العدد 307 - الأربعاء 09 يوليو 2003م الموافق 09 جمادى الأولى 1424هـ

العرب والمسلمون في التقرير السنوي للبوليس السري الألماني

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

قبل وقت قصير نقلت صحيفة «دي فيلت» الصادرة في برلين عن مضمون تقرير سري لمكتب حماية الدستور في مدينة كولون أن الجماعات الإسلامية المتطرفة في ألمانيا تعمل بخطة بعيدة المدى الهدف منها الوصول إلى البرلمان الاتحادي. وقالت الصحيفة نقلا عن الدراسة الموجزة التي أعدها البوليس السري الألماني أن هذه الجماعات تنشد في البداية العمل في تأسيس حزب إسلامي داخل ألمانيا كخطوة أولى للوصول إلى البرلمان، ولهذا فإنها تشجع مؤيديها الحصول على الجنسية الألمانية لبناء قاعدة انتخابية قوية تساعد في حصول مجموعة من الأشخاص القياديين على مقاعد برلمانية. ويقول وزير داخلية حكومة هيسن فولكر بوفير إن الإسلاميين يتبعون استراتيجية مزدوجة: فهم من جهة يحاولون الظهور في الحياة العامة كدعاة للتسامح ويعربون عن استعدادهم للحوار، لكن من جهة أخرى، يخططون من أجل تحقيق هدفهم بقيام مجتمع إسلامي حسب تصوراتهم. ويرى البوليس السري مثلما يرى وزير داخلية ولاية هيسن أن هذا المخطط يعتبر تهديدا مباشرا لأمن ألمانيا وأنه ينبغي مواجهة هذا المخطط. لهذا السبب تفكر الحكومة الألمانية بتشديد الإجراءات على منح الجنسية الألمانية للأشخاص المشتبه بأنهم يتعاطفون أو يؤيدون الجماعات الإسلامية المتطرفة. وتشير الدراسات التي أعدها البوليس السري إلى أن الإسلاميين يستخدمون الجنسية الألمانية للحصول على حصانة من إبعادهم لأن القانون الألماني لا يسمح بإبعاد شخص يحمل الجنسية الألمانية كما يحظر إسقاط الجنسية.

حسب بيانات مكتب حماية الدستور الذي يعمل في مراقبة نشاطات التنظيمات والجماعات المتطرفة داخل ألمانيا، هناك أكثر من ثلاثين ألف عضو نشط ينتمون إلى تنظيمات إسلامية متطرفة تعمل في ألمانيا وزادت نشاطاتها بصورة ملحوظة بعد العمل قبل سنوات باتفاق شنجن حين زالت الحدود بين ألمانيا ومجموعة البلدان المجاورة لها والتي وقعت على هذا الاتفاق الذي يحمل اسم مدينة ايرلندية شهدت التوقيع عليها. ويقول تحليل البوليس السري أن غالبية الإسلاميين المتطرفين يتطلعون إلى قيام جمهوريات إسلامية في بلدانهم الأصلية كذلك في البلدان الأوروبية والاسكندنافية التي تنتشر تجمعاتهم فيها الأمر الذي يشير إليه بوضوح التقرير السنوي لمكتب حماية الدستور عن العام 2002 الذي حصلت هذه الصحيفة على نسخة منه ويعكس تحليلات البوليس السري لنشاطات الإسلاميين المتطرفين في الساحة الألمانية. يقول التقرير إن الجماعات الإسلامية المتطرفة أعلنت منذ وقت الحرب على الولايات المتحدة الأميركية ومجموعة الدول الغربية خصوصا المتحالفة مع القوة العظمى وحسب الاعتقاد السائد عند هذه الجماعات فإن الولايات المتحدة سبب البلاء في العالم العربي والإسلامي كما يتهمونها بمحاولة الهيمنة على الدول الإسلامية والتحيز إلى «إسرائيل». عدا عن ذلك، يرون الولايات المتحدة المحرك لعملية العولمة التي في اعتقادهم أنها ترجح الكفة لصالح الدول المسيحية وتضعف الدول الإسلامية. في إطار العمل في الحد من انتشار النفوذ الغربي في الدول الإسلامية تعمل جماعات مثل منظمة «القاعدة» والجماعات المتعاونة معها والمنتشرة في أنحاء العالم والتي يقول التقرير إن لديها وجودا عسكريا داخل الولايات المتحدة ودول إسلامية وغربية، في التخطيط للقيام بأعمال عنف داخل وخارج مناطق المجتمع الإسلامي. هذا ما تشير إليه المحاكمة الجارية حاليا أمام محكمة دوسلدورف بحيث يمثل حارس شخصي لأسامة بن لادن ينتمي إلى حركة «التوحيد» التي يتزعمها المدعو أبو مصعب الزرقاوي الذي اتهمته الولايات المتحدة قبل اندلاع حرب العراق بإقامة صلات مع بغداد خلال عهد الرئيس السابق صدام حسين، لكن الاستخبارات الأميركية فشلت حتى اليوم في تقديم البرهان على صحة هذا الاتهام بينما الزرقاوي المعروف جيدا عند الاستخبارات الألمانية متوار عن الأنظار. غير أن معاينة تقرير مكتب حماية الدستور يكشف أن الإسلاميين المتطرفين الأتراك هم أكثر عدة وعددا في ألمانيا من أقرانهم العرب. ويعمل تنظيم «ميليت غوروش» من أجل الظهور بأنه الممثل الشرعي لمصالح ثلاثة ملايين مسلم يقيمون في ألمانيا العدد الأكبر منهم من الأتراك. ويقول التقرير أن هذا الحزب المقرب من حزب «الفضيلة» في تركيا، يخطط إلى قيام دولة إسلامية في ألمانيا ويدعو مؤيديه إلى رفض القوانين الألمانية والمطالبة بفرض الشريعة.

حتى اليوم مازالت التهديدات الصادرة عن منظمة «القاعدة» ضد ألمانيا، محصورة مقارنة مع التهديدات التي توجهها هذه المنظمة إلى الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وروسيا وكندا وأستراليا وإيطاليا وإسبانيا. ويعترف التقرير أن حرب أفغانستان التي جرت تحت شعار الحرب المناهضة للإرهاب أدت إلى تدمير قواعد تدريب تابعة لـ «القاعدة» وقضت على عدد كبير من مقاتليها وكذلك المحاربين في صفوف «المجاهدون العرب» والطالبان، غير أن هذه الحرب لم تشل نشاط هذه الجماعات. باعتراف الرئيس الباكستاني الجنرال مشرف الذي زار برلين قبل أيام، يقوم المجاهدون و«القاعدة» والطالبان بإعادة تنظيم صفوفهم في الجانب الأفغاني للحدود المجاورة لباكستان.

وكان تفجير معبد يهودي في جربة بتونس مطلع العام الماضي إشارة واضحة إلى التهديد الذي تواجهه ألمانيا من قبل «القاعدة» إذ أسفر الحادث عن مقتل 14 سائحا ألمانيا. تبع ذلك مداهمة 23 مسكنا في عدد من المدن الألمانية بحثا عن متعاونين مع «القاعدة» الذين يعتقد أنهم يحصلون على الأوامر من خارج ألمانيا. ومازال نزاع الشرق الأوسط وفقا لتحليلات البوليس السري الألماني يلعب دورا بارزا في رصد الوضع الأمني داخل ألمانيا نتيجة انعكاسات تطوراته وتأثيرها على التنظيمات النشطة على الساحة الألمانية. غير أن التقرير لا يشير إلى زيادة التطرف في أوساط المهاجرين الفلسطينيين في ألمانيا الذين يريد غالبيتهم حلول سلام عادل وشامل في المنطقة على أساس قرارات الأمم المتحدة. غير أن عيون البوليس السري مسلطة بصورة خاصة على حركة «حماس» وفي هذا الإطار قام وزير الداخلية الاتحادي أوتو شيلي العام الماضي بحظر نشاطات مؤسسة الأقصى بمدينة آخن ومصادرة أموالها وكانت هذه المنظمة تعمل بجمع التبرعات وإرسال مساعدات إنسانية للمناطق الفلسطينية غير أن «إسرائيل» زودت ألمانيا بمعلومات تتهم فيها المؤسسة في دعم «حماس» بالمال لشراء أسلحة ومتفجرات واستخدامها ضد أهداف إسرائيلية

العدد 307 - الأربعاء 09 يوليو 2003م الموافق 09 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً