العدد 306 - الثلثاء 08 يوليو 2003م الموافق 08 جمادى الأولى 1424هـ

نظرية مقلقي النوم العام!

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

ما تعيشه الصحافة اليوم من تجاوب شعبي ملحوظ وتلقفٍ واضح من قبل القراء دليل واضح على العافية الصحافية وان الصحافة استطاعت أخيرا ان تكسب ود الشارع بما يلبي طموحا وطنيا نحو ترسيخ العدالة الاجتماعية. بعض يقبل بالنقد وبعض يراه وجع الرأس وفنجان القهوة المر الذي لابد من تذوقة يوميا ولكن الصحافة استطاعت ان تعطي تصورا خاصا فتكتسب التوازن في نهاية المطاف.

الصحافة السائلة هي صفة طبيعية في أي صحافة مسئولة ربما لم يتعود عليها بعض المتنفذين ولكن مع مرور الأيام ستصبح طبيعة في المجتمع ولابد من ترويض أي متنفذ على ثقافة المساءلة النقدية وتحمل وجع الصحافة.

وبدأ الناس يتنفسون عبق الحرية وباتت نظرية معالجة (مقلقي النوم العام) كما جاء في كتاب «الفاشوش في احكام قرقوش» السائدة على رغم تلكؤ هنا وفزعات مثقف متباك على القانون هناك وخصوصا بعضا من مثقفينا الذين قضوا سنين وهم يسبحون في عسل ذلك القانون الذي اشبعهم من جوع ولكن لم يؤمن الناس من خوف.

كان بعض هؤلاء المثقفين يرون في الشعب ثورا يجب ترويضه وتذليله ولو بنظريات ميكافيلية وكانوا يلقون الزهر وحبات الرز امام أي قانون... نعم أي قانون. لكنا اليوم وصلنا إلى قناعة. بأن الديمقراطية والتعددية والحوار خيار هي الحل، وعلى رغم ذلك مازال بعض من هؤلاء يتباكى ويبحث عن نبش القانون قانون أمن الدولة وهو حاضر لتلميعه وحتى بناء نصب تذكاري اليه.

على رغم شعور كل اصم بأن الاستبداد كالطاعون يأكل كل شيء فالعودة اليه معناه القضاء على السمعة.

يقول فرانسيس فوكوياما في كتابه (نهاية التاريخ): «ان القيادة السوفياتية اضطرت في النهاية إلى ان تفكك جهاز الرعب الذي صنع ذات يوم».

وخير فعل ما فعله جلالة الملك (حفظه الله) عندما عمد إلى الغاء القانون والغاء محكمة «أمن الدولة» انه موقف شجاع فتح لنا ان نقول الكلمة بلا رعب وان ننثر حروفنا في الصحافة بكل وطنية وصدق، وها هو اليوم يصر على ترسيخ نقابات القطاع العام.

مرت اجيال اعتادت على شرب السموم وامتلأت بطونها من كؤوس الفقر والجوع والتشريد حتى بات عندنا ما يسمى بجيل الصدمة، واخطر ما فيه كما يعبر عنه المفكر خالص جلبي في كتابه (كيف تفقد الشعوب المناعة ضد الاستبداد) «شعوره ان العلم لا قيمة له ولا يدفع مسغبة الجوع، في وقت تدفع فيه ارحام الجامعات شبابا عاطلين إلى شوارع مكتظة بالفقراء».

كل هدفنا من الكتابة عن حاجات الناس هو تأمين الخبز والحصول على الرزق لان جيلا لا يأكل... جيل في طريقه إلى الموت.

... يجب ان نقدر النقد وان نعتز باية جرأة متألمة لجامعيين فقراء، فما اصعبها من لحظة عندما يتجمد الجامعي وتتخشب رجلاه وتتصلب رقبته وتتسمر عيناه امام سؤال عابر لاي إنسان امامه يسأله: اين تعمل؟... اذن كيف تعيش؟ ومن اين تأكل. ان الألم الكبير للجامعي العاطل ليس هو الفقر فقط بل ما يتعبه هو «وعي الفقر»... انه يعلم ماذا يعني الفقر والى اين يقود.

بامكان اي منا ان ينام في العسل وان يستلقي على مخدة من ريش النعام ولكن ما قيمة الحياة اذا فقدت عيناها رؤية بصيص في كوخ جائع بامكانها ان تجعله وهجا ومن ثم قنديلا... ذلك هو هذا النقد وهدف المساءلة اليومية... اظن ان ذلك يعني الوطن

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 306 - الثلثاء 08 يوليو 2003م الموافق 08 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً