العدد 2113 - الأربعاء 18 يونيو 2008م الموافق 13 جمادى الآخرة 1429هـ

«الرجل الحديدي» والرؤية الجديدة لمحاربة الإرهاب

بخلاف وجهات نظر النقاد العالميين الموجهة لصالح أو لضد الفيلم الذي أطلقته استوديوهات مارفل للإنتاج السينمائي «الرجل الحديدي»، وبخلاف الأرقام الخيالية لإيرادات هذا الفيلم، الذي قدرتها بعض المواقع الإلكترونية بمئتي مليون دولار حول العالم خلال الأسبوع الأول من إطلاق الفيلم، نجد أن الفيلم منتمٍ إلى أفلام الخيال العلمي ولايزال مرتكزا على ثلاثة محاور أساسية، أولهما المحور التاريخي لصراع الخير والشر، والمحور الحديث الذي تجاهد هوليوود على إبرازه بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، وهو صراع أميركا مع الإرهاب، والمحور الثالث هو البطل الخارق الذي يحلم به مراهقو العالم أجمع، ويقدم اليوم في صورة جديدة خلاف «باتمان» و «سوبرمان» و «سبايدرمان».

من المحور الثالث نبدأ، إذ يؤدي بطل الفيلم الممثل روبرت داوني دور تاجر الأسلحة فاحش الثراء، الذي ورث من والده العبقرية في مجال الميكانيكا والإلكترونيات، ما ساعده على توسعة وتنمية إمبراطورية والده في مجال صناعة وتطوير الأسلحة الحديثة، وفق رؤية لحماية أميركا وشعبها بامتلاك القوة، التي تحقق لها الاحترام من قبل الجميع.

«روبرت»، الذي حمل في الفيلم اسم «توني ستارك»، يعيش حياة منغمسة في القمار والتودد للنساء كونه الثري الذي لا يعبأ لأي أمر سوى متعته، طالما ثروته من بيع الأسلحة في تراكم مستمر.

يواجه «توني» بداية الفيلم خلال انتقاله بواسطة سيارة عسكرية هجمة على القافلة التي هو فيها، ما يعرضه للإصابة جراء أحد الأسلحة التي يقوم هو بإنتاجها في مصانعه، وهو ما يعود بالفيلم للوراء حينما يكون في زيارة له، كي يعرض أمام الجنود نوعا جديدا من الأسلحة، وهو صاروخ أريحا، الذي ينفجر وفق آلية انتشار حديثة طورها «ستارك».

وبكل بؤس يقع «توني» ضحية ما ينتجه حينما يغادر موقع إطلاق الصاروخ، حتى تقوم المجموعة التي هاجمت القافلة باحتجازه في كهف، ويطالبونه بتطوير أسلحة خاصة بهم.

في هذه المشاهد، يبدأ تقاطع صراع الخير والشر مع صراع الأميركان ضد الإرهاب، فما المجموعة الإرهابية التي تدعى «الحلقات العشر» والتي قامت باختطاف «توني» سوى مجموعة من العرب/المسلمين، وهو ما لم يتكبد الفيلم عناء إخفائه، إذ كان الممثلون يتحدثون بلغة عربية واضحة ومتقنة أكثر من أي فيلم هوليوودي آخر.

وفي داخل ذلك الكهف، يصادف «توني» سجينا آخر برفقته، يسهر على زرع جهاز في جسد «توني» يجتذب ذرات وشظايا الانفجار الذي وقع فيه الأخير، كي يبقى على قيد الحياة، فيما يدخل عليهما قائد المجموعة، الذي حمل اسم «أبوبكر»، ويطلب من توني أن يصنع بخبرته في مجال الأسلحة صواريخ مقابل حريته وإطلاق سراحه، إذ يكون في حينها متحدثا باللغة العربية، التي سبق وذكرنا أنها كانت بالغة الدقة، فيما السجين المرافق لـ «توني» وهو «ينسن» يقوم بالترجمة إلى اللغة الإنجليزية.

قد يكون أكثر ما وفق له الفيلم في تغطية كون هؤلاء الجماعات عربا ذكره أنهم يتكلمون أكثر من لغة خلال حوار بين «توني» و «ينسن» وكان منها الأوردو والفارسية وغيرهما من اللغات المرتبطة بمنطقة الشر لدى الأميركان.

واتقاء للشر، يوافق «توني» على القيام بما طلبه منه قائد المجموعة بعد تعرضه للتعذيب، أو فيما يبدو لاحقا كاستراتيجية حربية ذكية، يتيح من خلالها «توني» لنفسه أن يطلب معدات وأجهزة، تخوله من صنع النموذج الأول لـ «الرجل الحديدي»، وهو بزة حديد مدرعة، تحتوي الجسد، وتحميه من الرصاصات، كما تمكنه من الرد على الهجمات عبر بعض الأسلحة المزودة فيه.

ويبدو ازدراء المخرج لعقل الإرهابيين في مراقبتهم لكل عمليات إنتاج هذا الدرع، دون أن يعوا حقيقته، كما فات المخرج أن يجعل من «ينسن» عميلا مزدوجا كإضافة درامية، وفضل أن يكون هذا الشخص إنسانا طيبا ومتعاونا بالفطرة مع «توني»، إذ خلال اللحظات الأخيرة من تجهيز البزة وتحميل البرمجيات عليها، تهجم المجموعة الإرهابية على «توني» و «ينسن»، فيهب الأخير بسلاح أوتوماتيكي لتعطيل المجموعة وتأخير وصولهم حتى اكتمال تجهيز الدرع، الذي كان في لحظاته الأخيرة.

يبرز «توني» بحلته الحديد مهاجما «الإرهاب»، ويقضي على جميع من هم حوله، إذ يطير بالدرع من الانفجار الذي حققه في أسلحته المتراكمة في كل زاوية من ذلك المعسكر، ويهوي من جديد بعد مسافة كافية، ليتمزق الدرع، ويكون هو في مأمن من خطر المجموعة.

بعد عناء المسير في الصحراء، تلتقط مروحية «توني»، ويعود ذلك الرجل إلى بلاده برؤية جديدة عن الدمار الذي تسببه أسلحته، فيعلن خلال مؤتمر صحافي يقيمه فور عودته وتناوله لشطيرة برغر بالجبن، أن شركته ستتوقف عن إنتاج الأسلحة، وتتوجه إلى أسلوب جديد من الصناعات، وهو ما يثير موجة من الآراء، وخصوصا لدى شريكه في البطولة الممثل «جيف بريدجز» بدور «أوبيدا ستاين»، الذي يقوم ببيع الأسلحة للإرهابيين دون علم «توني».

يخلف «توني» وراء ظهره صراعات الإدارة، ويعكف على تطوير نسخة جديدة من الدرع، يكون أقدر على الطيران، وأكثر كفاءة في القتال والمناورة، وذلك بتوظيف كل خبراته المتراكمة في مجال التكنولوجيا الحديثة وعلم إنتاج الأسلحة، ليتمكن هذا الدرع خلال أول ظهور علني له من إنقاذ أبناء قرية أفغانية تتعرض لغارات وانتهاكات المجموعة الإرهابية التي كانت تحتجزه، ليتمكن من محاربتهم وهزيمتهم بكل سهولة، ويستأثر بنظرات الإعجاب المزدوجة حينها من أبناء القرية، ومشاهدي الفيلم الذين يفتتنون بالبطولة الخارقة لمحارب أميركا الجديد.

ينهي الفيلم خلال هذا المشهد بسرعة مواجهة أميركا بالإرهاب، ليعود الخير لمصارعة الشر، الذي يتمثل في شريك «توني» وهو «أوبيدا»، الذي يقوم باسترجاع حطام النسخة الأولى من «الرجل الحديدي» بالتعاون مع المنظمة الإرهابية، ويسعى لإعادة تشغيله بالتعاون مع عدد من العلماء.

وكأي فيلم، يدخل «الرجل الحديدي» أعلى مراحل تواتره في صراع بين «توني» في بزته المحدثة، و «أوبيدا» في البزة القديمة هائلة الحجم، والتي لم يفت «أوبيدا» أن يجهزها بأسلحة أكثر نظرا لنزعته للحرب والقتال، بخلاف «توني» الذي بدأ يستقر ويميل للإنسانية فيما يصنعه، إلا أن الغلبة تكون كغالب الخاتمات الكلاسيكية للخير «توني».

الفيلم الذي هو من إخراج جون فافريو وتيرانس هوارد، يعد ثاني أفضل افتتاح لفيلم ليس جزءا آخر من سلسلة أفلام بحسب الإحصاءات التي نشرتها المواقع الإلكترونية، وهو عاشر أكبر افتتاح لفيلم على الإطلاق، والرابع من حيث أفلام البطل الخارق.

ويشكل الفيلم مقدمة لإنتاج آخر ستقدمه استوديوهات مارفل في شهر يونيو/ حزيران، وهو فيلم «الرجل الأخضر The Incredible Hulk» الذي توزعه شركة يونيفرسال، ويقوم ببطولته النجم إدوارد نورتون.

وقد أعلنت استوديوهات مارفل أيضا أنها ستمضي قدما في إنتاج جزء آخر بعد النجاح الذي حصل عليه الفيلم وحددت توقيتا لإطلاقه في صيف 2010

العدد 2113 - الأربعاء 18 يونيو 2008م الموافق 13 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً