العدد 2114 - الخميس 19 يونيو 2008م الموافق 14 جمادى الآخرة 1429هـ

الشرارة الصغيرة!

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

كل محب لهذا الوطن كانت يده على قلبه في الأيام الثلاثة السالفة، وكل من شرب رشفة من حب هذا الوطن مهما كان انتماؤه ومذهبه كان يتوجس خيفة في نفسه من أن يشتعل الحطب الذي جمعه المنتظرون ليوم «شتوي» حتى يشعلوه ليحترق الوطن وهم يتدفأون بناره المستعرة.

جزء من مهمة الأنظمة حماية الوطن من أن تنزلق شعوبها في منحدر الطائفية، وجزء من واجب الحكومات أن تأخذ بيد رعاياها إلى بر الأمان لو عصفت الريح بسفينة الوحدة الوطنية في عرض البحر.

كثير من النقد وُجِّهَ إلى الدولة في هذه الأثناء على اعتبار أنها معنية بحماية السلام، ومكلفة بحضانة الوئام، وطالبوها بدور فاعل في وأد الفتنة، ونزع فتيلها، وهي مطالبة مشروعة لأن ذلك من صميم مهمتها الوطنية.

بل ذهبت بعض الأصوات إلى أبعد من نصح الدولة باتخاذ موقف ممن يبذرون بذور الشتات، واتهمت أطرافا تستفيد من تعكير صفو التسامح والمحبة.

الأهم من ذلك كله أن تأخذ الدولة بأسباب الاحتقان الطائفي، وأن تقتلع منغصات الوحدة الوطنية من جذورها، وأن تنظف مؤسساتها من مظاهر الطائفية، وحينها لن يستطيع أبطال البيانات العبثية أن يعكروا صفو الوحدة حتى ولو «باضوا» ألف بيان في دقيقتهم الواحدة.

المشكلة أن الأجواء محمومة وملتهبة طائفيّا على مدار الساعة، وقابلة للاشتعال في أية لحظة، وهنا يأتي دور الدولة المهم الذي ينتظره الناس والكامن في تطهير الأجواء من هذا الاحتقان من خلال إشعار الناس عمليّا لا نظريّا بأنهم سواسية في الحقوق والواجبات، وليس من فئة مقدمة على فئة لاعتبارات طائفية، وأن تفتح كل المؤسسات الرسمية أبوابها لكل المواطنين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم ومذاهبهم، إذ لا تزال بعض المؤسسات محرم دخولها على فئة معينة، وأجواء كهذه من دون أدنى شك تفتح الشهية للناس على التوتر لمجرد اعتلاء صوت نشاز هنا أو آخر هناك، حتى وإن كان ذلك الصوت لا يستحق أن يُستمع.

حسنا فعل منظمو مسيرة أمس عندما أعلنوا توقيف جميع الفعاليات مع انتهاء المسيرة، ليبدأ دور الدولة الذي يجب أن يحمل مشروعا حقيقيّا ينقلب على الواقع الطائفي في كثير من المؤسسات الرسمية، وحينها لن يستمع أحد لأصوات دعاة الفتنة حتى لو بحّ صوتهم من الصراخ، لأن الناس سيعيشون في أجواء صافية نقية لا تشتعل لمجرد تطاير شرارة صغيرة

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 2114 - الخميس 19 يونيو 2008م الموافق 14 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً