العدد 2091 - الثلثاء 27 مايو 2008م الموافق 21 جمادى الأولى 1429هـ

الألمان ووخزة اليهود

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

جولة الوفد العربي التي شاركتُ فيها إلى ألمانيا الأسبوع الماضي وكتبتُ عنها في المقالات الماضية عن استراتيجية الحكومة الألمانية لدمج الفئات الجديدة في المجتمع الألماني كانت مملوءة بالكثير من النشاطات والاجتماعات. ولكن هناك موضوعا يحيط بالألمان من كل جانب، إذ يبدون كالأسرى عندما يتعلق الأمر باليهود و «إسرائيل». فالفندق الذي كان مقرنا في برلين كان يحتفل بمرور 60 عاما على إنشاء «إسرائيل» كأنه احتفال بمجد ألماني، أو هكذا كان يبدو الأمر بالنسبة إليّ وأنا أشاهد الأعلام الإسرائيلية ترفرف عند مدخل قاعة الإفطار كل يوم.

الألمان شعب مجد ومبدع ومفكر وله إنجازات عظيمة في مجالات الفكر والعلوم والاختراعات، ولكنه يعيش «عقدة الذنب» لما فعله آباؤه باليهود في الحرب العالمية الثانية. فجميع الألمان الذين تحدثنا إليهم يشعرون كأن كل واحد منهم يحمل أعباء كبيرة من الذنوب على ظهره بسبب ما جرى قبل 1945، وبمجرد أن ينطق المرء بكلمة «إسرائيل» فإن شريطا مسجلا ينطلق من فم كل ألماني: «لقد اقترفنا ذنبا بحق اليهود ونحن نخجل مما فعلنا، ونعتذر عما قام به آباؤنا من مطاردة وسجن وحرق جماعي لهم في القرن الماضي».

كل مكان مهم في ألمانيا يجب أن يحتوي شيئا ما عن الاعتذار إلى اليهود، وعن وجوب تعويضهم، ووجوب مساندتهم... والألمان ليس مسموحا لهم أن يعبّروا كثيرا عن «ألمانيتهم» بشكل فاقع. ويقول أحدهم: «لقد كانت مباراة كأس العالم قبل سنتين المرة الأولى التي خرج فيها الشباب الألمان رافعين أعلامهم في الشوارع بشكل احتفالي كبير منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. فنحن نخاف من رفع الأعلام أو ترديد النشيد الوطني بشكل احتفالي صاخب؛ لأن هذا سيعيد إلى الذكرى الحماس القومي الذي انتشر في عهد هتلر».

انتهت الحرب العالمية الثانية في 1945 باحتلال الحلفاء ألمانيا، ومنذ ذلك الحين نكّس الألمان رؤوسهم أمام أي شيء يتعلق باليهود و «إسرائيل». سألت أحدهم: ألا يمكن أن تنتقدوا «إسرائيل» على ممارساتها العنصرية ضد الفلسطينيين، وهي لا تختلف كثيرا عن ممارسة الألمان السابقة ضد اليهود قبل 1945؟... فأجابني: «لدينا مشكلة. وكثير منا يعلم مقدار الظلم والاضطهاد العنصري الذي يمارسه الإسرائيليون ضد الفلسطينيين، ولكن لو تفوّه أي شخص منا بكلمة علنية فسيتهم بأنه معادٍ للسامية. ولذا فإن السكوت هو الأمر المفضل»... ولم ينسَ أن يكمل «نحن نشعر بالذنب لما اقترفه آباؤنا ضد اليهود قبل العام 1945»!

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2091 - الثلثاء 27 مايو 2008م الموافق 21 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً