العدد 2545 - الإثنين 24 أغسطس 2009م الموافق 03 رمضان 1430هـ

وبعد أربعين عاما على إحراق الأقصى... أين الكرامة العربية؟!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

للمسجد الأقصى في ذاكرة المسلمين مكانة عظيمة، وقدسية لا يستهان بها؛ فهو أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى رسولنا الكريم، ومنه سيخرج نبينا عيسى عليه السلام يملأ الأرض عدلا ورحمة.

ومدينة القدس التي تضم المسجدين جنباتها هي الأخرى لها مكانة عظيمة لدى كل مسلم؛ تحدث عنها رسولنا الكريم، كما تحدث عنها صحابته، ولها في كتب التاريخ مكانة كبيرة يعرفها كل باحث أو مهتم بتاريخ هذه المدينة المباركة.

المسلمون يتذكرون الحروب الصليبية التي دامت مئتي عام، كما يتذكرون كيف هجم الصليبيون على القدس وكيف قتلوا عشرات الآلاف من المسلمين في يوم واحد في المسجد نفسه... كما يتذكرون كيف أن صلاح الدين الأيوبي حرر هذه المدينة بعد أن بقيت تحت الاحتلال نحو تسعين عاما، وكيف أنها بقيت تحت الرعاية الإسلامية والتسامح الإسلامي حتى جاء الصهاينة واستغلوا الضعف العربي فاحتلوها العام 67م الذي وصف بأنه عام النكسة!

أربعون عاما مضت على احتلال القدس ومسجدها المبارك وكأن هذه الأربعون - على جلالة مآسيها - لم تستطع أن تحرك في العرب أي رغبة في استعادة مقدساتهم المهانة.

أربعون عاما قضاها الصهاينة في عمل جاد دؤوب لتغيير الهوية العربية الإسلامية لمدينة القدس؛ أنفقوا - وينفقون - كل عام أكثر من مليار دولار على تهويد هذه المدينة؛ أعملوا فيها جرافاتهم هدما، تهدم بيوت العرب، وتخرجهم منها قسرا وبحجج واهية أحيانا وبدون حجج أحيانا أخرى لأنها تدرك أن هؤلاء المساكين لن يجدوا من يحميهم أو حتى يتعاطف معهم.

بناء المستوطنات لم يتوقف في القدس الشرقية، فقبل أيام نشرت صحيفة «هآرتس» خبرا مفاده أن السلطات الصهيونية تتحدث عن إقامة حي استيطاني جديد في القدس!

كما أن المستوطنين وبدعم من حكومتهم ماضون في بناء المستوطنات التي توصف بالعشوائية، لكنها تبقى قائمة برغم كل ما يقال عن نية الصهاينة إزالتها، بل وتزداد يوما بعد آخر.

ولم يسلم المسجد الأقصى من الإهانة الدائمة؛ فمرة يُحرق، ويقال: إن الذي حرقه معتوه لا يستحق المحاكمة، ومرة يقتل أعداد من المصلين فيه؛ والقاتل - دائما - على حق لأنه مريض نفسيا أو ما شابه ذلك! أما إذا قتل فلسطيني صهيونيا دفاعا عن أرضه أو عن نفسه فالويل كل الويل له والسجن مدى الحياة أقل عقاب يناله.

الحفريات تحت المسجد وحوله لم تتوقف؛ والصهاينة يزعمون أنهم يبحثون عن هيكلهم المزعوم! هم يعرفون حجم الخرافة التي يتحدثون عنها، لكنهم يريدون هدم المسجد ولا غير لكي يقضوا على كل أثر للمسلمين في هذه المدينة بعد أن يكونوا قد هدموا كل آثارها الإسلامية الأخرى.

الصهاينة يتصرفون في القدس وكأنها لهم، وكأنه لا مفاوضات حولها، وربما إنهم يعرفون أكثر من غيرهم أن العرب قد تخلوا عن هذه المدينة فعليا رغم الكلمات الباردة التي تقال عنها بين وقت وآخر.

أعرف أن من حق الصهاينة أن يفعلوا ما يشاؤون، وهم - فعلا - يتصرفون في القدس بصورة واضحة ومعلنة وليس للعرب جميعا أي قيمة عندهم، ولكن ماذا فعل العرب حكومات وشعوبا من أجل القدس والمسجد الأقصى؟!

أعجب من كل المؤسسات التي أقيمت من أجل القدس، وأعني الرسمية منها، وبعضها يشرف عليها حكام عرب. ماذا فعلت؟! أين دورها؟! لا شيء على الإطلاق، والصمت منهم أفضل مساعدة للصهاينة!

أين جامعة الدول العربية، ولماذا غاب دورها - أو كاد - عن القدس ومسجدها؟ لماذا لا تقوم بحملات لا تهدأ لإثارة الشعور العربي الذي كاد أن يتبلد من أجل الحراك للمقدس! لماذا لا يتحرك الحكام العرب ليبذلوا أموالهم وقدراتهم من أجل القدس؟!

أين منظمة المؤتمر الإسلامي، وأين رابطة العالم الإسلامي؟!

يبدو أن الجميع لا يتحركون بفاعلية من أجل القدس! ولست أدري هل يتحركون - أصلا - من أجل أي قضية إسلامية أم لا؟!

الحديث وحده لا يكفي... الصهاينة يعملون بجد، وهذا العمل لا يوقفه إلا عمل جاد أيضا...

أعرف أن الشعوب فيها خير كثير، وأعرف أن الشعب الفلسطيني تحرك كثيرا؛ ثورة البراق، انتفاضة العام 2000م بعد زيارة شارون النجسة للمسجد، ثورة الحجارة وسواها.

أعرف أن الشعب الفلسطيني يتحرك بدون غطاء من أحد حتى من حكومته التي جعلت القدس في آخر أولوياتها، أي - كما قالت - في المرحلة الأخيرة من المفاوضات.

هذه الحكومة تعرف أن الصهاينة ماضون في تهويد المدينة وهي لاتزال تجعل هذه القضية في آخر أولوياتها، فإذا كانت هذه أعمالها فكيف تريد من الآخرين أن يفعلوا!

أعرف أن القدس ليست للفلسطينيين وحدهم، مع أن حكومتهم تريد أن تجعل هذه القضية محلية بحتة وهذا جهل عظيم منها، فالقدس لكل مسلم ويجب أن يتحرك من أجلها كل مسلم.

وفي ظل مضي أربعين عاما على إحراق المسجد المقدس، أتساءل: أين الكرامة العربية؟! هل بقي منها شيء؟!

مسجد يُُحرق ويُحتل... يُمنع منه معظم المصلين، وبلد تهدم لكي تكون يهودية خالصة... والعرب صامتون!

بلد عربي يُحتل؛ يُقتل مئات الآلاف من شعبه... والعرب صامتون!

بلد مسلم يُحتل ويُقتل مئات الآلاف من شعبه... والعرب والمسلون صامتون.

ترى لو احتلت بلاد أخرى هل سيتغيّر الوضع؟! من المسئول عن هذا كله؟! لماذا يتحرك الصهاينة في كل بلاد العالم إذا شعروا بأي إساءة لهم حتى لو كانت صحيحة؟! ولماذا يمنع العرب في بلادهم من التحرك لنصرة قضاياهم في كل أنحاء الأرض؟! لمصلحة من يحدث ذلك كله؟!

الذي يؤمن به كل مسلم أن اليأس كفر، وأن المسلمين فيهم خير، وأن نصر الله قادم، وأن هذا الشهر كان - وسيبقى - شهر الانتصارات الكبرى في حياة الأمة المسلمة.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2545 - الإثنين 24 أغسطس 2009م الموافق 03 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:07 ص

      الشعب العربى مااااااااات

      القدس يضيع وفلسطين تهدم والعرب صامت متى يفيق العرب من الإماء

اقرأ ايضاً