العدد 2546 - الثلثاء 25 أغسطس 2009م الموافق 04 رمضان 1430هـ

رمضان... معاني الوحدة والرحمة

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

عند الحديث عن «رمضان»، هذا الشهر الكريم الذي خصنا الله تعالى وأكرمنا فيه بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، وضاعف لنا فيه الأجر والثواب في كل الأعمال، يحق لنا أن نسأل: هل من حقنا كمسلمين أن نوظف هذا الشهر لما فيه خير البلاد والعباد انطلاقا من تهذيب النفس وتربيتها على الجوع والعطش وكبح الشهوة في سبيل الله، على رغم بعض المظاهر السلبية التي اختصت برمضان أيضا؟

ومن خلال هذا السؤال لا نريد الخوض في الحديث عن كيف حدث أن يجتمع متناقضان هما قدسية الشهر الفضيل والمظاهر السلبية، وخصوصا أن الواقع يشهد به ويؤكده، فإلى جانب امتلاء المساجد بالمصلين جلس كثير من المسلمين في المقاهي والخيام الرمضانية والمجالس، وأصبح هو مكانهم الدائم ومأواهم الوحيد كل ليلة، وكما كان رمضان وسيلة للزهد والتقشف، صار علامة للتبذير والإسراف، وأخذت الموائد تزدان بمأكولات خاصة بالشهر، وكأنه أصبح احتفالية «طعامية» مادية لا احتفالية روحانية.

ولكن ما سنتوقف عنده هو أن شهر رمضان هو الشهر الوحيد الذي يذكرنا ويشعرنا بوحدتنا كأمة، حيث يستجيب فيه المسلمون من كل أنحاء العالم لطلب الله عز وجل بالصوم؛ نصوم ونفطر ونصلي التراويح ونتهجد لله كأمة واحدة.

يقول الله عز وجل في كتابة «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون» (الأنبياء: 92).

وفي شهر رمضان أنزل الله هدية: كتابه العظيم - القرآن - لنبيه محمد (ص). إنه القرآن الذي وحد المسلمين خلف عقيدة أنستنا اختلافاتنا كأمم وقبائل وجعلتنا أمة واحدة.

إن الإيمان بالله ورسوله والقرآن واليوم الآخر وبالجنة والنار، حرر الأمة الإسلامية من العقائد الزائفة وروابط اللون والعنصر والوطنية وجعلها أمة واحدة. إذا، ألا نستطيع العمل على ألا يفرقنا اللون أو الجنس أو الوطنية من خلال هذا الشهر الكريم؟

ولنأخذ جانبا من جوانب هذا الشهر الكريم، ألا وهو جانب الوحدة، فلو تأملنا في الإعجاز الذي نقف أمامه بكل حيرة ودهشة لملايين من البشر وعلى مختلف ألوانها وأشكالها وأحوالها ومواطنها ومشاربها، كل هذه الطوائف والملل تمسك في وقت واحد وتباشر الإفطار في وقت واحد دونما رقيب ولا شاهد من البشر، ولنا أن نسأل: ما السر وراء كل هذا الاجتماع الدقيق الفريد من نوعه بين البلدان والشعوب المتباعدة، ونحن نعيش في مجتمع أصبح فيه بعض الأشقاء لا يمكنهم الاجتماع على ابسط مما تقدم.

إذا ما هو السر؟ ببساطة إنه الإسلام.

لهذا ونحن نتشرف بشهر رمضان المبارك الذي تنفجر في ثنايا أيامه ولياليه العبقة كل معاني العطف والرحمة والإحسان، ويغدو الإنسان أقرب ما يكون من ربه ويسعى إلى تجسيد صالح الأعمال وأفضلها، لم أجد مناصا من مخاطبة القراء بشكل خاص والكتاب بشكل عام وأبدأ بنفسي، لأحثهم على الاستفادة من هذا الشهر الفضيل بما يخدم أهداف وغايات ومستقبل أجيالنا.

وفي الوقت الذي نتوق فيه للوحدة، فإن بعض الكيانات الموجودة والتجاذبات لمصالح ضيقة تبقي على فرقتنا.

دعونا انطلاقا من هذا الشهر الكريم عندما نقرأ القرآن ونستمع لقراءته في المساجد أن نفكر في الآيات التي تفرض علينا العيش كأمة واحدة ونطبق أحكام الشريعة انطلاقا من أنفسنا وأهالي بيتنا.

ولنعمل على توعية وتربية أنفسنا على أدب الخلاف ورفع الإشكالات في الأمور الدنيوية الدقيقة لذوي الاختصاص، ولنحسن الظن ببعضنا.

وخير دليل على ما تقدم، عندما نسأل: أين أصحاب الأطروحات والأفكار المشينة على الإسلام ورموزه... وأين أصحاب التهم والبدع والديانات التي تتهمنا بشتى الاتهامات... أين هم من هذه الوحدة الحقيقية والواقعية؟

نجزم بأنهم يقفون عاجزين أمام كل هذه المعجزات الإلهية التي عجزوا عنها، فنحن أقرب إلى قوله تعالى «وألَّف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألَّف بينهم إنه عزيز حكيم» (الأنفال آية 63).

نسأل الله أن يتقبل صيامنا وقراءتنا للقرآن الكريم. ونسأله بكل إخلاص أن يرفع عن الأمة معاناتها، ويقوي إيماننا وتقوانا في شهر رمضان... آمِيْن.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2546 - الثلثاء 25 أغسطس 2009م الموافق 04 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:48 م

      تعليق من أحمد جوهر ( رمضان يجمعنا )

      أخوي بوخالد أولا مبارك عليك الشهر و نسال الله العلي القدير أن يجمعنا على الخير من أجل هذا الوطن الغالي و يكون شهر رمضان هو بداية وحدتنا. ليتنا نبتعد في هذا الشهر الفضيل عن طأفنة و تسيس أوضاعنا و همومنا و نرفض النفس الطائفئ, صدقني أننا لدينا الكثير من المناسبات الأسلامية و الوطنية و حتى العالمية التي توحدنا سوى على مستوى وطننا الصغير ( المملكة ) أو على مستوى الوطن العربي الكبير و اول هذه المناسبات و أعظمها شهر رمضان الفضيل, ليتنا نأخذ من هذه المناسبة الجليلة منطلقاً لوحدتنا فرمضان يجمعنا.

اقرأ ايضاً