العدد 295 - الجمعة 27 يونيو 2003م الموافق 26 ربيع الثاني 1424هـ

خمس كتل نيابية في المجلس التشريعي الأردني

بعد انتخابات صعبة على كل الأحزاب

حسين دعسه comments [at] alwasatnews.com

مضت أسابيع قليلة على أصعب عملية انتخابات تخوضها الاحزاب الأردنية، وإلى الآن لم تحسم بعد ملامح خريطة التكتلات في مجلس النواب الجديد، سواء لجهة انتخابات الرئاسة أو أبعد من ذلك لجهة نظرية يصفها مراقبون بالضعيفة في المدى المنظور، سادت اوساط النواب وتروج لاحتمال ان تكون هناك حكومة برلمانية في مرحلة من المراحل، ما استدعى الطامحين إلى رئاسة السلطة التنفيذية ابراز قوة نفود تكتلاتهم في السلطة التشريعية كعامل موضوعي مهم في تعزيز فرصهم في أي من الرئاستين.

ويؤشر غياب الحسم على صعيد الكتل حتى اللحظة - بحسب تحليل الكاتب الصحافي راكان السعايدة - وان بدأت الملامح الأولية على احتمال ان تكون خمس كتل، أسهم ايضا في اثارة ضبابية كبيرة تحيط بهوية الرئيس الجديد لمجلس النواب، الذي يؤكد برلمانيون حاجته إلى كتلة كبيرة ومتماسكة، تعقد تحالفات استراتيجية مع كتل اخرى، وفق شروط مصلحية وسياسية معينة، تضمن له الوصول إلى كرسي الرئاسة.

وباستثناء كتلة نواب جبهة العمل الإسلامي (17 نائبا) التي يتوقع ان ينضم إليها نائبان آخران، لايزال الحديث نظريا عن أربع كتل أخرى يسعى إلى تشكيلها النواب: عبدالرؤوف الروابدة، سعد هايل السرور، وعبدالهادي المجالي اضافة إلى الكتلة الخامسة التي يسعى إلى تشكيلها «تيار ديمقراطي تقدمي»، تقوم على أسس فكرية وسياسية بين نواب متقاربين ومتوافقين سياسيا، لكنها كتلة لايزال التشاور عنها قائما، كما أكد ذلك النائبان ممدوح العبادي وبسام حدادين.

وحال نجحت مساعي اصحاب التوجه الفكري والسياسي في تشكيل كتلتهم، فربما تكون إلى جانب كتلة نواب «العمل الإسلامي» الكتلتان الوحيدتان اللتان يراهما سياسيون «تحملان سمات سياسية في الشكل والجوهر»، فيما الكتل الأخرى ستكون اقرب إلى النهج الوسطي منها إلى أية تسمية اخرى.

في المحصلة كما تقول «الرأي» كبرى الصحف الأردنية، يعتمد إعلان أي من النواب ترشيح نفسه لرئاسة المجلس، كليا على حجم كتلته الكمي وليس النوعي، في المرحلة الأولى على الأقل، وقدرته على ابرام تحالفات مع الكتل الاخرى، ضمن صفقة تشمل تقاسم كعكة المواقع الخمسة في المكتب الدائم (الرئيس ونائباه ومساعداه) إلى جانب لجان المجلس الأربع عشرة، التي يتوقع ان تشهد انتخابات بعضها تنافسا ساخنا، وخصوصا في اللجان ذات البعد السياسي، مثل التوجيه الوطني والعلاقات الخارجية والقانونية والحريات العامة.

فالنائب عبدالكريم الدغمي، الذي لا يربط بين ترشيح نفسه لانتخابات رئاسة المجلس وبين تشكيل كتلة يجري التشاور بشأنها بين عدد من النواب من بينهم الروابدة، يعتقد ان دور الكتل يجب ان يركز على ديمومة العمل والإنجاز الذي يؤثر فعليا في الجوانب التشريعية والرقابية، بعيدا عن الموسمية وانتقاء القضايا التي تتفاعل معها، قائلا: «انه حتى اللحظة لم يعلن الروابدة عزمه خوض انتخابات رئاسة المجلس».

إن أبرز عمليات الاستقطاب التي يجريها من يفكرون في الترشح لموقع رئاسة المجلس، تتم مع جبهة العمل الإسلامي، التي لا تفكر - وفق احد نوابها البارزين - بطرح مرشح عنها، ما جعلها «محجا رئيسيا» لمرشحي الرئاسة الذين يلقون بكل ثقلهم لانتزاع قرار بدعم أي منهم.

يقول هذا العضو: «ان اتصالات جرت مع نواب من الجبهة، وكذلك مع قيادة الجبهة ذاتها من قبل الروابدة، المجالي، السرور، الدغمي، روحي شحالتوغ، وكذلك عبدالله العكايلة الذي ظهر ايضا انه يفكر في الترشح لموقع الرئيس».

لكن نواب الجبهة وقيادتها التي لم تقل كلمتها بعد، وأعلنت انها ستبدأ التداول في موضوع من تدعم من المرشحين لموقع الرئيس، وسط أكثر من رأي يطرح بهدوء الآن عن القواعد التي سيتم في ضوئها اختيار أي من المتنافسين المفترضين.

فمن بين الآراء المتداولة داخل اوساط الإسلاميين ان يتم الدعم على اساس الفقه الشرعي، ما يعني وفق نائب إسلامي ان يكون الدعم للاقرب في نهجه إلى الجبهة، وهذا حكما يعني دعم العكايلة. غير ان تيارا آخر يدفع إلى أن يكون الاختيار على أسس سياسية ومصلحية ولكن ليس بمعناها الضيق، وبما يضمن موقعا للنواب الإسلاميين في المكتب الدائم، وان كانت اعينهم تركز مرحليا على فرض ايقاعهم على بعض اللجان التي يرون الوصول اليها مسألة في غاية الأهمية، ان لجهة الرقابة، أو التشريع، وذلك لاعتبارات كثيرة ومتعددة.

وحتى الآن، فإن غموضا مفرطا لايزال يلقي ظلاله على مسألة رئاسة المجلس، والأمر عند بعض المرشحين لهذا الموقع يدخل في طور جس النبض، ومحاولة بلورة تصور عام، وخصوصا ان نسبة كبيرة من النواب يدخلون المجلس للمرة الأولى، ويصعب معرفة امزجتهم وتوجهاتهم بسهولة وفي وقت بسيط، ويعتقد النائب السرور «ان ذلك أدى إلى بعض الغموض في الموقف».

الجديد في مخاض التكتلات، ان القائمين على تشكيلها يتحدثون عن كتل تعمل بصورة مؤسسية وبرامجية، لا يكون الغرض منها مجرد الحشد لانتخابات الرئاسة ولغايات حكومية مستقبلية، وانما كتل فاعلة في كل النواحي البرلمانية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وان يكون لها اثر حقيقي في البعدين التشريعي والرقابي.

ويتفق في ذلك السرور والعبادي اللذان يؤكدان ان الكتل يجب ألا تبنى لحدث بعينه، وانما للعمل بشكل مؤسسي وبرامجي، وهو ما أكده غير مرة أيضا النائب المجالي.

غير ان مراقبين يرون هذا الطموح لا يتجاوز من الناحية الواقعية الحاجز النظري الذي يحتاج إلى اختبار عملي على الأرض يثبت جديته، مدللين على ذلك بأن «التجارب في المجالس السابقة كلها أثبتت ان جميع الكتل، باستثناء كتلة الإسلاميين في المجالس التي شاركوا بها، كانت لا تفعّل إلا عند انتخابات رئاسة المجلس وطرح الثقة في الحكومة ونادرا ما تفعّل في قضايا مفصلية غيرها». ولا يستبعد هؤلاء ان ينسحب ذلك على المجلس الجديد، وان قال رموزه غير ذلك.

في مطلق الأحوال، فإن جلاء الغموض الذي يحيط بهوية رئيس المجلس المقبل، ووضوح المشهد النيابي على اطلاقه، يرتبطان ببداية الدورة غير العادية التي يرجح نواب ومراقبون ان يصدر عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني إرادته بدعوة مجلس الأمة إلى الانعقاد في 15 يوليو/تموز المقبل، وسط ترجيحات أيضا ان يشكل جلالته مجلس الأعيان خلال الشهر المقبل على أبعد تقرير

العدد 295 - الجمعة 27 يونيو 2003م الموافق 26 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً