العدد 284 - الإثنين 16 يونيو 2003م الموافق 15 ربيع الثاني 1424هـ

قبل خصخصة الكهرباء يلزم ترتيب وضع الوزارة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لا شك في ان انقطاع التيار الكهربائي خلال الأسابيع الماضية لفترات عن عدة مناطق في البحرين جاء مفاجأة للمواطنين الذين قرأوا تصريحات من مسئولي الوزارة وعدت بانتهاء اسباب الانقطاعات الكهربائية، وقد كان من المفترض أن الأمور من هذا النوع في خبر كان وخصوصا بعد الاستثمارات الكبرى في محطة الحد، حتى لو أخذنا في الاعتبار المرحلة الأولى من تلك الاستثمارات.

والمواطنون كانوا ومازالوا يسمعون ويتداولون الكثير من القصص عما حصل في الوزارة خلال السنوات الماضية. فبالإضافة إلى الحديث عن مفاسد ادارية ومالية هناك حديث عن عدم مصارحة العارفين بأسباب المشكلات المسئولين، ربما خوفا وربما تسيبا.

ولكن هذا الأمر آن الوقت لتغييره لأن خطة الحكومة هي خصخصة القطاع، وقبل أن تستطيع الحكومة فعل ذلك فإن العمليات الانتاجية والتوصيلية والتوزيعية يجب إعادة هيكلتها وإعدادها جيدا لكي يتم نقلها إلى القطاع الخاص. فما حدث أخيرا من انقطاع الكهرباء ومن انفجار في احدى محطات التوزيع في مدينة عيسى واصابة الفنيين الذين كانوا يحاولون اصلاح الخلل، والحديث عن أن ذلك الخلل والاصابات لم تكن ستحدث لو أن الوزارة حافظت على نظام الصيانة الوقائية بالاضافة إلى التغييرات الادارية خلال السنوات الماضية وخروج كفاءات مشهود لها في هذا الميدان وتسلم آخرين مشروعات كبرى قبل ان تكتمل فترات تدريبهم لكي يتمكنوا من ادارة مثل هذه الاعمال المهمة، اضافة إلى الحديث المطروح عن بعض الاشخاص الذين لم يكن لهم سوى الحصول على «نصيبهم»، فإن كل ذلك كان نتيجة ما حصل حديثا.

ان الضالعين في قطاع الطاقة يؤكدون وجود الحلول ويؤكدون وجود الكفاءات البحرينية قبل الأجنبية ويؤكدون ان كل ذلك ليس صعبا لأن الوزارة كانت من أفضل الوزارات من الناحية المهنية. ولكن طريقة الإدارة والأمور التي ذكرت اعلاه أدت إلى هذه النتيجة غير المتوقعة. ولذلك فإن المعالجة المطروحة بحاجة إلى اقرار بالخلل لكي يبدأ العلاج، لان تشخيص المرض نصف العلاج.

لقد بدأت مفاهيم خصخصة قطاع الطاقة في الثمانينات عندما نصح «البنك الدولي» دولا كثيرة بتحرير وخصخصة الكهرباء لتخفيف العبء على موازنة الدولة من جانب ولتنشيط القطاع الخاص وجلب الاستثمارات الخارجية من جانب آخر. وهذا يتطلب انهاء احتكار الدولة إنتاج وتوصيل وتوزيع الطاقة الكهربائية على أن تنتقل هذه العمليات إلى شركات تتنافس تجاريا لخدمة المواطن، وأن تلعب الحكومة دور المراقب المحايد الذي يحدد ضوابط الخدمة المقدمة لخدمة المصلحة العامة. والشركات التي تستملك الانتاج والتوصيل والتوزيع بامكانها أن تقرّ بناء محطات توليد كهرباء جديدة وبامكانها تحديد الأسعار على أساس المنافسة، المفترض أنها تخفض او تحافظ على اسعار مناسبة للمواطنين.

ويتطلب مشروع الخصخصة برنامجا توعويا للمواطنين وتدريبا للمسئولين الحاليين لكي ينجح المشروع ويطمئن المستثمر على أن أمواله ستذهب إلى قطاعات مربحة ومنظمة على أساس الشفافية والمنافسة الشريفة. والتجارب المتوافرة في مختلف أنحاء العالم تثبت جدوى الخصخصة سواء كان ذلك في البرازيل، الارجنتين، المكسيك، بيرو، الفلبين ، تايلند أو بولندا. غير أن تجارب هذه البلدان توضح أن نجاح الخصخصة يعتمد أساسا على وجود قطاع بمواصفات تشغيلية وإدارية جيدة.

وهذا يستدعي البدء بإصلاح الوضع الداخلي للوزارة. فلو كانت الأمور على ما يرام لما تأخر إصلاح الخلل الذي يتسبب في انقطاع الكهرباء. فما هو معروف أن الطاقة الكهربائية الموجودة في البحرين كافية للبحرين، والانقطاع يحدث ليس بسبب قلة الطاقة وإنما بسبب خلل فني كان من المفترض ألا يوجد منذ البدء بتشغيل مشروع الحِدِّ الأول. ولكن ولأسباب مازالت غير واضحة للمواطنين لم تستكمل كل المتطلبات على رغم ان الأموال التي خصصت ليست قليلة. ولذلك فقد تضمنت المرحلة الثانية اجراءات تصحيحية للخلل والنقص اللذين كانا في المرحلة الاولى. ولكن وبسبب تأخير القرار وتأخير بدء الاعمال التصحيحية دخل علينا الصَّيف وتوصيل الكهرباء وتوزيعها يعانيان من المشكلات الفنية التي تسبب فيها بعض القائمين على تنفيذ المشروعات سواء كان ذلك جهدا منهم أم تسيبا من نوع آخر.

مهما كانت الأسباب، فإن إصلاح الخلل كان يجب ألا يتأخر مع معرفة وسيلة حلّه، وكان يجب أن يوضع في قائمة الأولويات. كما أن أنظمة الصيانة الوقائية وقطع الغيار ورفع معنويات العاملين من خلال دعم أقسامهم بما يحتاجون اليه فنيا كما هو الحال مع اي قطاع طاقة في العالم تعتبر جميعها من ضروريات إعداد القطاع لخصخصة ناجحة.

إن مشروع الخصخصة سيبدأ قريبا مع إعداد الخطط والدراسات وتوضيح المسار الذي يجب أن تسير عليه.

وهذا يدعو المسئولين الحاليين عن قطاع الكهرباء إلى التخلي عن أساليب الادارة الماضية التي لا تلائم الشفافية والجودة المطلوبة في عصر الاصلاح السياسي والاقتصادي الذي دشنه جلالة الملك. والمواطنون قبل المستثمرين بحاجة إلى توضيحات وتطمينات، والعاملون بحاجة إلى رعاية شاملة بما في ذلك الفنيون والعمال الذين أصيب بعضهم حديثا عندما حاولوا اصلاح عطب تسبب فيه عدم وجود صيانة مستمرة، بحسب ما صرح به بعضهم

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 284 - الإثنين 16 يونيو 2003م الموافق 15 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً