العدد 2309 - الأربعاء 31 ديسمبر 2008م الموافق 03 محرم 1430هـ

علاوة الغلاء... هل جاءت لمواجهة الغلاء؟

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

عن جد سؤال مطروح في الشارع ولدى المراقبين يتردد ويبدو أنه منطقي جدا ويحتاج إلى منطقية مماثلة في التعامل معه والوقوف عليه.

السؤال هو: هل أن علاوة الغلاء جاءت بغرض مواجهة الغلاء؟

أم لأغراض أخرى قد انتفت حاليا وعليها أن تغادر مكانها وهي مقبلة لسنة جديدة؟

هذا السؤال بحد ذاته يجرنا إلى العديد من الأسئلة الفرعية التي تحتاج أيضا إلى تأمل وتدبر، هل الحيثيات التي في ضوئها تقرر صرف علاوة الغلاء وجاءت في سياق أن هناك غلاء ويجب محاربته؟ أم أن علاوة الغلاء جاءت بشكل مفاجئ من السماء وعليها أن تغادرنا؟

ما أذكره ولعلي أكون قد نسيت العديد من الحيثيات، وهي أن أبرز الأساليب التي توصلت إليها الحكومة لمواجهة الغلاء ولمواجهة ردات الفعل الشعبية مع حالة الغلاء التي ضربت فيها الموازنات، بعد أن جعلت من الموضوع حديث الساعة في كل زاوية من زوايا الوطن.

ألم تكن علاوة الغلاء لمواجهة الغلاء؟

إذا كان الجواب بنعم، فالغلاء لايزال موجودا ولم نستطع إلى الآن القضاء عليه، فما الذي تغير؟، حتى تبقى علاوة الغلاء مهددة بهذا القدر من التهديد؟ ما ذنب المواطن الذي صرفت إليه علاوة زهيدة تقدر بـ50 دينارا فقط لم يستطع طوال الفترة ادخار دينار واحد أو فلس أبيض منها ليوم أسود من أيام 2009 التي ستقف عندها العلاوة من الصرف، فكيف به اليوم أن تختفي مرة واحدة بحجج واهية ليس للمواطن أي ذنب فيها.

ما نفهمه أن العلاوة جاءت لمواجهة الغلاء، وما نعرفه أن الغلاء لايزال صامدا عجز أن يواجه بـ50 دينارا، وإذا كانت الحكومة اليوم تعجز عن مواجهة الغلاء من خلال رصد بنود في موازنة 2009 لمواجهة الغلاء وهي حكومة مقتدرة وغير فقيرة لأنها تعتمد في اقتصادها بدرجة أساسية على النفط فهي دولة نفطية مصدرة للنفط والغاز الطبيعي عجزت اليوم بكل الإمكانات المتاحة لديها في مواجهة الغلاء، فكيف بالمواطن الفقير الذي لا يملك سوى راتبه الشهري المعلول من القروض والديون الالتزامات المالية الشهرية الثابتة؟

سؤال مفتوح يحتاج إلى جواب، لا هروب وتجاهلٍ من قبل الحكومة التي قررت فجأة تجاهُل مطالب الشعب، بدلا عن التفكير بصورة جدية بإعادة النظر في المعايير والتي في ضوئها تقرر توزيع الـ50 دينارا على العوائل، بدلا عن توزيعها على المواطنين كأفراد بحيث أن الجميع يستفيد من العلاوة في مواجهة الغلاء، وجاءت اليوم بفكرة جهنمية بغرض تخفيض التكاليف لتتجاهل علاوة الغلاء.

الغلاء اليوم تم السيطرة عليه ومواجهته من خلال الـ70 مليونا التي مولت علاوة الغلاء طوال 2008.

يبدو أن الغلاء في البحرين يختلف في المميزات والسمات عن الغلاء في العالم أجمع فقد تم السيطرة عليه بمال زهيد جدا، وكأن المواطن حين ذاك قد بالغ بالغلاء، وأن الحكومة قد ضُحك عليها بأن هناك بالفعل غلاء وأن هناك حاجة لصرف علاوات له.

يا جماعة الخير... الغلاء لايزال موجودا والفقر لايزال أبرز السمات التي تتصف بها الأسرة البحرينية، على رغم ما تدعيه الحكومة من أن الفقر عندنا في البحرين بحسب الاحصاءات وصل إلى صفر في المئة.

التعفف والحياء يمنعان الكثير من العوائل والأسر من الإفصاح عن فقرهم وأحوالهم المعيشية، وإلا فإن ملامح البؤس والفقر لاتزال سيدة الموقف وأن الإحصاءات المعلن عنها غير صحيحة ولا تمت للواقع بأية صلة.

هل يعني أن المواطن عليه أن يودع العام 2008 ويودع معها علاوة الغلاء؟ هل أن المواطن عليه أن يوجه مشاعر الكره للعام 2009 لكونه سيحرمه من علاوة الغلاء؟، فما نعرفه حاليا أن آخر علاوة غلاء تم تسلمها الأحد 28 ديسمبر/ كانون الأول 2008.

علاوة الغلاء التي لم تستطع أن تصمد لمواجهة الغلاء لكونها زهيدة للغاية ومخجلة أيضا على رغم ما تعرض له المواطن المسكين من ذل وهوان في سبيل الحصول عليها، فهي لا تزيد عن مبلغ قدره 600 دينار فقط طوال السنة، فهل يعقل أن يواجه هذا المبلغ البسيط التضخم الحاصل؟

المواطن لا ذنب له و لا يمكن أن يكون له ذنب أصلا، فأسعار براميل النفط ارتفعت أو انخفضت لا علاقة لذلك بمواجهة التضخم والعلاوة في الأصل صرفت لمواجهة الغلاء.

إنْ تكون لدينا وزارة مسئولة عن إعداد قوائم المستحقين وصرف علاوة الغلاء أو لا يكون أيضا لا ذنب للمواطن في ذلك ولا تعد مشكلته، وأن تكون اللجنة المعنية بالصرف قد استهلكت طاقتها وليس بمقدورها الاستمرار في عمليات الصرف أيضا، لا تعد مشكلة المواطن ولكنها مشكلة الحكومة وعليها إيجاد البديل المناسب في الوقت المناسب.

لا داع أصلا لتعطيل المشروع بحجة إعادة النظر في المعايير بعد أن مضوا فترة يلتوون ويعجنون فيها إلى أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه، كنا نتوقع أن تغيير المعايير والنظر فيها سيكون ذلك لصالح المواطن وليس لصالح الحكومة وكنا نعتقد بأن أهم التوصيات التي ترفعها اللجنة المختصة ستوصي بصرف العلاوة لكل المواطنين بلا استثناء بحيث يستطيع الجميع مواجهة الغلاء وليس وضع قيود أخرى.

أغرب ما في الموضوع بأكمله وهذا ما بدأت بالفعل تتناقله وسائل الإعلام بعد أن كان على شكل تصريحات من قبل النواب والمراقبين، أن الحكومة رفضت طلب اللجنة المالية بمجلس النواب بإدراج 72 مليون دينار في موازنة العام 2009، و74 مليون دينار في موازنة العام 2010 لعلاوة الغلاء، والأدهى والأمر من ذلك أن الحكومة أوصدت الباب أمام أي تغيير في الموازنة العامة سواء في الإيرادات أو المصروفات.

وبدورنا لدينا سؤال نريد أن نوجهه إلى الحكومة التي أعلنت عدم تعاونها تجاه علاوة الغلاء وأوصدت الباب أمام الملحين عليها:

هل تراجعت معدلات التضخم وغاب الغلاء عن ساحتنا الشرائية يا حكومتنا، لكي تقومين بإغلاق الباب أمام موازنة علاوة الغلاء؟ وهل المواطنون الذين صرفت إليهم علاوة الغلاء في العام 2008 قد أصبحوا اليوم أغنياء وتعدلت أوضاعهم المالية لكي تحرميهم اليوم من علاوة الغلاء؟ أم أنه سوء التخطيط، بحيث دفع الفقر قاتله الله المواطنَ ليلاحق الحكومة في موازنتها، فاضطرت إلى إعادة النظر في بنود موازنتها؟

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2309 - الأربعاء 31 ديسمبر 2008م الموافق 03 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً