يمكن حلّ أسرار النينو، احدى أكثر الظواهر الغامضة والمدمرة التي تؤثر في مناخ العالم، وذلك بواسطة مئات الآلاف من ألواح الكتابة الطينية القديمة التي يخشى انها فقدت أو دمرت خلال عدم الاستقرار والفوضى التي عمت العراق أخيرا.
ويعتقد الباحثون أن هذه الألواح، المكتوبة باستخدام النصوص المسمارية - احدى انواع الكتابة القديمة، تشكل أقدم السجلات الدائمة القديمة لتغير المناخ العالمي وتستطيع منح معلومات موثوق بها ومهمة لفهم ظاهرة النينو وارتفاع الحرارة العالمي.
ولكن طلب الاكاديميون في بريطانيا أن يعمل الوزراء من أجل حماية السجلات الثقافية الفريدة التي تؤرخ الزراعة ومجالات الحياة اليومية الأخرى في الشرق الأدنى تقريبا منذ 5000 سنة ماضية.
ومع ذلك، يخشى الخبراء ان تكون الألواح بجانب سجلات أثرية اخرى نفيسة قد تم نهبها من مواقع في الدولة في أعقاب كارثة الحرب. وتدون الألواح الامبراطوريات الأكادية والسومرية القديمة، التي كانت سائدة في الأرض المقسمة الآن بين العراق وإيران وسورية، موجزة السقوط المأسوي لمدينة أور القديمة قبل أكثر من 4000 عام ماض. ويعتقد بعض الباحثن ان السجلات قد تساعد في تفسير التغيرات المدمرة في المناخ.
ويعتقد ان مئات الآلاف من البشر ماتوا في سلسلة طوفانات كارثية محلية بسبب امطار غزيرة في الجوار المباشر وجفافات قاسية ربما استمرت لنحو 30 عاما.
ويعتقد المؤرخ البيئي، مدير البحوث لمركز التاريخ البيئي العالمي في جامعة سوسيكس ريتشارد غروف، الذي باشر دراسة سقوط أور لمدة ثلاث سنوات ان سلسلة تغيرات دراميتيكية في تيارات المحيط والرياح العالمية الشبيهة بالنينو - التغير المناخي الحاد الذي ضرب العالم في العام 1992 - ربما كانت مسئولة عن سقوط الحضارة القديمة.
وتقترح نظريته المثيرة للجدل ان النينو التي يعتقد انها ساهمت في سقوط الحضارات السومرية والأكادية كانت احدى أعنف المظاهر في الخمسة آلاف سنة الماضية، وربما لها دروس مهمة لعلماء المناخ اليوم.
وقال غروف: «ما حدث شبيه بانفجار نووي. الألواح المسمارية العراقية توثق بالتفصيل تقريبا التدهور الكامل في مناسبات عدة للمجتمعات الزراعية قبل الصناعة نتيجة لحوادث مناخية شديدة استمرت نحو 10 إلى 20 عاما في مدتها ومن المحتمل إلى فترة أطول من ذلك». واضاف كانت السجلات المسمارية لدى الاكاديين والسومريين مهتمة بقضايا المحصول، المجاعة، الشئون الزراعية، مستوى الأنهر، الجفاف وهطول الامطار وتعتبر قيمتها في تحليل مستقبل التغيرات المناخية غير مقدرة بثمن». وأرخ مصير مدينة أور، وسقوط الامبراطورية السومرية القديمة في ألواح عرفت باسم «رثاءات أور» التي تخبر عن سقوط المدينة حوالي 2200 ق.م.
وتشكل آلاف الألواح الطينية الاخرى، كثير منها في حجم صناديق السجائر، سجلا يوميا معقدا من الاجزاء الصغيرة التي تدفع للمعابد في شكل حبوب، مواش، ومنتج آخر.
وتم الاحتفاظ بالألواح السومرية في تجمعات دولية، مثل: المتحف البريطاني ومتحف اللوفر. ويقدر ان نحو 000/80 لوح نجت من السلب في متحف بغداد. ولكن يخشى العلماء ان آلاف الاقراص تم نهبها من مواقع في جميع انحاء الدولة.
وحوالي 130,000 لوح ايضا تم الاحتفاظ بها في المتحف البريطاني في لندن. وقال مساعد الأمين في شعبة آثار الشرق الأدنى، ارفينج فينكل: «كثير منها سجلات لأجزاء صغيرة دفعت للمعابد، بينما تسجل اخرى تفاصيل اخرى للحياة اليومية. في المتحف العراقي هناك حوالي 80 ألف لوح تقريبا تغطي كل فترة استخدام الكتابة المسمارية. من المحتمل جميعها مازالت موجودة، على رغم بعض التقارير التي تشير إلى انها في حال متدهورة» واضاف «ومع ذلك لدينا تقارير مفزعة عن ألواح تم اخذها إلى خارج مواقع في جميع انحاء العراق. فالسجلات مازالت تحت التهديد الشديد. لم يؤخذ شيء الآن من المتحف العراقي، ولكن هناك مواقع حول الدولة عرضة للنهب، هناك حاجة عاجلة إلى سلطة تعاقب هذه الممارسات».
واثار النائب العمالي، تام دالييل، مصير الأرشيف السومري في مجلس العموم وحث الوزراء البريطانيين على التدخل حماية لهذه الألواح من الأذى.
( خدمة الاندبندنت - خاص بـ«الوسط»
العدد 292 - الثلثاء 24 يونيو 2003م الموافق 23 ربيع الثاني 1424هـ