العدد 290 - الأحد 22 يونيو 2003م الموافق 21 ربيع الثاني 1424هـ

غيوم تلف «برامج الصيف»

خليل عبدعلي خليل comments [at] alwasatnews.com

مع بدء حرارة الصيف الحارقة في شهر يونيو/حزيران من كل عام، يستقبل طلبة الجامعات والمدارس عطلة صيفية طويلة، بعضهم يقضيها فيما هو مفيد ونافع، والبعض الآخر يعتبرها اجازة تتعطل فيها القدرات والجهود، ويتحول يومهم إلى نوم في الصباح والظهر، ثم الاستيقاظ في العصر والسهر طوال الليل أمام التلفاز وفي المجمعات... وتستمر هذه الدوامة إلى أن تفتح الجامعات والمدارس.

الصنف الأول من الطلبة، الذي يتجه لاستغلال واستثمار وقته في الاجازة الصيفية، تتعدد أشكال انغماسه في فترة الصيف، اما باستئناف الدراسة في برنامج الدراسة الصيفية أو النشاط الصيفي داخل الجامعات أو المعاهد أو العمل المؤقت أو الاشتراك في عمل الجمعيات واللجان الشبابية والطلابية المعنية بشئون واحتياجات الشباب والطلبة، أو أي شكل آخر من أشكال الاستثمار الايجابي الذي يصب أساسا في بناء شخصية الطالب، ويعزز دوره فردا فاعلا في المجتمع.

اللافت هنا، أنه مع قدوم الصيف، تتساءل مجاميع كثيرة من الطلبة عن وجود البرامج الثقافية والرياضية التي تقدمها المؤسسات التعليمية والأهلية لهم أثناء العطلة، ونقصد البرامج النوعية التي بمقدورها احتواء طاقة الطلبة المتفجرة، وليس مجرد فقرات ترفيهية وتسلية لا تعود على الطلبة إلا بالنفع القليل.

وتبرز مجموعة من الأسئلة المهمة عن تنظيم عمل هذه البرامج ومحتواها: ماذا يريد الطلبة؟ وماذا يريد القائمون عليها؟ ومن يراقب عمل البرامج الصيفية طيلة الصيف؟ وهل الجهات المعنية بقطاع الطلبة والشباب تقوم بدورها وتلتزم بمسئولياتها تجاههم؟ وهي أسئلة تحتاج اجاباتها، قبل كل شيء، إلى الاستماع إلى الطلبة أنفسهم والتعرف على احتياجاتهم وهواجسهم وتطلعاتهم، وليس التفرج من البرج العاجي، واقامة هذه البرامج لأجل اقامتها فقط.

هناك تجارب عدة حفلت بها السنوات الماضية في تنظيم البرامج الصيفية للطلبة والشباب داخل البحرين، قليل منها بقي صداه إلى اليوم، والبعض الآخر يتبخر وينتهي بمجرد انتهاء الصيف، والطلبة يلحظون ذلك.

في صيف العام الماضي، كانت هناك تجربة نشطة لبرنامج صيفي، لم أكن مقتربا منه كثيرا لكثرة الانشطة الصيفية التي انهمرت، وهي تعاون مشترك بين نادي البحرين للطلبة الدارسين في الخارج وجمعية سفينة شباب العالم، اللذين انتجا مجموعة من الأنشطة الثقافية الجادة التي حظيت باعجاب متابعيها، وخصوصا بعد الركود الذي صاحب أنشطة النادي. وقد استقطبت أنشطة البرنامج المشترك مجموعة من خيرة الطلبة وأنشطتهم على الساحة الطلابية والشبابية، وكانت ثمرة الجهود تنظيم مؤتمر شبابي، كان الأول من نوعه، منذ بدء الاصلاحات في البحرين. ونأمل أن تتوسع جهود نادي البحرين للطلبة الدراسين في الخارج وجمعية سفينة شباب العالم لتستقطب طلبة أكثر، ويتحسن الأداء نحو الأفضل وخصوصا أنهم يلقون دعما قويا من المؤسسة العامة للشباب والرياضة.

وفي جامعة البحرين، الجامعة الأم، كانت تجربة العام الماضي حافلة بالكثير من الأنشطة المتنوعة التي قامت بتنظيمها عمادة شئون الطلبة، ويندفع عدد من الطلبة للاندماج في البرامج التي تقيمها العمادة أو الجمعيات والأندية الطلابية، وبرزت الورشة الصيفية التي نظمتها جمعية العلوم بجهود الطالب سنان الجابري، واقامة العمادة مجموعة من الأنشطة الثقافية والرياضية التي ينقصها الدعم الاعلامي، ومشاركة الطلبة فيها، فهي بحاجة إلى ترغيب وترويج بين العشرين ألف طالب، وطرح برامج ذات قيمة علمية وابداعية تكمل الحلقة التعليمية طيلة السنة، وتشجع الطلبة على صقل مواهبهم، واستشعارهم خوض تجربة مغايرة، وتبقى معهم بعد التخرج.

وعلى ذكر الأنشطة التي بقيت في الذاكرة، مازالت مجموعة من طلبة جامعة البحرين يتذكرون مشاركتهم في الورشة الاعلامية الصيفية (واص) قبل سنتين والتي نظمتها دائرة الاعلام والعلاقات العامة بقيادة مديرها السابق محمد البنكي، فغالبية الذين شاركوا ذهلوا للعمق الثقافي والفكري الذي تطرحه هذه الورشة، وتدفع مشاركيها إلى حافة النار، وتجعلهم يواجهون أنفسهم والآخرين. فقد احتوت الورشة مزيجا من التعددات الفكرية في الأدب والسياسة والدين والاجتماع، وطورت كثيرا من مدارك الطلبة.

أما الأنشطة التي ترعاها المؤسسة العامة للشباب والرياضة، فقد انتزع منها صفة «الثقافة» على رغم تطمينات المسئولين أنهم يعنون بشئون الشباب الثقافية والرياضية، والواقع يصرخ بشيء آخر، أن الغلبة دائما تكون للأنشطة الرياضية، لنخرج شبابا قوي البنية ولائقا صحيا فقط. ومع نهاية الصيف في العام الماضي، طرحت الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالشباب، ومرت الأشهر ولا نعلم عن مصيرها شيئا حتى الآن.

إن المؤسسات التعليمية والشبابية المعنية بالطلبة والشباب، لا يعيبها أن تكون في دائرة النقد والملاحظة، فذلك، بشكل طبيعي، يعزز من أدائها ووجودها وقيامها بدورها نحو هذه الفئة المهمة في المجتمع.

وإذا كان الصيف قد بدأ، فلا نريد لغيومه البيضاء أن تحجب الرؤية عن برامجنا الصيفية للطلبة

العدد 290 - الأحد 22 يونيو 2003م الموافق 21 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً