العدد 2306 - الأحد 28 ديسمبر 2008م الموافق 29 ذي الحجة 1429هـ

على أطلال غزة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أعلن أمس عمرو موسى اتفاق المندوبين بالجامعة العربية على عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية غدا (الأربعاء) لبحث العدوان الإسرائيلي على غزة. أما طلب عقد القمة فمازال بانتظار وصول الردود الرسمية، فالقادة ليسوا في عجلةٍ من أمرهم، وما يجري في غزّة ليس أول مجزرة أو عدوان حتى يثير كل هذا الفزع والاضطراب.

أمّا وزير الخارجية المصري فاستبعد عقد القمة، وأكّد أن بلاده إنما تعمل على وقفٍ لإطلاق النار، يليه اتفاقٌ للتهدئة... فما يجري في غزّة هو حربٌ بين جيشين نظاميين كبيرين، يملك كلٌ منهما دبابات ومدرعات ومجنزرات وطائرات «أباتشي» و»أف 18»، وليس من الحكمة التورّط في الصراعات الدولية، أو التدخل بين الجيوش النظامية المتحاربة.

ثم إن المهمة لم تُنجز، والأمور لم تنضج بعد، ولابد لها من وقتٍ قد يطول كما قال ايهود أولمرت، ولا داعي للجزع، والسياسة تحتاج إلى صبر. فكيسنجر أيام عزّه، عندما اندلع القتال في حرب أكتوبر 73، ترك الأطراف المتحاربة في الشرق الأوسط تتقاتل، وأخذ إجازة ليتزوّج ويعيش فعلا في شهر العسل. وعندما سُئل عن ذلك قال: دعوهم يتقاتلون، ولمّا أعود تكون الطبخة قد نضجت ويكونوا قد تجهّزوا لوقف إطلاق النار وإعلان الرغبة في السلام.

وزير الخارجية اتفق مع رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله على إدانة «حماس»، في هذا الظرف الذي يتعرّض له القطاع إلى الاستباحة والقتل الجماعي. وبينما يسقط خلال يومين 300 قتيل، وأكثر من 1000 جريح، تتوحّد الأطراف الإسرائيلية، حكومة ومعارضة، على موقفٍ موحّد: الخلاص من غزة.

ومع الأيام، نكتشف أن الإجماع على التخلّص من «غزّة» أصبح مطلبا دوليا وعربيا وليس إسرائيليا فقط. بل إن صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية تحدّثت أمس عما أسمته «سحر العملية الواسعة»، واقترحت «سيناريو الأحلام» الأمثل، حيث تدمّر الطائرات الأهداف المنتقاة، وينزل في اليوم الثاني آلاف الجنود إلى أزقّة القطاع، وفي اليوم الثالث يتم اغتيال قيادات حماس، ويسيطر الجيش على معاقل «حكومة حماس»، ويوزّع ناطقٌ باسمه على الصحافة آلاف الصور لأسلحة الدمار الشامل!

هذا السيناريو داعب أحلام الساسة الإسرائيليين طويلا... لتحقيق عدة أهداف: الانتقام من إطلاق الصواريخ, وتوجيه ضربةٍ قاصمةٍ لحماس، ورسالة تهديد أيضا لحزب الله.

أما «يديعوت أحرونوت» فاعترفت بالأهداف الانتخابية التي تقف وراء هذه المجزرة، حيث أصبح الدم الفلسطيني رخيصا إلى هذه الدرجة، بحيث أصبح يستخدم في سوق المزايدات الانتخابية، فالعملية تأتي قبل شهرٍ واحدٍ فقط من انتخاباتٍ جعلت باراك (بطل الانسحاب من جنوب لبنان 2000) وأولمرت «بطل هزيمة تموز 2006» وليفني وزيرة خارجيته) وموفاز (وزير دفاعه)، يتوصّلون إلى قرارٍ مفاده أن ساعة ضرب غزة قد أزفت، وأن من يريد أن يرفع رصيده الانتخابي فعليه سفك مزيد من الدم العربي الفلسطيني.

الإسرائيليون مجمعون على عدوانهم كلمة واحدة، ونحن ما زلنا منقسمين على عقد قمة... لن تعقد إلا بعد أن تتحوّل غزة إلى أطلال.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2306 - الأحد 28 ديسمبر 2008م الموافق 29 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً