العدد 2297 - الجمعة 19 ديسمبر 2008م الموافق 20 ذي الحجة 1429هـ

عادت قضية أحكام الأسرة إلى السطح من جديد

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

عادت الحكومة من جديد لتضع مشروع قانون أحكام الأسرة على السطح بعد أن غاب وغابت معه كل الخلافات والاختلافات بين المؤيدين إليه والمعارضين له ، كنت أتوقع على الأقل بعد المسيرة الضخمة التي اجتاحت شوارع البحرين والتي قادتها المجلس العلمائي وتقدمتها رجال الدين وعلى رأسهم سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ، وشاركت فيها المرأة مشاركة واسعة خرجت من بيتها لتعبر عن رفضها الشديد لقانون يفرض عليها فرضا دون مراعاة الأحكام الشرعية ومتجاهلا رجال الدين الذي تؤمن بهم وتثق في قراراتهم ومواقفهم ، فهم لم يقفوا في يوم من الأيام ضد مصالحها الدنيوية فكيف هم اليوم يقفون ضد مصالحها الدينية والتي هي من صميم اختصاصهم ؟

عادت حليمة لعادتها القديمة جاءت اليوم لتحمل إلى القطاع النسائي بشرى فقد جاءت بمولودها الجديد المنتظر قانون أحكام الأسرة كأن المرأة لم يتبقى لها من مطالبها سوى هذا القانون الذي سيخرجها من ظلامتها إلى العدل المنشود ، وكأن العدل كل العدل تم اختزاله بين دفتي هذا القانون ؟ يبدو بأن حليمة اليوم لا تعرف كيف تختزل الطرق والمشوار الطويل ولو كانت كذلك لكان عليها أن تطرق الباب الرئيسي لا تتجاهله لأن تجاهله يعني فناء القانون التي جاءت به وحملته بين يديها وقدمته للمرأة في يومها .

هل تتوقع حليمة اليوم أن رجال الدين والذين وقفوا وقفة واضحة الملامح والمعالم أن يغيروا قناعتهم ومواقفهم بمجرد أن اليوم القانون قد ظهر فجأة إلى الشارع دون مقدمات ؟ وهل يتوقعون أن الشارع تمتص صدمته من القانون ومن الأسلوب بمجرد أنه فرض عليهم بالقوة ؟ هل تتوقع حليمة هذه المرة أن الاستشارات التي ترد عليها خائبة لأنها تعقد الأمور أكثر ما تيسرها ؟ هل تدرك حليمة بأن عليها أن تسلك مسارات أخرى غير المسارات التي تصر عليها إذا كانت بالفعل تبحث عن سبل تحمي من خلالها المرأة وأن تقلل من المشاكل والقضايا في المحاكم بعد أن يأست من تحقيق نوع من التوافق والتفاهم مع رجال الدين بشأن قانون أحكام الأسرة .

هل فكرت حليمة في أن عليها أن تصلح النظام القضائي وتطهره من الفساد المستشري فيه بدلا من التصادمات مع رجال الدين تارة ومع الشارع المؤيد والمساير لرجال الدين تارة أخرى ، أم عليها هذه المرة أن تحقق المكاسب للمؤسسات المهتمة والمعنية بملف المرأة والتي تضع أجندة قانون أحكام الأسرة على قمة أولوياتها ؟

هل فات حليمة هذه المرة أن المقاومة هذه المرة ربما اكبر وتفوق مما تتصوره ؟ بعد تجاهل استمر سنوات ، وأن هناك إلحاح أكبر على ضرورة الحوار والالتقاء لا التجاهل وأساليب الإرغام والفرض الفوقي ، هل تعي حليمة بأن أسلوب أي قضية تمس الدين بالنسبة لرجال الدين والشارع المؤيد لهم يعني خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو تجاهله .

هل يعقل يا حليمة بأن يتم أخذ رأي الشخصيات القانونية بشأن مشروع قانون أحكام الأسرة ويتم تجاهل رجال الدين ؟

ثم أنه يا حليمة إذا كان القانون كما تدعين بأنه يستمد كل نصوصه من أحكام الشريعة الإسلامية وراعى كل الآراء والأحكام الفقهية في هذا الشأن وبأنها لا يحرم المراجع الدينية أيا كانت رأيها ومن طرح ما تراه في تعديل القانون أو تعديل المشروع إذا كانت هناك أية منافاة للاحكام الشرعية ، فأين هو ها القانون التي لم يطلع عليها لا الكبار ولا الصغار !

حليمة اليوم تورطت أكثر من قبل لأنها اليوم استعجلت في خطواتها وحولت القانون إلى السلطة التشريعية وهناك على الأقل كتلتان معارضتان للقانون (الوفاق ، الأصالة ) تحالفهما يعني عدم تمرير القانون ، فهل فات حليمة هذا الموقف أم أنها عولت كثيرا على الصدمة والأمر الواقع كثيرا بحسب الخبراء والمستشارون ؟ أم أن لديها الطب والطبيب في ذلك ؟

هل تريد حليمة هذه المرة أن تقول للقطاع النسائي المؤيد للقانون بأن حليمة بذلت قصارى جهدها في سبيل إقرار القانون ولكن هناك من يقف أمام طموح المرأة ! هل تريد حليمة أن تضع الكرة اليوم في ملعب المجلس العلمائي والوفاق والأصالة بأنهم تيارات مناهضة للمرأة وتقف ضد المرأة وضد طموحاتها ؟

حليمة وهي التي لم تنسق في يوم من الأيام لا مع المجلس العلمائي ولا الوفاق ولا حتى الأصالة التيار الموالي ولكنه معارض لتقنين قانون أحكام الأسرة اليوم تضعهم في جدل كبير وكأنهم معارضون للقانون رغم أنهم غير كذلك ولكنهم يرفضون الأسلوب وإدارة هذا الملف وإنهم قالوا كلمتهم في ذلك أكثر من مرة ولا يزالون بانتظار الضمانة الدستورية التي تضمن لهم الاستقرار وتزيل قلقهم بشأن القانون أما قضية الالتفاف واللف والدوران على القانون وعلى من يؤيدونها ويعارضونه فهي قفزة في الهواء مخيفة جدا وعليها تترتب آثار كبيرة مخاطرها أكبر من نفعها .

المزايدة يا حليمة هذه المرة لا تفيد وربما تضر ، وعليك أن تحصدي الأضرار المترتبة وأن تعترفي بآخطاءك

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2297 - الجمعة 19 ديسمبر 2008م الموافق 20 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً