العدد 2549 - الجمعة 28 أغسطس 2009م الموافق 07 رمضان 1430هـ

دراما رمضان تجارة موسمية

تثقل كاهل المشاهد بالإعلانات

في كل عام يعود الجدل ذاته ليظهر من جديد، مسلسلات رمضان الجيد منها والرديء، المضحك والسخيف، المميز والمكرر. وتدور السجالات على شاشات التلفزة وصفحات الصحف والمجلات، وبالتأكيد المواقع الإلكترونية والمنتديات. وينتهي الموسم (موسم دراما رمضان) لتنتهي بعض النقاشات الحادة، وتبقى بعض الحوارات على ما أحدثته من صدى كبير لسبب أو لآخر. ونعيش 11 شهرا من الركود (النسبي)، والمكرس لإعادة ما عرض في رمضان على دفعات.

بالنسبة إلى المشاهد العربي فهذا الوضع ليس بالجديد، ولا ازدحام شاشات الفضائيات العربية بالأعمال على أشكالها، وبمختلف جنسياتها وأهميتها، بوضع مستغرب لجمهور بات يعرف أن نمط حياته يتبدل فعلا في رمضان، ليس فقط لتكريس نفسه أو جزء كبير من وقته لعيش روحانيات هذا الشهر، بقدر معرفته أن وجبات تلفزيونية متوقعة بات يحفظها، ستقدم إليه على دفعات مكثفة لما يزيد على 15 ساعة متواصلة، تبدأ من فترة الظهيرة وتنتهي ببعض الإعادات مع حلول الفجر. ويتخلل هذه الفترة المكثفة من البرامج كم مهول من الإعلانات التي تقدم على شكل إعلانات تجارية أو تلميحات ضمنية، تأتي في سياق المسلسل أو البرنامج، من خلال ما يسمى «الراعي الرسمي للبرنامج»، أو باستعراضات مفضوحة وساذجة في كثير من الأحيان لمنتج معروض على الطاولة فيما الممثل مندمج مع المشهد. وتكاد فترة عرض هذه الإعلانات تزيد على مدة عرض البرنامج ذاته، فقد يتخلل مسلسل يمتد لساعة، خمسة أو ستة فواصل إعلانية مدة كل واحد منها عدة دقائق.

المشكلة لا تكمن في الدعايات والإعلانات ففي المحصلة إن وسائل الإعلام على أشكالها، ما هي إلا شركات ومؤسسات تهدف إلى الربح أيضا.

المشكلة تكمن في أن شهر رمضان تحوَّل من خلال شاشات الفضائيات، إلى فترة زمنية موسمية ممتازة لتجارة الدراما وبرامج الترفيه، ولبيع التسلية السطحية للناس، مقابل تعرضهم ومشاهدتهم لكم مهول من الإعلانات، ومشاركة بعضهم في مجموعة من برامج المسابقات التي تقوم على فكرة المشاركة بالاتصال من قبل الناس... وكل هذا على حساب الإبداع الحقيقي القيم والعميق للأعمال الفنية التلفزيونية، التي لا يشترط في إنتاجها أكثر من أن تشد أكبر عدد ممكن من المشاهدين بأي شكل كان، حتى لو كان ذلك من خلال «تمايلات» مذيعة تدعي الدلال والأنوثة، تستخدم ما يسمح به من إثارة في رمضان، لجذب المشاهدين والترويج لمنتجات معينة وتوزيع جوائز وألوف على الناس، الذين بالتأكيد دفعوا قيمة هذه الهدايا عشرين أو ثلاثين ضعفا ما لم يكن أكثر من خلال المشاركة عبر الهاتف، والرسائل القصيرة (SMS). والمهم من محصلة هذا كله هو الربحية العالية للمحطات التلفزيونية، التي تكرس جهودا كبيرة لهذا الموسم بما يعود عليها من دخل عال.

وعلى رغم ذلك فإن الناس لا تعترض على الترفيه المقدم في المسابقات، بل يجدون فيه متعتهم الخاصة، وكثرة الدعايات التي تزعج المزاج عند متابعة المسلسل، تعودنا عليها وبتنا نتقبلها، وخصوصا إذا كانت في مقابل أن نشاهد عملا تلفزيونيا جديدا، في فترة بات الناس يبحثون فيها عن مختلف سبل الترفيه والاسترخاء. غير أن الأزمة باتت خلال السنوات الأخيرة تظهر بشكل أكبر مع تدني مستوى الأعمال من خلال تكرارها وتشابهها، لا لشيء سوى لأن السوق تتوقع أن يطلب النوع الفلاني من الأعمال فيتهافت الجميع لإنتاجه، لأن سعر الطلب عليه مرتفع خلال السنة الحالية. فنجد أن المسلسلات التي تحكي قصص حارات الشام القديمة قد انتشرت خلال السنتين الماضيتين بشكل كبير، وجميع هذه الأعمال تتشابه، إن لم تتطابق في بعض الحوارات، وبالتأكيد في الوجوه المشاركة فيها. والدراما المصرية هناك من أخبر منتجيها بأن السوق تطلب سير ذاتية لفناني بداية وأواسط القرن الماضي، فأغرقوا السوق بالسير الذاتية.

وطبعا، ولأن المستثمرين وجدوا أن نسبة كبيرة من المشاهدين العرب توجهوا لمتابعة المسلسلات التركية خلال الفترة الماضية، فكانت مشاركة بعض الفنانات التركيات اللواتي اشتهرن في الصيف الفائت ضمن بعض الأعمال الدرامية التركية، وسيلة ممتازة للترويج والدعاية لبعض حلقات المسلسلات من دون أن تكون هناك قيمه حقيقية جوهرية لهذه المشاركة، سوى جذب المشاهدين المستهدفين بالإعلانات.

العدد 2549 - الجمعة 28 أغسطس 2009م الموافق 07 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً