنات على مساحة تقدر بـ 246 كلم مربع وهو ما يعادل 21 في المئة من كل المساحة المحتلة من الجولان.

وكما يرشح مما تناقلته وكالات الأنباء، فإن السلام الذي تريده «إسرائيل» سيُمنَح لها ولكن ليس عبر «المبادلة القديمة» أي مبادلة الأرض بالسلام وإنما عبر «المبادلة الجديدة» وهي مبادلة بعض الأرض بالسلام الكامل. هذا النمط من السلام هو الذي تريد وتقف وراء جدول أعماله قوى الاقتصاد العالمي التي شرعت تشنّ حربا على مرجعية السلام لعلّ «الاقتصاد» يستكمل ما أنجزته «إسرائيل» سياسيا حتى الآن عبر الحرب وتفوقّها العسكري.

نشير هنا إلى ما أصبح متعارفا عليه بـ «مرجعية مدريد» في السوق التي افتتحها الرئيس بوش في العام 2003 عندما أطلق مبادرته لإنشاء منطقة تجارة حرة في الشرق الأوسط بحلول العام 2013، وقد أشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية بدأت بتجنيد دعم دولي كبير لخطتها الجديدة التي تستهدف تمويل مشاريع لتوطين اللاجئين الفلسطينيين إذ يقيمون منذ تهجيرهم وتسعى «إسرائيل» إلى أنْ يتولى الاتحاد الأوروبي قيادة ما تسميه «خطة مارشال» دولية لاستثمارات جديدة في الشرق الأوسط فلا تبدأ المفاوضات لحل مشكلة اللاجئين إلاّ مع بدء هؤلاء حياة جديدة لا أثر فيها لدواعي الاستمساك بحق العودة. ومن الطبيعي أن تكون أرض الجولان في القلب من هذه الإستراتيجية.

ولكي نتصور الأهمية الإقتصادية للجولان نتناول مجال الصناعة في الجولان المحتل والتي هي اليوم من أقوى الركائز الاقتصادية للمستوطنين، إذ يبلغ العائد السنوي العام منها سنويا 170 مليون دولار وهي متركزة في 32 مصنعا، وتوفر عملا لما يقارب900 عامل، وتتركز على صناعة الأغذية ومشتقات الحليب، المعادن، والصناعات البلاستيكية، والصناعات الحربية كصناعة طائرات من دون طيار، وصناعة المعدات الكهربائية والتكنولوجية، والبرمجة الالكترونية، والقسم الأكبر من هذه المنتوجات الصناعية يصدر إذ بلغت قيمة الصادرات السنوية حوالي 35 مليون دولار.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2058 - الخميس 24 أبريل 2008م الموافق 17 ربيع الثاني 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً