قبل حوالي عشرين سنة، تسابق كثير من الناس إلى خلع أبواب ونوافذ ونقوش الجبس القديمة من بيوت أجدادهم طمعا في بيعها لجامعي التراث ومحبيه، في الوقت ذاته الذي كان فيه الباحث الإنجليزي جون يارد منكبا على دراسة البيوت التراثية في المحرق، مكنته من نيل الدكتوراه في هذا الشأن.
وفي السنوات الأخيرة، يشهد الطرز العمرانية في البحرين رجوعا إلى التصميم المحلي في البيوت، ولو عن طريق الواجهات كنوع من الاعتذار الخفي والحنين، ولكن البيوت القديمة الأثرية يظل لها عبقها الذي يميزها.
يارد يختلف مع الكثير من التوجهات التي ترى في ترميم البيوت الأثرية أمرا كافيا للحفاظ عليها، إذ يقول لـ «الوسط»: «إن الخطوات لتفعيل ذلك (الحفاظ على البيوت القديمة) لابد أن تكون جادة، إلى جانب أن الروح لابد أن تبث في هذه البيوت التراثية، أي أنه من الضروري أن يسكنها المواطنون لإحيائها بدلا من لجوئهم إلى المساكن والمدن الحديثة». مشيرا إلى أن الحفاظ على الطابع المعماري القديم لا يقصد به الترميم الخارجي فقط لبيوت تبقى مهجورة، وتفتح في المناسبات.
يارد الذي أتى البحرين مجددا لتقديم استشارات في هذا الجانب بعدما أمضى سنين طويلة في دراسة عبقرية المكان في صنع المنازل، يقول إن الحال نفسها تكررت لدى البريطانيين الذين كانوا يفكرون بالطريقة ذاتها، «ولكن الأفكار تغيرت مع مرور الوقت حتى لدى السياسيين الذين أصبحوا ينادون بضرورة الحفاظ على واجهة المباني القديمة والبيوت التي تعود إلى العهد الفكتوري على سبيل المثال».
ويضيف إن «عملية حصر المباني القديمة وترميمها وإصلاحها لن تنهي المشكلة، بل يجب أن تبقى أيضا محافظة على الفترة التي بنيت فيها من ناحية التصميم وأخرى متعلقة بخصوصية الشوارع التي تحيطها والمتناسبة مع طبيعة الحي».
ويتمنى أن تتخذ خطوات حقيقة من جانب الدولة، وأضاف «لقد حاولت في الماضي لكن اليوم اللغة تغيرت في هذا الشأن».
يارد الذي حمل حقائبه استعدادا للرحيل بعدما انتهت مهمته ألقى نظرة على عدد من البيوت التراثية ليقول: «لا يمكن أن نحصر جميع هذه البيوت التراثية، ونعود إلى إحيائها إن كان دعم الشارع لهذه القضية معدوما»
العدد 305 - الإثنين 07 يوليو 2003م الموافق 07 جمادى الأولى 1424هـ