العدد 2584 - الجمعة 02 أكتوبر 2009م الموافق 13 شوال 1430هـ

أميركا بين تصعيد حربها على أفغانستان وخفض التزاماتها العسكرية

قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما ترأس سلسلة من الاجتماعات الحاسمة في البيت الأبيض في الأسابيع المقبلة، للبت فيما إذا كان يجب على الولايات المتحدة تصعيد حربها على أفغانستان أم التخطيط لخفض التزاماتها العسكرية فيها. يأتي ذلك في مقارنة ملفتة للانتباه بنقطة التحول التي سجلتها حرب فيتنام منذ 44 عاما.

وتعقد هذه الاجتماعات في إطار طلب القائد الأعلى في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال في أواخر سبتمبر/ أيلول، بإرسال 40 ألف جند إضافي، ما يمثل زيادة بنسبة نحو 60 في المئة في عدد القوات الحالية، ويرفعه إلى إجمالي 108 آلاف جندي.

هذا ولقد انتابت أوباما مؤخرا، شكوك في مدى جدوى الانزلاق إلى مستويات أعمق في الحرب على أفغانستان، في وقت يكرر فيه كبار المسئولون في الإدارة الأميركية أن السؤال الجوهري هو ما إذا كانت زيادة القوات ستضمن كسب الحرب.

ويذكر أن خطة حظيت على تأييد نائب الرئيس جوزيف بادين، وتنصح بعدم زيادة القوات الأميركية في أفغانستان وإنما التركيز على محاربة تنظيم «القاعدة» على أيدي القوات الخاصة، قد طرحت كخيار ممكن في اجتماع لكبار المسئولين الأميركيين عقد في 13 سبتمبر/ أيلول الماضي، وفقا لصحيفة «ذي ريج» (ملبورن).

و أي كان الأمر فمن المقدر أن تتوقف القرارات التي ستتخذ في الاجتماعات المقبلة، على مدى قلق القيادات العسكرية والبيت الأبيض من تحمل اللوم بالتسبب في الفشل في أفغانستان، وهو الاحتمال الذي يبدو الآن أقرب مما كان عليه منذ مجرد ستة أشهر.

هذا وتذكر اجتماعات البيت الأبيض بسلسلة المشاورات التي أجراها الرئيس ليندون بي جونسون وكبار مستشاريه في يونيو/ حزيران 1965، للنظر في طلب قادة أركان الحرب الجنرال ويليام ويستمورلاندالد بإرسال المزيد من القوات إلى فيتنام الجنوبية، والتناقش بشأن كيفية خفض الالتزامات العسكرية الأميركية فيها.

في تلك المناسبة، انتابت الرئيس جونسون، ووزير الدفاع روبرت ماكنمارا، ومستشار الأمن القومي ماك جورج بندي، شكوك فيما كان من الممكن كسب الحرب حتى لو رفعوا عدد القوات الأميركية في فيتنام.

وشأنه شأن أوباما اليوم فيما يخص أفغانستان، طُرح على جونسون اقتراح من وكيل وزارة الخارجية جورج بول بالتفاوض للتوصل إلى تسوية كبديل عن تصعيد الحرب في فيتنام، وهو قوبل بالرفض القوي من جانب فريق الأمن القومي وماكنمارا.

فما كان من الرئيس جونسون إلا أن قرر بعد مرور مجرد أسابيع زيادة عدد القوات في فيتنام وبلا قيود، نظرا لعدم استعداده لمواجهة اتهامات القادة العسكريين بخسارة الحرب في البلد الآسيوي.

ويذكر أن الرئيس أوباما أشار في تصريحات تلفزيونية يوم 20 سبتمبر، إلى عدم رغبته في الاضطلاع بالمزيد من التورط في أفغانستان، وإن كان قد ترك الباب مفتوحا لاحتمال إرسال مزيد من القوات.

وقال أوباما في برنامج «التقي الصحافة» على شبكة إن بي سي «لن أرسل المزيد من الشبان أو الشابات، أكثر من أولئك الموجودين هناك (في أفغانستان) حتى يتم لي التأكد من أننا نتبع الاستراتيجية السليمة».

يشكك أوباما فيما كانت الحرب على «المتمردين» الأفغان ممكنة في الظروف الحالية. فأشار مساعد وزير الدفاع الأميركي مايكل فلورنوي، في مقابلة مع جوش روجين من «ذي كيبول» في 21 سبتمبر، من الواضح أنها حظيت على موافقة البيت الأبيض، أشار في حديثه إلى «نتيجة غير يقينية» في أفغانستان.

كما قال نائب الرئيس بايدن في أولى جولات التناقش بشأن أفغانستان في الأسابيع الأولى من تولي أوباما الرئاسة، أن خطة الحرب مكلفة للغاية وربما لن تنجح، وذلك وفقا لمايكل كروولي في «نيو ريبابليك» في 24 سبتمبر.

وعلى الرغم من ذلك، فقد حظي اقتراح القوات المسلحة الأميركية على تأييد كل من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ووزير الدفاع روبرت غيتس، والمبعوث الخاص لأفغانستان ريتشارد هولبروك.

وفي مقارنة إضافية بين حربي فيتنام وأفغانستان توصل أوباما في النهاية إلى حل وسط مع القادة العسكريين، بالموافقة على إرسال 17 ألف جندي من أصل 30 ألفا طالبوا بها، رغم غياب استراتيجية واضحة. فعادة ما تتأجج مخاوف البيت الأبيض من تحمل مسئولية الفشل بسبب عدم توفير القوات الكافية، حالما يؤيد كبار المسئولين عن الأمن القومي موقف القادة العسكريين، أكثر منهم موقف الرئيس.

ففي العام 1965 مال الرئيس جونسون إلى الموافقة على تصعيد عسكري دون قيود في فيتنام، انطلاقا من شعوره بأنه يعتمد على مساندة وزيره للدفاع ماكنمارا. لكن جونسون استسلم لمواقف القادة العسكريين عندما غير ماكنمارا موقفه مؤيدا مواقف هؤلاء القادة.

العدد 2584 - الجمعة 02 أكتوبر 2009م الموافق 13 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً