العدد 2550 - السبت 29 أغسطس 2009م الموافق 08 رمضان 1430هـ

الأمن المائي - والأمن الغذائي... ما بين الموازنة أو الخيار؟ (5)

من المتعارف عن الحديد أنه يتأكسد بسرعة مكونا الصدأ وحين يتأكسد حول المواد الملوثة مثل ثلاثي كلوريد الايثانول وكذلك ثلاثي كلوريد الكربون وكذلك ثاني كلوريد الفينيل المتعدد وكذلك الديوكسين فإنه يعمل على تحليل هذه المركبات العضوية إلى مركبات كربونية وكذلك بالنسبة للمعادن الثقيلة مثل الرصاص والنيكل والزئبق أو حتى اليورانيوم فإن عملية أكسدة الحديد تجعل هذه المعادن غير قابلة للذوبان فتظل حبيسة التربة ولا تشترك في السلسلة الغذائية، وبنفس آليات العمل لابد من الاستعانة بالمركز البيولوجي لتكنولوجيا النانو لحل مشكلة بقعة الزيت بالخليج وما يتسببه من تلوث يؤدي إلى الضرر بالثروة السمكية.

وقد تكون المشكلات كثيرة ولكن لابد أن ندرك أن الحلول أكثر لأن العلم لا يتوقف والعلم والتكنولوجيا عالم لا حدود له لاتساعه وروعته تحدثت عن بعض ملامح دور الباحثين ولكن ما هو دور العاملين بالقطاع الزراعي وواجب المزارعين وهم حلقة الوصل والمنطقه الوسطى ما بين الباحثين والمزارعين، حيث من واجبهم التدريب على طرق استخدام التكنولوجيا الحديثة والرجوع بالمشاكل للباحثين للمحاولة لإيجاد حلول لها، ولابد من تحديد المعاملات الزراعية المثلى وتوقيتاتها التي من شأنها أن تحافظ على خصوبة التربة والتي لا تسبب في الهدر المائي ووضع توقيتات زراعة المحاصيل وتوقيت نقل المحاصيل من المشتل للأرض المستديمة، حيث هناك محاصيل عند بقائها في المشتل مدة تزيد 15 يوما مثلا عن مثيلاتها التي نقلت في الأرض المستديمة تكون ذات كفاءة إنتاجية أفضل وما يترتب من التأخير من توفير كميات المياه اللازمة للزراعة في الأرض المستديمة انتخاب أصناف جيدة للزراعة وأرشاد المزارعين إلى أفضل الأصناف التي تتميز بقدرة إنتاجيه عالية لابد من اتباع وتتبع الأبحاث في مختلف البلاد التي تعتمد على استنباط نوعيات جديدة عن طريق انتخاب الطفرات التي لها مواصفات خاصة، مثل مقاومتها للملوحة فمثلا هناك بعض بذور الطماطم تتميز بإنتاج عالى ومقاومة الأمراض والأهم أنها تزرع في مياه تعدت ملوحتها 10000 (عشرة ألاف جزء في المليون ملوحة) وكذلك شتلات الطماطم التي تم تطعيمها بأصناف برية تتحمل الظروف المناخية القصوى من حيث ارتفاع الحرارة حتى درجة 40 درجة وقد تتعداها وليس الهدف تحمل الحرار ولكن الهدف هو العقد والإنتاج في هذه الحرارة وكذلك التأثير على اسموذيات الخلايا لبعض المحاصيل برش بعض المواد المخلقة عضويا.

تحديد الاحتياجات المائية للمحاصيل المختلفة طبقا لظروف المناخ

لابد من عمل قاعدة بيانات يلجأ اليها المزارع قبل البدء في الزراعة وهي تحديد الاحتياجات المائية للمحصول طبقا لمعطيات المناخ والتربة ومعدلات سحب المياه حتى يتمكن من تحديد فترات الزراعة طبقا لمنحنيات الاحتياج المائي وارتفاع الحرارة وهذا من خلال معطيات التربة أيضا.

عمل اقتصاديات للمحاصيل للوقوف على جدوى أو إيجاد بدائل تحقق العائد

لابد من عمل اقتصاديات الإنتاج واضعين في الاعتبار تقييم نسبي للموارد الطبيعية للوقوف على الجدوى الاقتصادية السليمة حتى نحقق زراعة ذات جدوى للنظم البيئية وجدوى اقتصادية ويكون هذا من خلال قاعدة معلومات دقيقة بحيث تحدد فيها نوعية التربة بكل منطقة ومدى الرطوبة النسبية بها وخصائص ملوحتها حتى يحدد أفضل المحاصيل التي ينصح المزارع بزراعته مما يحقق له عائدا مناسبا بالتعاون مع المرشدين الزراعيين التابعين لوزارة الزراعة على أن تنشر هذه البيانات من خلال الموقع الإلكتروني للوزارة حتى يسهل الحصول على المعلومة في أي وقت من اليوم لمن يريد.

ما هو الدور المنتظر من وزارة الزراعة

الوزارة هي التي تحتضن المنظومة الزراعية بأمنها المائي والزراعي وهي التي ترسم الرؤية الزراعية المناسبة بما يحقق الموازنة بين الأمن المائي والأمن الغذائي النسبي بما يزرع من محاصيل حالية، فعلى الوزارة مسئولية كبيرة ومسئولوها يعدون الخطط لبداية تحتاج إلى تغير كثير من المفاهيم لتغيير المنظومة الزراعية والمحافظه على ما تبقى من مياه لنا وللأجيال بوضع الضوابط التي تتيح نظاما مناسبا لوضع لوائح تقنن الاستخدام غير المقنن للمياه الجوفية كما من واجبها التنسيق مع مسئولي المياه المعالجة للوصول لما نطمح له من جودة مناسبة للمياه تحقق أعلى معدلات الأمان الصحي بتطوير محطات التحلية بسبل جديدة ونحلم أن تصل درجة جودة المعالجة إلى مناقشة استخدامها لحقن الآبار المالحة، ولكن هذا يتوقف على مدى جودة تقنيات التحلية ولا أحد ينكر الدور والعمل الذي يقوم به رجال تركيب وتوصيل شبكات المياه المعالجة لدرجة أن على مدى 3 سنوات تم إنجاز أعمال حلمنا بنصفها ونامل مزيدا من صيانة الشبكات ومنع أي تسربات حفاظا على المياه المحلات وندعو لإنشاء بنك المياه بحيث يحتوي على كل المعلومات المائية بكل تفاصيلها ومعطياتها ونشرها على البريد الإلكتروني لسهولة استيعاب الوضع المائي العربي وعلى الوزارة تبني الأساليب الزراعية الحديثة، إذ إن الاستمرار بنفس أساليب الزراعة قد يعني مواجهة سيناريو الخيار بين أمن مائي أو أمن غذائي، فليس من الممكن استمرار الزراعة بهذا الأسلوب التقليدي لما تشكله من استزاف للموارد دون عائد وهذا ما وضح من خلال التقييم السابق للمحاصيل والذي وضح فيه أن قيمة المحصول أقل بكثير من قيمة المياه المستخدمة لإنتاجه، وهذا راجع لأن المزارع لا يدفع قيمة المياه بالسعر العالمي وأيضا تعريفة المياه المستخدمة بالزراعة قليلة للغاية وتتحمل الدولة هذه التكلفة الباهظة وغير المنظورة من المزارعين وهذا ما شكل إجهادا بيئيا على مخزون وجودة المياه، ولتوضيح الوضع سوف نتعرض لمتواليات فرضية بين أقطاب التأثير وهي زيادة السكان وما يلزمهم من توافر غذاء وما يستلزم توافر الغذاء من موارد طبيعية مائية، حيث هو الذي يشكل الندرة الحقيقية:

- متوالية السكان 2 - 4 - 6 - 8

- متوالية الغذاء 1 - 2 - 3 - 4

- متوالية المياه 4 - 3 - 3 - 1

ومن خلال هذا المنظور يتضح لنا الوضع الراهن وللعلم تعتبر الدول العربية بالكامل قد وصلت للمرحلة الافتراضية الرابعة، التي تعدت الزيادة السكانية معدلات التنمية لتوافر الغذاء وندرة في المياه ولذا يجب أن نعطي الأهمية القصوى للأمن المائي ونضع الحلول والاقتراحات لوقف الهدر المائي أولا ثم تحسين سبل كفاءة الإنتاج بتطوير الأساليب الزراعية.

اقتراح لحل هذا الهدر للمياه

أكرر هذا الاقتراح الذي تم نشره منذ ما يزيد عن عامين، ألا وهو عمل بطاقة للمزرعة تحتوي على اثني عشر صفحة على الاقل تحمل أشهر السنة وتحدد بالبطاقة بيانات كاملة عن المزرعة من حيث اسم مالك المزرعة ومستأجرها - ومساحة المزرعة - وطرق الري المتبعة بالمزرعة - وطبيعة التربة، ومدى جودة مياه الآبار ومعدلات سحب المياه الجوفية ونوع المزروعات وكذلك تحدد نوعية وكمية المبيدات التي تمنح بقيمة مدعومة للمزارعين.

ومن خلال تلك المعطيات تحدد لكل مزرعة كمية المياه المسموح بسحبها من مياه الآبار طبقا للمساحة على أن لو تعدى المزارع معدلات السحب المحددة من البئر سيقوم بدفع قيمة ما يسحبه بسعر المياه وذلك ندفعه لتطوير أساليب الري والتوجه لتقنية الري بالتنقيط الذي يوفر كميات كبيرة من المياه، وهذا يعتبر خطوة أولى وتقدر كميات المياه بكل مزرعة بأفتراض أن المزرعة بالكامل تروى بنظام الري بالتنقيط وخلال العام وبهذه الطريقة سوف نوفر مالا يقل عن 75 % من معدلات المياه التي تستخدم الآن، وهذا ليس بجديد حيث هناك في مصر مثلا اقتراح لفرض هذا القانون وتم تحديد لكل فدان كمية ري يومية تقدر بـ 5 لترات مياه يوميا لكل متر مربع، إذ إن هذا القانون مطبق على الأراضي المستصلحة التي تمنح المياه من خلال عدادات مياه، وجاري الآن وضع دراسات لتكلفة اقتراح تعميم هذا القانون على جميع أراضي الدلتا وما يلزم ذلك من شبكات توصيل العدادات رغم صعوبة هذا الأمر لارتفاع التكلفة في ظل الحيازات الصغيرة للأراضي، ولكن في جميع الأحوال أقل تكلفة من تعرض الأمن المائي للخطر - وهذا عند ربط كمية المياه بالمساحة المزروعة بالمزرعة وكذلك تحدد ما يلزم المزرعة من المبيدات شهريا، رغم تحفظي على دعم المبيدات بأية صورة لأن الإفراط في استخدامها يضر بسلامة المنتج، فعلينا أولا وقف الهدر ثم التوجه للأساليب الزراعية الحديثة مثل الزراعة الراسية والزراعة بدون تربة

العدد 2550 - السبت 29 أغسطس 2009م الموافق 08 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً