العدد 2114 - الخميس 19 يونيو 2008م الموافق 14 جمادى الآخرة 1429هـ

موازين العلاقات الصينية - الأميركية 1/2

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

على رغم كل الانتقادات التي توجه لما يعرف باسم «جلسات الحوار الاقتصادي الاستراتيجي» الصينية – الأميركية، والتي هندس إطاراتها الرئيسية وزير الخزانة الاميركي هنري بولسن عندما دشنها في العام 2006، تواصل بكين وواشنطن المفاوضات من أجل التوصل لصيغة تضمن حماية وتوسيع نطاق الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، والتي تهدف لإزالة الحواجز التي تقف في طريق الاستثمار، من خلال قوانين ونظم متبادلة توائم بين الامور المختلف، من أجل الوصول لعلاقات تؤمِّن الحدود الدنيا من الاستتباب بين الدولتين.

ونظرا للثقل الذي تتمتع به العاصمتان في خارطة العلاقات الدولية، فلابد لنا من النظر اليوم، إلى طاولة المفاوضات الاستثمارية التي تجري في واشنطن على أنها تتم وسط ثلاثة متغيرات عالمية مهمة هي: التحولات الهيكلية السياسية والاقتصادية، وإلى حد بعيد الاجتماعية، التي عرفها النظام التقليدي في أوروبا، منذ انتهاء الحرب الكونية الثانية، ثم هناك التحولات البنيوية في فكر وسلوك القوى الإسلامية، دولا ومنظمات خارج إطار السلطة، وخصوصا منذ انتصار الثورة الإيرانية، وتحديدا منذ أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وثالث هذه التحولاى الاستراتيجية انتقال مركز الثقل الدولي من المحيط الاطلسي الى المحيطين الهادي والهندي، وتحديدا في أعقاب اندلاع الأزمة الاقتصادية التي لاتزال تعصف بالاقتصاد الأميركي.

وسنحط الرحال عند التغير الاستراتيجي الثالث. فمع تعزز قوة الصين الجديدة، تجد أن الولايات المتحدة بدأت تعدل سياساتها تجاه الصين، وكانت الخطوة الأولى على هذا الطريق، عندما أجازت الجمعية العامة الـ 26 للأمم المتحدة – بإيعاز وضغوط من واشنطن - في أكتوبر/ تشرين الأول 1971 قرارها رقم 2758 الذي أقر باستعادة جميع الحقوق الشرعية لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة وطرد «مندوب» سلطات تايوان.

لكن يحلو للبعض أن يؤرخ لذوبان الجليد بين العاصمتين بيوم 6 أبريل/ نيسان1971، حينما وجهت الجمعية الصينية لكرة الطاولة دعوة للمنتخب الأميركي.

هناك فريق آخر، يصر على أن يؤرخ للعلاقة بالعام 1978، عندما أصدرت الحكومتان الصينية والأميركية فى آن البيان المشترك عن اقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة الاميركية. وتعود أهمية هذا التاريخ إلى إفصاح واشنطن رسميا بموافقتها في ذلك البيان على المبادئ الثلاثة لإقامة العلاقات الدبلوماسية التي تقدمت بها الصين، والتي نصت على «قطع علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان، سحب قواتها ومنشآتها منها، إلغاء المعاهدة الأميريكة مع سلطات شيانغ كاي شيك. وكان على البلدين أن ينتطرا مطلع العام 1979 من أجل تدشين العلاقات الدبلوماسية بينهما بشكل رسمي.

ليست الصدفة وحدها هي التي حددت تلك التواريخ، بل هي المتغيرات الدولية الثلاثة التي أشرنا إليها سابقا، يضاف إليها هنا تاريخ بدء انطلاق الصين نحو تحولاتها التي طفت إلى السطح خلال السنوات العشر الماضية معبرة عما أصبح متعارفا عليه بظاهرة «صعود الصين»، الذي استخدم لأول مرة لوصف التنمية الصينية في المستقبل مقابل ضجة «تهديد الصين» التي روج لها الغرب، في كلمة ألقاها في جامعة هارفرد الأميركية، رئيس مجلس الدولة ون جيا باو. في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2003، إذ قال: «الصين اليوم دولة كبيرة تطبق الإصلاح والانفتاح وتصعد سلميا، بينما نوسع الانفتاح على الخارج، نعتمد على الابتكار المنتظم باستفاضة ووعي متزايد، ونعتمد على تطوير السوق المحلية التي تتوسع أكثر فأكثر، وعلى تحويل ودائع السكان الضخمة إلى الاستثمار، وعلى رفع نوعية المواطنين والتقدم العلمي والتكنولوجي لحل مشكلة الموارد والبيئة، الأمر الذي يعتبر جوهر صعود الصين وطريق تنميتها».

ويلخص حالة «الصعود الصيني» هذه تعليق نشرته صحيفة «ليانخه»، بأن «ما حدث خلال السنوات الثلاثين الماضية بالصين، في أن أكبر سماته هو (التغير)، وظلت أحوال الـ1,3 مليار صيني تتغير بلا انقطاع. لقد تغير إجمالي حجم الاقتصاد الصيني، في التقدير الدولي وفي البيانات الصينية الرسمية. وهناك عنصران علينا ألا ننساهما: سرعة التنمية المستدامة وأن يصبح حجم التنمية كبيرا يوميا، الأمر الذي يعتبر محورا للتغيرات الهائلة في الصين، وشاهدا علي صعود الصين السريع»، الأمر الذي أرغم واشنطن على إعادة حساباتها والتفكير جديا في مد جسور التعاون مع بكين

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2114 - الخميس 19 يونيو 2008م الموافق 14 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً