العدد 2566 - الإثنين 14 سبتمبر 2009م الموافق 24 رمضان 1430هـ

الطموح الشعبي أسرع من آليات التحول الديمقراطي

بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية... فعاليات لمنتدى «الوسط»:

15 سبتمبر/ أيلول هو اليوم العالمي للديمقراطية، الذي أعلنت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2007، ودعت فيه إلى الاحتفال بمثل هذا اليوم.

وفي هذا اليوم، رأت فعاليات وطنية، أن الطموح الشعبي لترسيخ الديمقراطية، هو أسرع من آليات التحول الديمقراطي، وحذّرت من الساعين إلى إعاقة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك الذي توافق عليه مع الشعب.

وأكدت الفعاليات خلال مشاركتها في منتدى أقامته «الوسط» بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية، ضرورة أن تتوحد المعارضة وأن يكون لديها برنامج عمل موحد، وأن تكون مهيأة للتعاطي بشكل إيجابي مع أية بادرة حقيقية للدولة.


في منتدى «الوسط» بمناسبة اليوم العالمي للديمـقراطية... فعاليات وطنية:

الطموح الشعبي أسرع مـن آليـات التحول الديمقراطي... وهناك من يعيق المشروع الإصلاحي

الوسط - أماني المسقطي

اعتبرت فعاليات وطنية أن الطموح الشعبي لترسيخ الديمقراطية، هو أسرع من آليات التحول الديمقراطي.

وفي المنتدى الذي عُقد في صحيفة «الوسط» بمناسبة اليوم العالمي للديمقراطية الذي يصادف يوم 15 سبتمبر/ أيلول من كل عام، توافق كل من نائب رئيس كتلة الوفاق في مجلس النواب خليل المرزوق، وعضو جمعية المنبر الديمقراطي التقدمي النائب السابق عبدالنبي سلمان، ورئيس الجمعية البحرينية للشفافية عبدالنبي العكري على أن هناك من يعيق ويستمر في إعاقة المشروع الإصلاح لجلالة الملك.

وأكدوا في الوقت نفسه على ضرورة أن تتوحد المعارضة وأن يكون لديها برنامج عمل موحد، وأن تكون مهيأة للتعاطي بشكل إيجابي مع أية بادرة حقيقية للدولة.

وفيما يأتي النقاشات التي دارت خلال منتدى «الوسط»:

*كيف تقيمون مستوى الديمقراطية في البحرين؟ وهل هي في تراجع أو تقدم؟

- المرزوق: الديمقراطية وصلت إلى مرحلة من التعريف العالمي، ومبادئها وأسسها ومكوناتها واضحة، وليست في إطار التنظير بحيث أن يكون هناك اختلاف في هذه المكونات، وعلى هذا الأساس يمكن قياس الديمقراطية في أي قطر من الأقطار وما إذا كانت ترتقي إلى المفاهيم العامة التي يؤمن بها كل العالم، ومن هذا الباب تقيم ديمقراطيتنا في البحرين، إذا جاز التعبير أننا فعلا نعيش الديمقراطية.

وإذا كنا سنتناول شكل الديمقراطية، سواء كان مفردات أو مؤسسات أو عمليات تتناغم مع النظرية الديمقراطية العالمية، فهناك شكل من أشكال الديمقراطية في البحرين، ولكن الممارسة الحقيقية تسلب حتى هذه المظاهر الشكلية حقيقة الديمقراطية.

فالديمقراطية تعني الحكم من خلال انتخابات حرة ونزيهة وعادلة، وحق المواطن أن يكون له صوت، وفي البحرين ليس لدينا هذا المفهوم، ولو تناولنا أحد مؤشرات الديمقراطية وهو حكم الغالبية، فهو أمر ليس موجود لدينا، ومن خلال عملية انتخابية نزيهة تمثل الإرادة الشعبية الحقيقة، وهو أمر غير موجود أيضا من خلال التوزيع غير العادل للدوائر الانتخابية، والمراكز العامة في العملية الانتخابية، بل أن فكرة التجنيس تضرب في الديمقراطية من الأساس، وكون أن السلطة تجنس ما يوازي ربع أو ثلث السكان الأصليين، يعني أن هذه السلطة تحتاج إلى كتلة تمثلها في البرلمان، وبالتالي فإنها تضرب التمثيل الحقيقي للناس.

أضف إلى ذلك أن توجيه العسكريين في العملية الانتخابية يفسد عملية التمثيل الحقيقي للشعب، كما أن الدستور يؤكد على أن الشعب مصدر السلطات، وهو لا يتم تطبيقه في المؤسسات القائمة في تركيبها أو صلاحيتها، فالسلطة تعين أربعين عضوا في مجلس شورى ينافس المجلس المنتخب، بل أنه في حال الاختلاف يكون صوت المعيّن غالب على المنتخب، وهذا يعني إلغاء الإرادة الشعبية في عملية وضع السياسات التشريعية.

وبالتالي فنحن لا نشم رائحة ديمقراطية شكلية معقولة في هذا الإطار.

العكري: ما تقوله الدولة عن نفسها هو أمر، ولكن ما نعيشه في الواقع هو أمر آخر، هناك مشروع طرحه الميثاق في التوجه للديمقراطية، ولكنه كان إعلانا للنوايا، والواقع يختلف عن إعلان النوايا.

وفي أفضل الأحوال هناك ما يسمى بالدول السائرة على طريق الديمقراطية، وهذا تصنيف البحرين ضمن مجموعة سبعين دولة تلتقي دوريا وهي الدول السائرة على طريق الديمقراطية. والمنظمات الدولية الخبيرة في الموضوع، مثل «كارنغي»، تصنف البحرين على أنها دولة سائرة على طريق الديمقراطية وليست ديمقراطية. فلا يكفي وضع دستور وإقامة هياكل ومؤسسات تعطي انطباعا بأن هناك نظاما ديمقراطيا حتى تكون هناك ديمقراطية، لأن معظم الأنظمة الاستبدادية في العالم تجري انتخابات ولديها محكمة دستورية وبرلمان وقضاء وفصل بين السلطات، ولا يوجد من يقول عن نفسه غير ديمقراطي، لأن هذه الصورة أصبحت هي السائدة في العالم، ولكن هذا أيضا لا يكفي.

فحتى بالنسبة للديمقراطية فإن المفهوم التمثيلي لم يعد كافيا، وإنما يطلق عليها ديمقراطية المشاركة، فالانتخاب والتفويض لا يكفيان، وإنما هناك دور للناس على مختلف المستويات لإدارة الشأن العام، وهذا ما نفتقده.

ونحن ندرك أننا بعيدون جدا عن هذه الأمور، بل إننا صرنا نناضل من أجل مكتسبات تحققت كأمر واقع والآن يجري الارتداد عنها، إذ كانت الاجتماعات والندوات تُعقد من دون ترخيص، بينما أصبحت هناك الآن محاذير لعقد هذه الاجتماعات من دون ترخيص، وأصبحت تفض بقوة الأمن، والأمر نفسه يطبق على تشكيل اللجان المؤقتة، التي أصبح تحت طائلة القانون من يسعى إلى تشكيلها.

يكفي الحديث عن أي جانب من أي نظام ديمقراطي وهو الشفافية يعني الحق في ثروة البلد، في مصادرها وأراضيها وبحارها وثرواتها، وهناك أرقام تقول إن شريحة المليارديرات أصبحت مرتفعة في البحرين، وفي الوقت نفسه فإن معدل الدخل الفعلي بدأ يتراجع، والشرائح تحت خط الفقر تزايدت.

أما على صعيد المشاركة في صنع القرار، فهناك أجهزة في الدولة لا تخضع للسلطة التشريعية، وأصبحت السلطة التشريعية تناقش موضوعات الخدمات، أما الأمور السيادية فهي غير قابلة للنقاش، إضافة إلى الصلاحيات الضخمة للسلطة والمؤسسات الأخرى التي تتبعها.

وبالتالي فإنه لا يمكن اعتبارنا بلدا ديمقراطيا، والناس ترغب في تغيير سلمي ديمقراطي وهذا لا يتحقق إلا بتوافق الطرفين، والشعب حسم خياره بالاستفتاء على الميثاق، ولكن يبقى الحكم نفسه الذي عليه حسم خياراته.

*ما هي المقومات التي تحتاج إليها البحرين لتتحول إلى دولة ديمقراطية؟

- سلمان: يمكن القول إن البحرين تعيش فترة تحولات نحو الديمقراطية، وهذا التصنيف مقبول، ولكن بالنسبة لنا كشعب وقوى سياسية لا يمكن أن نراوح في المكان نفسه لعشرة أعوام، ونتحدث حتى الآن عن فترة التحولات نحو الديمقراطية، فالطموح الشعبي أسرع من آليات التحول الديمقراطي.

ونحن نفتقد الكثير من آليات العمل الديمقراطي في البحرين، فعند الحديث عن الفصل بين السلطات، ما زلنا نعايش هذا الواقع، إذ إنه وعلى الرغم من وجود هياكل لسلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية، إلا أننا ما زلنا بحاجة لأن نؤكد أن هناك استقلالا في القضاء، وما زال دور السلطة التشريعية منتقص نحو الحراك السياسي، وما زالت السلطة التنفيذية هي من تمسك بقرارات البلد.

لا نستطيع أن نقول إن البحرين يمكن أن تصنف على أنها دولة مؤسسات، إذ يجب أولا إلغاء النفوذ والسيطرة والاستبداد. ووجوه الاستبداد ما زالت موجودة في مؤسساتنا وقراراتنا السياسية، وما زلنا نستند على قوانين متخلفة للصحافة وحرية التعبير، والعمل النقابي الذي يعتبر أحد المقومات الأساسية نحو التحول الديمقراطي، ما زال مقيدا، على الرغم من أنه بات مطلوبا وليس ترفا فقط بالنسبة لأية دولة تتجه نحو الديمقراطية.

كما أن هناك غيابا لثقافة الديمقراطية، وهناك قوى ما زالت تقف بالمرصاد لحرية التعبير وإيجاد قانون بديل للصحافة، وما زلنا نعيش حالات من التمييز لا يمكن إخفاؤها، فهناك تمييز وقرارات فوقية تفرض على السلطات المعنية في البلد، ناهيك عن تضاؤل فرص الشفافية فيها، وما زال حق الحصول على المعلومة مطلب شعبي للقوى السياسية، وما تزال الهيئات الموجودة لا تملك قراراتها، وهناك تدخل في قرارات القطاع التجاري ورسم فوقي للسياسات بعيد حتى عن التوافق الشعبي، ما زالت الحكومة والقيادة السياسية لا تعطي الحوار المجتمعي أهمية قصوى.

نعرف أنه لا يمكن القفز على هذه المراحل، ولكن لا يمكن القبول بأن نراوح في ذات المكان الذي وجدنا أنفسنا فيه منذ إقرار ميثاق العمل الوطني.

العكري: التحولات الواعدة يجري التراجع عنها. كما أن النظام الديمقراطي يقوم على الشفافية وحرية الوصول للمعلومات في الدول الديمقراطية المتطورة، وفيه تكون كل ثروات المسئولين معروفة، حتى العاملين في الشركات الكبيرة، فأي معلومة لا تضر بالأمن الوطني يستطيع المواطن أن يحصل عليها وهناك قوانين تنظم هذا الأمر.

بينما البرلمان البحريني لم يستطع أن يحصل على قائمة فعلية بممتلكات الحكومة، بل أنه اكتشف أن بعض هذه الممتلكات مسجلة في سجلات حكومية على أنها ملك للحكومة، بينما في سجلات أخرى اعتبرت أملاكا خاصة.

يجب أن تتاح المعلومات عمن يتسلمون المسئولية في الدولة، فملكة بريطانيا تعلن عن ممتلكاتها سنويا، بل أنها تدفع ضرائب عن بعض الممتلكات التي يترتب عليها أرباح. المشكلة أن الفجوة بيننا وبين العالم تزداد، وتقارير المنظمات الدولية تثبت أن البحرين تتقدم في حرية التجارة وتتراجع في الحريات العامة والتعبير والشفافية.

المرزوق: هناك حدود دنيا لعملية الشراكة والتمثيل الحقيقي للشعب باعتباره مصدر السلطات، إذ لا يمكن أخذ قرار من دون أن تتوافر المعلومة، فإذا حجبت المعلومة وتوقفت عند الجهات الحكومية، لا يمكن اتخاذ القرار.

فعلى سبيل المثال، لا يمكن توظيف الثروة الحقيقية للوطن، إذا لم يكن هناك إطلاع على كامل الإيرادات، كما أن إخفاء عدد سكان البحرين، وعدم معرفة ما إذا كانت نسبة الزيادة الطبيعية هي 2.7 في المئة، أو حسب المعلومات التي أوردها الوزير المعني بالإحصاء على أنها 5.8 في المئة. كيف يمكن للدولة كمؤسسة أن تخطط للصرف الصحي والمؤسسات والمدارس والمستشفيات، إذا لم يوجد رقم تعتمد عليه؟ هل نحن في حدود مليون و50 ألف نسمة حسب ما أعلن عنه في وقت سابق، أو أصبحنا مليون ونصف أو مليونين؟

كيف يمكن التخطيط باعتبار السلطة التشريعية شريكة في إدارة الدولة إذا لم تكن قائمة على معلومات واضحة؟

وباعتقادي أن الاندفاع الشعبي للتصويت على ميثاق العمل الوطني لم يكافأ من السلطة بحقيقة تفعيله، وإنما انتقص مرتين، الأولى في التعديلات الدستورية غير التوافقية، والأخرى بالانتقاص المستمر لكل المكتسبات، فحتى المكتسبات الهامشية اختطفت مرة أخرى، وبدأنا بمشروع الآن يكرس ضد مشروع الإصلاح.

*هل صحيح أن المعارضة تبحث عن نموذج متكامل للديمقراطية، وأن المطالبات تتعدى مستوى الديمقراطية الحديثة للبحرين، إن صح التعبير، لتطالب بالحصول على مقومات الديمقراطية مثل تلك التي تمتلكها الديمقراطيات العريقة؟

- سلمان: لنكن واقعيين، شعب البحرين يمتاز منذ عقود بحيويته السياسية والاجتماعية، وطموحات شعب البحرين لا تحدها حدود في هذا الجانب، سواء في فترات العمل السري أو العلني. والقوى السياسية على مدى كل هذه الفترات، حتى في الفترات المظلمة في تاريخ البحرين، أثبتت ولاءها الوطني ورشد توجهاتها في الكثير من المواقف المفصلية التي حددها تاريخ البحرين، وأثبتت أنها قادرة على لملمة كل الآلام والجراح لتعيد البلد لرشدها ونضجها بالتوقيع على الميثاق، ويجب أن يبرهن كل ذلك للسلطة السياسية في البلد أن هناك شعبا يريد أن يعيش حياة كريمة، وفي الوقت نفسه هناك قوى سياسية لن تتنازل عن مسئولياتها تحت أي ضغط أو تشويه لحراكها المشروع.

شعب البحرين وعلى الرغم من كل طموحاته، فإنها مشروعة ومتواضعة في القياس العالمي، والحديث هنا عن الممالك الدستورية، وعلى الرغم من أن الدستور يؤكد على أن البحرين مملكة دستورية، إلا أن القوى السياسية لم تتخذ ذلك وسيلة للضغط لإحلالها بين يوم وليلة.

هناك مطالب مشروعة للقوى السياسية بأن نسير تجاه المملكة الدستورية، ولكن السلطة السياسية مطالبة بأن تبرهن على أنها جادة نحو عملية التحول الديمقراطي في البلد التي يجب أن يكون لها سقف محدد وتتم مراجعة ما تم.

وما يخرج للسطح بين فترة وأخرى أمام مرأى من القيادة والقوى السياسية أن هناك من يعيق ويستمر في إعاقة المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وعلى الرغم من ذلك لا نجد من يوقف هذه الإعاقات. هناك قوى طارئة خرجت للسطح تعمل على مدار الساعة على إعاقة كل ما هو توجه وطني، وكل ما يعني البلد من إصلاح ودرء المفاسد فيه، غير أن هناك قوى تدافع عن المفسدين وأخرى تمتلك زمام المبادرة في المؤسسة التشريعية وتصل إلى سدة التشريع في البلد بدعم من المراكز العامة، وتعيق وتروج الفساد أحيانا.

وفي ظل كل هذا الوضوح في التراجع، يجب أن يكون هناك توجه لدى القوى السياسية أن تقود البلد ولا تقبل بالتراجع خطوات إلى الوراء. فطموحنا أن نسير إلى الأمام لا الرجوع لخلف، طموحنا لم يصل إلى أن نقفز قفزات في المملكة الدستورية، ويجب ألا يتم النظر إلينا أننا ننطلق من منطلقات ضعف، وإنما نتعاطى بنضج مع الشأن السياسي في البلد، ونفهم واقعنا السياسي المحلي وضغوطات المحيط الخليجي والعربي، وأننا في بيئة عربية غير ديمقراطية، ولكن هذا لا يعني أننا نتلكأ في الإصلاحات التي يمكن أن تقودنا مستقبلا إلى ما هو أفضل، ولا يجب أن يترك أمن البلد في أيدي قوى لا تريد الإصلاح، وللأسف أن المشروع الإصلاحي أصبح يوجه من قبل قوى مجتمعية طارئة إلى ما لا يحمد عقباه.

المرزوق: إذا أخذنا النموذج البريطاني، والكل يعلم أن الديمقراطية البريطانية عمرها 700 عام، فهل نحتاج إلى 700 عام لتتحول تبعية ديوان الرقابة المالية من جلالة الملك إلى السلطة التشريعية لتمكينه من الاستفادة من تقرير الديوان؟ هل نحتاج إلى 700 عام لنضمن أنه إذا وجه سؤال وزير عن معلومة يجيب عليها؟ أو نحتاج إلى 700 عام للحصول على برنامج عمل الحكومة؟

في تطلعنا إلى النماذج الموجودة، هناك أمور بديهية للحدود الدنيا للمشاركة، لا أحتاج أن أقول إننا بحاجة للتجربة البريطانية في البحرين، هذا ليس استنساخا، ولكن هناك نضج في عملية الشراكة بين الشعب والسلطة، وشعب البحرين يريد الحدود الدنيا من هذه المسائل.

العكري: ... أشرت إلى النموذج البريطاني في نظام شفافية المعلومات، ولكن هناك أيضا دول أخرى مثل ماليزيا وسنغافورة التي حصلت على استقلالها من وقت ليس ببعيد، ولكنها تطورت سريعا، وعندما استقلت ماليزيا مثلا لم تكن أكثر تطورا من البحرين، وإنما كانت تعتمد على تصدير المطاط، ويحكمها 7 سلاطين، ولكن ماليزيا اليوم وهي دول إسلامية وفيها أعراق ثلاثة، دولة ديمقراطية.

ما طرحناه من مؤشرات ومعايير للديمقراطية، هي موجودة لديهم وليست موجودة لدينا، كما أن تجربتنا انتكست، ولكن حتى الآن لا يوجد إقرار من النظام أنها انتكست، والدولة لم تعترف أن ما قامت به إبان أمن الدولة كان خطأ.

يجب وضع معايير معينة على أن هناك تقدما أو تراجعا، ومن ثم قياس ذلك.

*هناك من يرى أن الإشكال بين المعارضة والسلطة هي رغبة الأولى بالاستئثار على موقع الثانية، فهل هذا صحيح؟

- العكري: أود أولا أن أعطي مثلا في هذا الإطار، فقبل مدة جاء وزير الدفاع في حكومة الظل في الحكومة البريطانية للبحرين واستقبل على أعلى مستوى، وكان معه عدد من الضباط الكبار، على الرغم من كونه يمثل المعارضة في بريطانيا، لأنه في النظام الديمقراطي، المعارضة هي الوجه الآخر في الحكم، ويتم التعامل معه من قبل الحكومة في الدول الديمقراطية حتى في القضايا الخطرة.

وإذا كان هناك اقتناع بأن المعارضة تسعى للاستئثار على موقع الحكومة، فهذا يعني أنه لن تكون لدينا ديمقراطية، وبالمقابل فأنا أنتقد المعارضة في بعض الجوانب، فالمعارضة يجب ألا تكون معارضات، وإنما تشكل كتلة، وأن يكون لديها برنامج وآليات عمل يومية وأن تكون لديها وجهة نظر في كل شيء، حتى تقنع الناس بأنها البديل المؤهل للأفضل، ولكن إذا استمرت بمناوشاتها فإن ذلك سيضرها أكثر مما ينفعها، فنحن بحاجة إلى كتلة معارضة لديها آلياتها، وندرك صعوبة ذلك في ظل الموارد المحدودة، ولكن يمكن تحقيق ذلك إذا تم السعي إليه.

المرزوق: البحرين تجاوزت محطة الحكم وأي صدام بشأن محطة الحكم، وقراءتي أن الشعب بكل قواه حسم هذا الموضوع، ولكن هناك أطراف في السلطة تريد أن تشغل الشعب بمحطة تدافع وهي إدارة الدولة، وهناك أطراف دائما ما تدفعنا إلى المنطقة الأخرى وهي المحسومة، وتستنزف من جهد الشعب وإيراداته ووقته وسلمه الأهلي في أمور محسومة أصلا.

ولذلك هذا التوجه الموجود لا يقدم أو يؤخر شيئا في قضية محسومة، ولا أحد يطرح من المعارضة ليكون أحد أفراد الشعب على رأس الحكومة، وإنما يجب أن يوضع لهذا المنصب برنامج وأن يكون البرنامج عرضة للمساءلة، أما أن نجر ونرتقي بهذا التدافع وكأنه صراع على الحكم، فهذا يجر ويلات وليس منه طائل، وننصح بغلق هذا الملف مثلما أغلق شعبيا، والمشكلة أن هناك من يستغل هذا الملف لفتحه في كل وقت لتعكير أية إصلاحات جديدة في منطقة إدارة الدولة.

سلمان: القوى السياسية الرئيسية في البلد في خطابها وعملها اليومي، كثيرا ما تؤكد على نقطة مهمة وأساسية لا تلتفت إليها السلطة باستمرار أو تلغيها وتهمشها، وهي مسألة الشراكة، فعندما ننادي بالشراكة في توجهات البلد السياسية نحن لا نطلب المستحيل، فنحن لا ننظر للحكومة من منطق العداء، وأثبتت المعارضة في أكثر من مفصل أنه عندما تحتاج السلطة إلى المعارضة فهي تجلس معها وقت ما شاءت، وعندما تحتاج المعارضة إلى الجلوس كثيرا ما يُرفض طلبها.

وأود التذكير أنه عندما طلبت الحكومة من المعارضة الشراكة معها في مشروع أساسي ومهم وهو ميثاق العمل الوطني ومشروع سوق العمل والبطالة، لم تتردد القوى السياسية عن المشاركة برؤاها وكوادرها وطرحها وفكرها السياسي لإنجاز هذه المشروعات، الإنجاز الذي تحقق في مشروع البطالة لم يأت من الـ30 مليون دينار، وإنا هناك رؤى وضعتها المعارضة إضافة إلى ما وضعته السلطة، وكان هناك تواصل مع الحكومة ليكون هناك مخرج في مسألة البطالة، وهذه القضية تم تحجيمها للحد الأدنى.

لماذا لا يتم تحجيم قضية مثل التجنيس؟ فبعد أكثر من ثمانية أعوام بمناداة المعارضة بوجوب وقف التجنيس، يخرج وزير الداخلية أخيرا ليصرح أن هناك توجها لمراجعة السياسات الأمنية، بالفعل، السياسات جميعها أكدت على أن هذا توجه سليم وسبق وأن أكدت عليه المعارضة قبل ثمانية أعوام ولم يتم السماع إليه، ولكن هناك من يحاول إلغاء قوى المعارضة، وذلك لغاية في نفس يعقوب وهي مكشوفة للنظام والقوى السياسية.

لا يمكن أن تستقيم الأمور في هذا البلد من دون الجلوس مع القوى السياسية الحقيقية على طاولة مستمرة للحوار لا طارئة.

*المعارضة متهمة بأنها غير موحدة الصفوف، وهو ما اعتبر بأنه العائق الأكبر في دفع الدولة إلى التحول الديمقراطي الكامل، فهل نحن بحاجة إلى معارضة موحدة لتحقيق هذا التحول الديمقراطي؟

- المرزوق: المعارضة بحاجة إلى إعادة هيكلة وطريقة تعاطيها مع العملية السياسية. والحراك السياسي الموجود في البحرين متميز، ولكن يبقى أن كل مساحة التعلم التي استفدنا منها خلال حراكنا، يجب أن توظف ليكون هناك كيان سياسي معارض قادر على مواجهة المخططات التي تأتي بها السلطة من خلال مستشارين سيئين، بمعنى أنهم يقدمون استشارات غير مخلصة لوطن تعايش وحقق شراكة بين القوى الشعبية وقوى الحكم لإنتاج تنمية مستدامة، وهؤلاء يفكرون أن السلطة تحتاج إلى من يشير إليها لقمع المعارضة وتكميم الأفواه، وهناك بعض الكيانات الداخلية التي تستفيد من هذا الوضع.

ولذلك المعارضة بحاجة لأن تنظم صفوفها وتعيد هيكلة علاقاتها فيها بينها وتعاطيها مع الوضع العام والسلطة وما خلقته السلطة من كيانات مضادة لأية حركة إصلاحية، سواء من خلال كتلة أو كيان موحد أو تحالفات، فالبعد الإداري في عملية التنظيم لا يقتصر على نوع من أنواع عملية الاندماجات.

ولا يجب أن نذهب إلى هيكلة تكون بيروقراطية كبيرة حتى نكون متأخرين أكثر عن الوضع الحالي، لأن كل كيان ينطلق بحرية، وبالتالي تكون فاعليته أكثر تجاه السلطة، لذلك نحتاج إلى تفكير عميق في تطبيق هذه الفكرة.

العكري: يجب مفارقة الوضع الحالي لأنه ليس صحيا، في بلد مثل اليمن، أحزاب اللقاء المشترك ديناميكيتها في اتخاذ القرار الجماعي أفضل من البحرين...

سلمان: القوى المعارضة السياسية في البحرين يجب أن توجه النقد لنفسها بشكل جماعي، والفترة التي مضت ارتكبت كثير من القوى السياسية أخطاء، وجوهر العمل السياسي يجب أن يفرز واقع جديد، وبدأنا كأطراف سياسية في اتخاذ خطوات تنسيقية، ولكن مع مرور التجربة ستتعلم المعارضة من أخطائها وسلبياتها.

هناك من يتربص بقوى المعارضة ويعمل على تشتيتها، وإلى أن تكون هناك معارضات لا معارضة واحدة، ولكن المحك بالنسبة لنا أن نكون على يقين أنه لا يمكن لقوى المعارضة أن تكون قوى مؤثرة حقيقية وهي في تشرذمها الحالي، هناك قوى حقيقية خرجت من الساحة السياسية بسبب هذا التصادم.

كما أن ما يوحدنا أكثر ما يفرقنا، ولو عملت القوى السياسية الحقيقية على إيجاد آلية تعاون في ربع المشتركات، فستكسب شارع مؤهل ليتعاطى معها بإيجابية.

*البعض يرى أن الدولة الديمقراطية الناجحة هي القادرة على إدارة الاختلاف بين قوى المجتمع المختلفة، فما هي برأيكم الآليات التي تمكنها من إدارة هذا الاختلاف؟

- سلمان: نحن نعول كثيرا على القيادة السياسية أن تعي هذا المنطق، فهناك حاجة لأن تمسك القيادة السياسية بزمام الأمور بحيث تدير العملية السياسية في البلد من منطلقات وطنية يستفيد منها الشعب والنظام، عجلة الزمن والتاريخ تؤكد أنه طالما أهملنا المشتركات الشعبية التي يلتقي فيها الشعب مع النظام، علينا أن نتوقع الأسوأ في المستقبل.

وأعتقد أن هناك رشد في النظام السياسي بحيث أن يعي أبعاد إهمال هذا الجانب، وترك عملية الصراع السياسي والاجتماعي في أيدي غير أمينة سيقود البلد إلى ما لا تحمد عقباه، وأمامنا وقت يمكن للقيادة السياسية فيه أن تتدخل لإعادة عجلة الإصلاح والتنمية إلى طريقها الطبيعي بعيدا عن نوايا من لا يريدون الإصلاح، ولا يجب أن تترك الأمور على ما هي عليه.

فاليوم ما يشفع للنظام السياسي في البحرين هو وجود أريحية في الوضع الاقتصادي بشكل عام، ولكن هذا الوضع ليس مهيئا للاستمرار في ظل تراجع الأوضاع الاقتصادية، وبالتالي على القيادة السياسية أن تستفيد مما هو متاح من معطيات إيجابية لتطويرها وعدم القبول بالرجوع إلى الوراء.

القوى السياسية اليوم مهيأة للتعاطي بشكل إيجابي مع أية بادرة إدارة حقيقية للدولة، شريطة أن يسمع رأينا كقوى سياسية وألا نعتبر كهوامش ومتطفلين على العملية السياسية.

العكري: في الدول الديمقراطية، الدولة لا تختزل بالحكومة، ولذلك حين يكون هناك خلاف مرجعيات في الدولة، فإما يتم الرجوع إلى استفتاء أو انتخابات، فكل البلدان تمر بأزمات ولكن لديها آلية لمعالجة هذه الأزمات.

المرزوق: الأصل أن تكون السلطة هي صمام الأمان لكل الكيانات المجتمعية والسياسية، وأي تعد على الكيان السياسي، تكون السلطة مسئولة عنه سواء بفرضية التمثيل من الشعب أو أن تكون السلطة هي العائلة المالكة، ولكن ترك المجال لقوى ظلامية متنفذة تغذي المشكلات العرقية بين المكونات، يؤدي إلى خطر يحدق بالبحرين.

ولنأخذ مشروع إسكان النويدرات مثلا على ذلك، إذ لا يمكن تخيل أن مؤسسات رسمية تتبنى تحويل مشكلة خدمية إلى مشكلة كيانات ومشكلة مجتمعية، وأية تبريرات تأتي لا يمكن أن تصمد أن هناك خطأ استراتيجي في هذا المشروع الصغير بدلالات كبيرة.

يجب ألا تظهر السلطة بأنها تغذي الصراعات والتنافس غير الوطني، في خارج إطار الاستحقاق المواطني، ويجب أن يوقف هذا الأمر.

زيارة مثل زيارة سمو ولي العهد إلى كل الكيانات، بدل من أن يشاد بها وتحفز للمزيد من هذه الزيارات يثار عليها من جانب آخر غبار من هنا وهناك، لأن هناك فكر يتنامى كيف نخلق صدامات بين هذه المكونات. وهذا تدمير استراتيجي للوطن والكيان الواحد.

*كانت هناك عدد من التقارير الدولية التي أعطت البحرين تقييما منخفضا لمستوى الديمقراطية فيها، ومن بينها مؤشر «الإيكونومست» الذي وضعها في الترتيب 130 من 167 دولة، ووصفها بأنها تندرج ضمن الدول ذات الأنظمة المتسلطة، كما أن مؤشر «بيرتلسمان للتحول الديمقراطي 2008»، قال إن البحرين يمكنها تحقيق إنجاز مهم في التحول الديمقراطي، من خلال إعادة النظر في عدة أمور. كان تعاطي الحكومة مع هذه التقارير هو تجاهلها، فما هو مبرر الدولة في تجاهل مثل هذه التقارير حسب اعتقادكم؟

العكري: هناك ذهنية أنه إذا كان هناك تقرير لصالح الحكم، يتم تضخيمه، مثل التقارير التي تتحدث عن حرية التجارة، بينما التقارير التي تكشف عن واقع سلبي يتم تجاهلها إن لم تهاجم.

وإذا استمرت هذه الذهنية، فهذا يعني الإصرار على الاستمرار في طريق خطأ، كما أن القوى السياسية والمجتمعية لا تلتقط هذه الأمور، وكان يجب أن يتم الوقوف أمام تقرير التنمية الإنسانية على سبيل المثال، وأن يوضع على طاولة التشريح من قبل قوى المعارضة والمجتمع المدني ولكنه مر من دون اهتمام.

فمسئولية المعارضة لا الكشف عن أخطاء الحكم فقط، وإنما مسئولة أدبيا عن شعبها، ولذلك فإن أية اختلالات أو تشريح لحاجة أو ظاهرة معينة يقع على عاتقها.

سلمان: ليس من الحكمة في شيء أن يتم إهمال تلك التقارير، لأنها تتحدث عن واقع معين في البحرين، سياسي أو اجتماعي أو تنموي، وبالتالي في عالم اليوم كثير من هذه الأمور أصبحت من المسلمات، والدول التي تحاول أن تشترك في عملية التنمية وتستقطب الاستثمارات، تريد أن تكون صفحتها بيضاء في هذا الجانب، ومن هذا المنطلق على الأقل يجب على الدولة أن تهتم بهذه التقارير.

لا يمكن للبحرين أن تحتل مكانتها الطبيعية كدولة متقدمة من دون أن تهتم لتلك التقارير، والمعارضة تستطيع إذا أرادت أن تعمل على تلك التقارير وتفضح تلك التراجعات، ولكنها تتعامل أيضا معها بموضوعية. هذه التقارير يجب أن يتم التعاطي معها بشكل أعمق وشعبي أكثر.

المرزوق: لم يعد ممكنا لأي دولة أن تراوغ أو تضحك على العالم الخارجي بمؤشرات الوضع الداخلي، ولذلك بدلا أن تصرف ملايين الدنانير على الشركات التي تروج للبحرين في الخارج، يمكن أن تحل هذه الملايين مسائل تحسين الوضع الداخلي بدل إصرارها على مثل هذه الأمور.

والمؤسسات الدولية لا تحتاج إلى جهد كبير للتعرف على الوضع الحقيقي، ولذلك يجب أن نعتني بالشفافية وأن نضع البرامج لإصلاح الوضع الذي يسيء إلى البحرين، ولم يعد ممكنا أن تخفي الدولة مشكلاتها الداخلية.

وأؤكد على أننا كقوى مجتمعية يجب أن نستفيد من هذه التقارير وتوظيفها لخدمة التنمية وإزالة المشكلات الموجودة.


مطالبات تعزيز الديمقراطية...الحاضر الأبرز في التقارير الدولية عن البحرين

*كان للمطالبة بتعزيز الديمقراطية في البحرين حيزا واسعا من التقارير الدولية المعنية بحقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية التي صدرت في الأشهر الماضية، والتي قدمت تقييما لموقف البحرين في ضمانها مجموعة حقوق الإنسان الأساسية للمواطن مثل حقه في الحياة وضمان أمنه وكرامته وحريته فى التعبير عن الرأى، والتعددية السياسية والاجتماعية والقبول بالتعددية الثقافية واللغوية فى إطار المجتمع الواحد، وتوفير فرص متكافئة لكل الأحزاب والجماعات السياسية للدخول في منافسة انتخابية متماثلة.

*في التقرير الصادر عن مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل في وزارة الخارجية الأميركية، أشار إلى أن الدستور البحريني يعطي الحق في حرية التجمع، ولكن القانون يقيد ممارسة هذا الحق، وأنه على الرغم من أن الدستور يؤكد الحق في حرية تكوين الجمعيات، إلا أن الحكومة لا تلتزم بذلك بصورة عملية، إذ أشار التقرير إلى أن القانون يعطي الحق لوزارة التنمية الاجتماعية برفض تسجيل أي من مؤسسات المجتمع المدني إذا ارتأت أنها غير ضرورية للمجتمع.

وذكر التقرير أن التمييز الذي يمارس ضد فئة محددة من المجتمع البحريني لا زال يمثل مشكلة، وخصوصا على صعيد المناصب الحكومية الحساسة والإدارية وفي الدفاع وقوات الأمن.

وزارة الخارجية الأميركية

مارس 2009

*اعتبر التقرير السنوي لمركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية بشأن «المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في العالم العربي»، أن التغيير الديمقراطي في البحرين يتطلب من الحكومة النظر للمعارضة كشريك لا عامل مهدد للوحدة الاجتماعية.

وأكد أن أي تغيير ديمقراطي في البحرين يحتاج إلى إعادة هيكلة جذرية للنظام السياسي، وأن المجتمع المدني يمارس دورا أكثر فاعلية في المطالبة بالإصلاحات السياسية والإفراج عن المعتقلين السياسيين، إلا أنه لا يمكن الاعتراف بوجود ديمقراطية حقيقية في البحرين في ظل عدم وجود أحزاب سياسية متنافسة، وسلطة تشريعية منتخبة لديها كامل صلاحيات التشريع، وقضاء مستقل، وفصل حقيقي بين السلطات. وقال التقرير: «قد يبدو أن تحقيق هذا التغيير صعب، إلا أنه بالإمكان تحقيقه في حال تغيرت وجهة نظر الحكومة إلى المعارضة واعتبرتها شريك في حل المشكلات التي تواجه البلد، بدلا من اعتبارها عامل تهديد للوحدة الاجتماعية».

وبين التقرير أنه على الرغم من الإصلاحات السياسية الهامة التي قادها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ العام 2001، إلا أن الحكومة لم تقدم إلا القليل على صعيد مأسسة حقوق الإنسان في البحرين، إضافة إلى أنها استمرت في تقييدها التعسفي لحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، وهو ما اعتبره التقرير سببا في تزايد التوتر الطائفي. وبشأن التمييز، تحدث التقرير عن التمييز والتهميش السياسي الذي تعاني منه إحدى فئات المجتمع البحريني، والذي يتمثل في توزيع الدوائر الانتخابية بغرض الحد من أصوات هذه الفئة في السلطة التشريعية، إضافة إلى التمييز في التوظيف وفي تقلد من المناصب الحكومية العليا.

مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية

يونيو 2009

*أشار «مؤشر بيرتلسمان للتحول الديمقراطي 2008»، إلى أن البحرين يمكنها تحقيق إنجاز مهم في التحول الديمقراطي، من خلال تحقيق ثلاث أمور رئيسية، لخصها التقرير في: إعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالحريات، وإنهاء التمييز بين المواطنين، والبدء في حوار شامل بشأن أهداف مشروع الإصلاح.

وأشار التقرير، الذي أعدته مؤسسة بيرتلسمان، ونشره مركز الخليج للأبحاث في العام 2009، إلى أن التشريعات في البحرين تدعم الحريات، وأن عملية الإصلاح وسعت مساحة التعبير عن الفكر السياسي والمشاركة السياسية، ومع ذلك، فإن منح الحريات قد تُرك بنسبة كبيرة لإرادة السلطة التنفيذية، وأن الضمان القانوني للعمل السياسي غير كافٍ، وغالبا لا يتم ربط التشريع بعملية التحول الديمقراطي. ولذلك دعا التقرير إلى إعادة النظر في قوانين الاتحادات، والجمعيات السياسية، ومكافحة الإرهاب، ووسائل الإعلام، والتجمعات العامة والتظاهرات.

ودعا التقرير إلى ضرورة البدء في حوار شامل بشأن أهداف مشروع الإصلاح، لافتا إلى أنه بدأ النظر إلى الإصلاحات على أنها عملية تبدأ من أعلى إلى أسفل، ولم يُسمَح للسكان بتطوير مغزى الملكية.

وبين التقرير أن الدستور يكفل الحريات الدينية، لكن القانون يحدّ منها، وأن بعض الجماعات الطائفية المعنية أثرت بسلبية في العمل البرلماني في الدورة التشريعية الأولى بين عامي 2002 و2006.

مؤشر بيرتلسمان للتحول الديمقراطي

2009

*ذكر التقرير السنوي لحقوق الإنسان الصادر عن مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، أن البحرين تعاني من فرض معوقات جديدة على حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات فيها.

وتحت عنوان «معوقات جديدة لحرية التعبير»، جاء في التقرير: «من المرجح نشوء حواجز جديدة لحرية التعبير بعد نشر بيان صحافي في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2008 دعا فيه وزير الداخلية إلى التشدد في تطبيق المادة ( 134 ) من قانون العقوبات، والتي تشير إلى منع المشاركة في اجتماعات في الخارج أو مع المنظمات الدولية للبحث في الشئون الداخلية للبحرين، وأن أي مواطن يشارك في الخارج ومن دون إذن الحكومة، في مؤتمر أو حلقة دراسية تتعلق بالشأن السياسي، الاقتصادي والاجتماعي في البحرين، من شأنها أو من المحتمل أن تؤثّر على الثقة الاقتصادية في البحرين وعلاقاتها الدبلوماسية وهيبتها، يخضع لعقوبة السجن لمدة 13 شهر على الأقل ودفع غرامة». وأضاف التقرير: «هذه الأحكام تعود إلى العام 1976 عندما فرضت حالة الطوارئ في البحرين، وتعتبر سالبة للحرية وفقا لمعظم منظمات حقوق الإنسان والتي تطالب بصياغة قانون جديد للعقوبات.»

مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان

يوليو 2009

*صنف تقرير مجلة «الإيكونومست» البريطانية بشأن مؤشر الديمقراطية للعام 2008 مملكة البحرين في المرتبة 130 من بين 167 دولة خضعت للبحث والتقصي، واعتبر التقرير البحرين ضمن الدول التي تسودها «الأنظمة المتسلطة»، إذ حازت البحرين على درجات منخفضة في العملية الانتخابية والتعددية وفي الأداء الحكومي، وفي المشاركة السياسية، وفي الثقافة السياسية وفي الحريات العامة، وهي المؤشرات الرئيسية المستخدمة في تحديد مرتبة كل دولة في المؤشر الديمقراطي.

وقال التقرير أن هناك عدد من الدول التي ربما تشهد اضطرابات سياسية في الفترة المقبلة، وتدخل من تلك الدول العربية كل من البحرين والسودان واليمن، مشيرا إلى أن الكساد الاقتصادي سوف يعطي دفعات للقوى السياسية للتحرك، إلا أن الضغط على الخدمات ونقص الوفرة المالية سيضعف قدرة الحكومة على تهدئة الوضع.

مجلة «الإيكونومست» البريطانية

ديسمبر 2008


الأمم المتحدة تعلن 15 سبتمبر يوما دوليا للديمقراطية

*أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2007، أن 15 أيلول/ سبتمبر هو اليوم الدولي للديمقراطية، ودعت الدول الأعضاء ومنظومة الأمم المتحدة وسائر المنظمات الإقليمية والحكومية الدولية وغير الحكومية إلى الاحتفال بهذا اليوم.

وترى أن الديمقراطية تشكل واحدة من القيم والمبادئ الأساسية والعالمية وغير القابلة للتجزئة للأمم المتحدة. وهي تستند إلى إرادة الشعب المعرب عنها بحرية، كما أنها تتصل اتصالا وثيقا بسيادة القانون وممارسة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

واعتبرت الأمم المتحدة أن هذا اليوم الدولي للديمقراطية يوفر فرصة لاستعراض حال الديمقراطية في العالم، وأن الديمقراطية تعد عملية من العمليات بقدر ما هي هدف من الأهداف، ولا يمكن لمثال الديمقراطية أن يتحوّل إلى حقيقة واقعة يحظى بها الجميع في كل مكان إلاّ من خلال المشاركة والمساندة الكاملتين من قبل المجتمع الدولي والهيئات الوطنية الحاكمة والمجتمع المدني والأفراد أيضا.


الديمقراطية في القانون الدولي

*على الرغم أن ميثاق الأمم المتحدة لا يتضمن أي ذكر لكلمة ”الديمقراطية“، فإن العبارة الافتتاحية في الميثاق ”نحن الشعوب“ تعكس ذلك المبدأ الأساسي المتعلق بالديمقراطية، والذي يقول إن إرادة الشعب تمثل مصدر شرعية الدول ذات السيادة، وشرعية الأمم المتحدة في مجموعها بناء على ذلك.

والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة في العام 1948، يصور بوضوح مفهوم الديمقراطية، إذ يقول: «إن إرادة الشعب أساس لسلطة الحكومة». ويبين الإعلان تلك الحقوق التي تعد ضرورية من أجل الاضطلاع بمشاركة سياسية فعالة. ومنذ اعتماد هذا الإعلان، يلاحظ أنه كان بمثابة إلهام لواضعي الدساتير في جميع أنحاء العالم، كما أنه قد أسهم بشكل كبير في تقبل الديمقراطية كقيمة عالمية على نحو شامل.

والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يرسي القاعدة الأساسية لمبادئ الديمقراطية في إطار القانون الدولي، وهو يتضمن بصفة خاصة: حرية التعبير (المادة 19)؛ والحق في التجمع السلمي (المادة 21)؛ والحق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين (المادة 22)، والحق في المشاركة في إدارة الشئون العامة، سواء بطريقة مباشرة أم من خلال ممثلين يختارون اختيارا حرا، وفي الحصول على فرصة مناسبة للقيام بذلك (المادة 25)؛ والحق في أن يقوم بالانتخاب وبأن يكون هدفا للانتخاب في انتخابات نزيهة تجرى دوليا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، مع تضمنها للتعبير الحر عن إرادة الناخبين (المادة 25).


دعم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم

*يجري تنفيذ الأنشطة التي تضطلع بها الأمم المتحدة من أجل مساندة الديمقراطية وشئون الحكم على يد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق الأمم المتحدة للديمقراطية، ومفوضية حقوق الإنسان، من بين جهات أخرى. وهذه الأنشطة ليست منفصلة عن أعمال الأمم المتحدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان والتنمية والسلام والأمن، وهي تتضمن مساعدة البرلمانات وهياكل الحكم المحلية غير المركزية في تعزيز أعمال التحقق والموازنة التي من شأنها أن تسمح بازدهار الديمقراطية؛ وتشجيع حقوق الإنسان وسيادة القانون والوصول إلى ساحة القضاء من خلال المساعدة في تدعيم النزاهة والفعالية فيما يتصل بآليات حقوق الإنسان والنظم القضائية على الصعيد الوطني.

كما تتضمن أيضا كفالة حرية التعبير والوصول للمعلومات عن طريق تقوية التشريعات وقدرات وسائط الإعلام؛ وتوفير مساعدة انتخابية ومساندة طويلة المدى من أجل هيئات إدارة الانتخابات؛ وتعزيز تمكين المرأة على الصعيد السياسي.

ويقدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في كل عام نحو 1.5 مليار دولار لدعم العمليات الديمقراطية على الصعيد العالمي، ما يجعل الأمم المتحدة من أكبر الجهات الموفرة للتعاون التقني لأغراض الديمقراطية وشئون الحكم في العالم بأسره.

والأعمال السياسية للأمم المتحدة تتطلب قيامها بتعزيز النتائج الديمقراطية؛ إلى جانب سعي وكالات التنمية إلى تدعيم المؤسسات الوطنية من قبيل البرلمانات ولجان الانتخابات ونظم القضاء التي تشكل القاعدة الراسخة لأية ديمقراطية؛ فضلا عن دعم جهود حقوق الإنسان لحرية التعبير والانضمام للجمعيات والمشاركة وسيادة القانون، باعتبارها من العناصر الهامة المكونة للديمقراطية.


الجمعية العامة للأمم المتحدة والديمقراطية

*منذ العام 1988، تقوم الجمعية العامة باتخاذ قرار واحد على الأقل في كل عام لتناول جانب ما من جوانب الديمقراطية، وبرزت الديمقراطية بوصفها قضية من القضايا الشاملة في نتائج المؤتمرات واجتماعات القمة الرئيسية التي تنظمها الأمم المتحدة منذ التسعينيات، وأيضا في أهداف التنمية المتفق عليها دوليا، التي ترتبت على هذه المؤتمرات وتلك الاجتماعات، بما في ذلك الأهداف الإنمائية للألفية.

وقد أكدت الدول الأعضاء من جديد في مؤتمر القمة العالمي الذي انعقد في أيلول 2005 أن «الديمقراطية تشكل قيمة عالمية تستند إلى إرادة الشعوب المعرب عنها بحرية فيما يتصل بالبت في نظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فضلا عن مشاركتها الكاملة في كافة جوانب حياتها».

وشددت الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة على أن «الديمقراطية والتنمية واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية تتسم بالترابط والتعاضد»، كما أنها قد أشارت إلى أن «الديمقراطيات تتقاسم ملامح مشتركة، ومع هذا، فإنه لا يوجد نموذج وحيد للديمقراطية».

ومنذ العام 2000، تعهد زعماء العالم في إعلان الألفية ألا يدخروا جهدا من أجل تعزيز الديمقراطية وتدعيم سيادة القانون، إلى جانب احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وقد أعربوا عن تصميمهم على أن يعملوا جاهدين على توفير كامل الحماية والتعزيز في كل البلدان من أجل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالنسبة للجميع، وأن يدعموا قدرة جميع البلدان على تنفيذ مبادئ وممارسات الديمقراطية ومراعاة حقوق الإنسان.


اليوم الغريب للديمقراطية

* منصور الجمري

- من المفترض اليوم أن نحتفل باليوم العالمي للديمقراطية، وذلك بحسب إعلان صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2007، دعت فيه الدول الأعضاء إلى الاحتفاء بالخامس عشر من سبتمبر/ أيلول من كل عام كيوم عالمي للديمقراطية، وذلك من خلال استعراض حال الديمقراطية في العالم. والأمم المتحدة أوضحت أن الديمقراطية تعد «عملية من العمليات» بقدر ما هي «هدف من الأهداف»، ولا يمكن لمثال الديمقراطية «أن يتحول إلى حقيقة واقعة يحظى بها الجميع في كل مكان إلا من خلال المشاركة والمساندة الكاملتين من قبل المجتمع الدولي والهيئات الوطنية الحاكمة والمجتمع المدني والأفراد أيضا».

على أننا في العالم العربي ينبغي علينا أن نحتفل بـ «اليوم الغريب للديمقراطية»، إذ إننا نسمع عن انتخابات لرؤساء وحكومات وبرلمانات وبلديات، وأن تلك الانتخابات ينتج عنها تداول في السلطة، وأن هناك شراكة في صنع القرار، وأن هناك تغييرا حقيقيا في السياسات مع تبدل الأفراد والجماعات المنتخبة دوريا... نسمع عن كل هذا ونتمتع به تماما كما نسمع عن أسرار الكون وعن المريخ وعن الكواكب، ولكنها كلها بعيدة وغريبة عنا.

وهناك تفسيرات عدة لكون الديمقراطية مفهوما غريبا علينا في منطقتنا. فالبعض يطرح أن العرب تعودوا على السيف لحسم الأمور، وعلى القبلية، وعلى الشعر من أجل مدح وثناء من بيده السيف والعطاء، وعلى توزيع الأدوار حسب النسب، وأن الانتساب القبلي أو الطائفي أهم من الانتساب إلى الأوطان... ألخ.

البعض الآخر يرى أن الديمقراطية غريبة في منطقتنا بسبب عدم نضج النخبة السياسية وعدم قدرتها على إنتاج أفكار وتجارب عملية تبتعد عن استبداد الفرد الواحد، أو القبيلة الواحدة، أو الطائفة الواحدة، أو الحزب الواحد. وهناك من يرى أن الاستعمار الذي أذل العرب والمسلمين أدى إلى رفض مطلق لكل ما جاء به، واُعتبرت الديمقراطية رديفة للمستعمر، وبالتالي فهي غريبة عنا، وأن علينا أن نعود إلى أصولنا وإلى أساليبنا الأولية حتى لو كانت بدائية في نظر الآخرين. وهناك من اعتبر أن الديمقراطية ضد الدين من الأساس، وأن ديننا لا يعترف بحق الإنسان في الحكم، وبالتالي فإنه يجب أن يكون هناك شخص ما أو جماعة ما تحكم المخلوقين باسم الخالق.

كل تلك التفسيرات وغيرها ربما تكون صحيحة في بعض جزئياتها وقد تشرح لنا غربة الديمقراطية في بلادنا... ولكن من يراجع ما كان يقال من تفسيرات عن اتباع ديانات وثقافات وبلدان وقوميات أخرى في زمن مضى سيرى أنها ذاتها التي تقال حاليا عن منطقتنا، غير أن تجارب العالم المختلفة والماثلة أمامنا أثبتت أن الديمقراطية قلبت تلك التفسيرات في كل زاوية من زوايا العالم تقريبا، وأن المنطقة العربية تعتبر زاوية حادة، ولكنها تنتظر دورها المقبل لا محالة في يوم من الأيام... بإذن الله تعالى.

العدد 2566 - الإثنين 14 سبتمبر 2009م الموافق 24 رمضان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 6:32 ص

      شنو تقول

      عن اى أليات تتحدث ليس هناك أى بوادر تطمأن الناس عن الانفراج نحن اصبحنا مثل القطعان أذا ارادو أعطو منتا منهم وأن لم يعطوا فأن الجدران مصير السياسي .

اقرأ ايضاً