العدد 275 - السبت 07 يونيو 2003م الموافق 06 ربيع الثاني 1424هـ

ضرورة تقنين الأحوال الشخصية وفقا لأحكام الشريعة

المشاركون في ندوة «الوسط العربي الإسلامي»:

أقامت جمعية الوسط العربي الإسلامي الديمقراطي أمس الأول مساهمة فكرية وثقافية في شكل ندوة تناولت «قانون الأحوال الشخصية الواقع والحلول» حضرها جمهور نوعي من المهتمين والمتابعين لمجريات وتفاعلات قانون الأحوال الشخصية. وتحدث في الندوة كل من قاضي محكمة الاستئناف العليا الشيخ عبدالمحسن العصفور واستاذ الدراسات الاسلامية المساعد بجامعة البحرين عبداللطيف آل محمود والمحامي عبدالحكيم العامر (ذو صلة بالموضوع) وقدم الندوة بشكل جيد فيصل العويناتي الذي قدم موجزا صغيرا عن قانون الاحوال الشخصية وملابسات طرحه في الساحة السياسية وردود الفعل حيال ما تناوله مجلس النواب عن الموضوع.

في بداية الندوة تحدث الشيخ عبدالمحسن العصفور الذي قدم ورقة احتوت على الجوانب المهمة من قانون الأحوال الشخصية وما نتج عن التداول الاعلامي الذي افرزته المسألة، ركز العصفور على جمل مفاهيم «الاحوال الشخصية بين الشريعة والقانون الوضعي» شارحا اهمية تقنين الاحوال الشخصية وفقا للشريعة الاسلامية ثم تحدث عن الهواجس والوساوس بشأن التقنين ثم الحاجة إلى القانون ومن ثم تحدث عن المعضلات التي يسببها غياب القانون، ومن أهم ما تحدث عنه الشيخ العصفور في مداخلته (العقبات بحاجة الى حلول) مؤكدا ان المشكلات الفعلية التي تواجه القضاء الشرعي وتتعثر به في طريق تحقيق مهماته الشرعية التي يضطلع بها تكمن في ثلاثة موارد وتتمثل في القضاة والمحامين والموظفين إذ إن بعض القضاة أنفسهم وان كانوا قلائل لكنهم يسببون ارباكا للكل، اذ نجد ان هناك بعض القضاة لا يأبه بأي ضابطة ويرى في نفسه ان اختياراته فوق كل ضابطة وان الشريعة رهن اشاراته.

بعض المحامين من أجل التغطية على عدم قدرته على متابعة القضايا التي يتوكل فيها ويكثر منها فوق طاقته ووقته الذي يسعه يوهم موكليه للتغطية على اهماله بأن السبب في اخفاقه يكمن في فساد القضاء. ومنها قيامه بايجاد حال من ارباك القضاة بتمويه الحقائق لصالح موكله وضد خصمه.

ومنها انه من اجل تفويت الاحكام المقضي بها لصالح موكله يعمل على ارباك اجراءات تنفيذ الاحكام بطرق واساليب ملتوية وغير اخلاقية وتتنافى مع شرف المهنة.

عندما يكون في الجهاز الاداري لسلطة القضاء الشرعي موظفون غير اكفاءة وغير ملتزمين بالتزامات العمل فإن ذلك مما سيتسبب في ارباك وخلل يسري في النتيجة في جميع مرافق الجهاز القضائي.

ومن خلال مداخلته تحدث العصفور بمزيد من التفاصيل عن السبب وراء اخفاق الكثير من الدول الاسلامية من تقنين قانون الاحوال الشخصية كما تحدث عن التجربة الايرانية والمصرية وفي ختام حديثه قدم الشيخ عبدالمحسن العصفور مقترحا بآليات الاقرار القانوني الشرعي وقسمها الى صور متعددة وجاء في اهمها:

ان يكون تدوينه بتوسط القضاة أنفسهم بحكم خبرتهم العلمية والعملية وأمانتهم في نقل الاحكام من مضانها ومصادرها المعتبرة. وان تكون جميع مواده وبنوده مطابقة لاحكام الشريعة الاسلامية المنصوص عليها، وان لا يفسح المجال لأي اجتهاد شخصي وعبث يتعارض ضمنا أو صراحة مع بديهيات الدين ومسلماته وأصول المذهب وأحكامه.

حقوق والتزامات

المتحدث الثاني كان المحامي عبدالحكيم العامر الذي قدم شرحا لقانون الاحوال الشخصية ودواعي وجوده. وقال العامر انه من خلال ما يحدث في اروقة المحاكم والمشكلات المعررضة على الرأي العام عبر وسائل الاعلام المختلفة، تظهر علامات عدم وضوح حقوق والتزامات كل فرد من افراد الاسرة.

فاذا عرف كل من الزوج والزوجة ماله وما عليه اطمأنت نفسه، وسكن الى زوجه فتعمهما المودة والرحمة، اللتان تشير اليهما الآية الكريمة (وجعل بينكم مودة ورحمة) الروم/21، وبخلاف ذلك يؤدي الى عدم الرضا عن الاحكام الصادرة، وتكون نتيجتها تعقيد العلاقات الأسرية، وزيادة المشكلات في المجتمع، والتي تنعكس بدورها على الاجيال المتعاقبة بدلا من ان يكون القضاء الشرعي وسيلة لرأب الصدع ولمِّ شمل الاسرة.

مشيرا الى ان تقنين قانون الاحوال الشخصية يعطي المراجع القانونية، والمراكز الاجتماعية نصوصا قانونية واضحة يستطيعون من خلالها اصدار استشاراتهم التي قد تؤدي الى حل النزاع قبل طرحه على ساحة القضاء.

وان أمر صدور مشروع لقانون الاحوال الشخصية ليس بدعة ولا هو مخالف لما جرت عليه كثير من الدول الاسلامية التي تحكمها المؤسسات القانونية، كما ان هذا التقنين ليس خروجا على أحكام الشريعة الاسلامية الغراء، أو تغليب مذهب على آخر.

قانون أم قانونان؟

وفي ختام الندوة تحدث الشيخ عبداللطيف آل محمود مؤكدا ما تشهده محاكم البحرين من مشكلات اجتماعية يشيب لها الولدان وان القضاة هم اكثر الذين يعانون من هذه المشكلات وكذلك المحامون الا فئة قليلة منهم يضللون الناس بغير حق متسائلا هل هناك حاجة لشيء مكتوب يرجع اليه القاضي؟ ويجد فيها ما يعينه على اداء رسالته؟ مبينا اننا في حاجة ماسة الى شيء مكتوب نهتدي به حتى لا ندخل الناس في مشكلات اضافية على مشكلاتهم.

وقال آل محمود اننا في مرحلة تعددت فيها الآراء في المذهب الواحد ما يؤكد اننا في حاجة الى رأي نحتكم اليه ويحتكم اليه الازواج ويصبح رأيا عاما يتعامل به الناس، ولكن هل نحتاج الى قانون واحد ام إلى قانونين؟ هناك نظرة مثالية في مسألة توحيد القوانين وهذه ليست ذات جدوى فلدينا سوابق في القانون الموحد للدول العربية ولنا سوابق في قانون الاحوال الشخصية لدول مجلس التعاون وكلها فشلت في ان تحل مشكلاتنا لأن لكل بلد خصوصية، ولا يوجد انسان ليس له حب لوطنه وأهله الا ويحب ان يرى الوحدة الوطنية متجسدة في مجتمعنا وقد رأت في الناس جميعها من يود هذا التقارب بين الطائفتين. هذا القانون (الاحوال الشخصية) ليس فيه فقه ولا تفصيلات وينبغي ان يكون القانون فيه بيان ووضوح سيما اننا اتباع مذاهب مختلفة، وهناك احكام متخلف فيها مثل (الولاية) و(ايقاع الطلاق) و(النفقة) وما الذي سيمنعنا ان نثبت لكل طائفة قانونها بفقه علمائها، ومن حق اية طائفة أن تحتكم لمذهبها ما دام ذلك لا يضير في شيء.

ومن أهم ما قاله الشيخ عبداللطيف آل محمود: «اننا نريد قانونا فقهيا وليس على عموميات، ومن الذي يضع هذا القانون القانونيون والنساء والرجال باعتبارهم (أصحاب قضية)؟

وأرى ان من يضع القانون ينبغي ان يكون من الفقهاء الشرعيين. وأقول اننا نحتاج الى قانون لأحكام الأسرة وكما نحتاج الى قانونين للاحوال الشخصية وليس قانونا واحدا، يضعهما علماء الامة ومن حق الناس ان يناقشوا هذا القانون ويبدوا رأيهم ومن ثم يعود الامر الى اللجنة الشرعية. وعن دور القضاة قال الشيخ آل محمود ان القضاة لدينا ليس في مرحلة الاجتهاد المطلق وان القضايا التي تدور الخلافات فيها هي (الحضانة - النفقة - قضايا الطلاق) ويبقي ان تعدد الدوائر في المحكمة الكبرى كما ان مهمة القاضي ليس رأب الصدع كما ينبغي ان تكون في المحكمة مكاتب للاصلاح لحل المشكلات وعندما تفشل هذه المكاتب تذهب القضايا الى القضاة مباشرة.

المداخلات

- تضمنت المداخلات من الجمهور الكثير من النقاط المهمة منها ان الاشكالات الموجودة ليست بسبب التقنين وانما الاشكاليات تنبع من (الافتاء بغير علم).

- اختيار القاضي هو الذي يحل المشكلة.

- القاضي يحتاج إلى جتهاد.

- هناك قضايا يحكمها العرف.

- نعيش مرحلة الانكفاء على الذات

العدد 275 - السبت 07 يونيو 2003م الموافق 06 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً