العدد 2316 - الأربعاء 07 يناير 2009م الموافق 10 محرم 1430هـ

للمثقفين توقعاتهم للعام الجديد أيضا

لم يكن 2008 عاما مميزا ثقافيا، كان مكتظا بالأحداث و... المعارك والخلافات، نعم، كان عام المفارقات والمفاجآت وربما الصدمات، لكنه لم يكن على أية حال عام حراك ثقافي مميز، على الأقل لم تضف أحداثه ومفاجآته الكثير للساحة الثقافية. إسقاطات العام السابق له جاءت جلية واضحة في واحد من أهم أحداثه، ربيع الثقافة، الذي جاء مبتورا ناقصا، يشوب كل تفاصيله كثير من الغموض.

للمثقفين كان عاما يشي بالكثير، لبعضهم امتلأ إنجازا ونجاحا، لكنه بدا لآخرين منهم عاما جامدا يملؤه السكون وربما الملل. أغلبهم استبشر بنهاياته وتفاءل خيرا بقدوم الشيخة مي آل خليفة وزيرة للثقافة والإعلام، لكن البعض بدا متشككا قلقا غير واثق من تغير ما أسماه بمنطق البركة والصلوات الذي يسيّر الأمور على هذه الساحة. «الوسط» استطلعت آراء بعض المثقفين في محاولة للوقوف على وجهات نظرهم المتباينة ومواقفهم المتعاكسة من 2008 ومن ثم خططهم للمقبل الجديد 2009.

الكاتب والروائي أمين صالح قال: «إنه من الصعب اختزال أمر الثقافة في سنة كاملة في حدث معين» كما إنه «يصعب على الذاكرة استعادة أحداث أسبوع فما بالك بسنة».

لكنه وجد في وفاة الشاعر الفلسطيني محمود درويش «أكثر الأحداث أسفا وأهمها على الساحة الثقافية».

محليا اعتبر صالح «المنحى الذي حصّله الصديق قاسم حداد في برلين مهم جدا، وبالطبع فإن تعيين الشيخة مي آل خليفة وزيرة للثقافة والإعلام هو أحد الأحداث المهمة في 2008».

كتابان... لا بأس بذلك إنجازا!

على المستوى الشخصي، وعلى رغم أن 2008 كان عاما سيئا «على المستوى العالمي من الناحية الاقتصادية والاجتماعية أو السياسية» إلا أنه كان مختلفا لصالح «طبع لي كتابان وهذا إنجاز لا بأس به».

والإصداران اللذان يتحدث عنهما صالح، واللذان يجعلان من حصيلة مؤلفاته وترجماته 20 إصدارا، هما «الكتابة بالضوء في السينما، اتجاهات، قضايا وأفلام» وهو أحد إصدارات المهرجان السينمائي السعودي الذي أقامه نادي المنطقة الشرقية الأدبي في مايو/ آيار الماضي وكان صالح رئيسا للجنة تحكيمه.

الكتاب الآخر صدر لصالح في أغسطس/ آب عن هيئة قصور الثقافة بمصر وهو «السوريالية في عيون المرايا» ويتضمن نصوصا معدة أو مترجمة حول علاقات السوريالية بالأجناس الأدبية والأنواع الفنية.

عدا عن ذلك أعادت «الوسط» طباعة كتابه «حوار مع فدريكو فيلليني لجيوفاني جرازيني» وذلك ضمن سلسلة كتاب للجميع، وكانت الطبعة الأصلية من الكتاب صدرت العام 2007 ضمن إصدارات الدورة السادسة من مسابقة أفلام من الإمارات التي أقيمت في أبوظبي.

ومزيد مقبل لصالح

العام 2009 سيشهد إنجازات كتابية أخرى لصالح، أولها يأتي عبر وعد كان وزير الإعلام السابق جهاد بوكمال قطعه بدايات العام المنصرم، بطباعة مجموعة صالح الأدبية كاملة. وصالح يرد حين سألناه عما آل إليه هذا الوعد «بدأ التحرك الفعلي منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. الآن نحن في طور الاشتغال على طباعة المجموعة التي يحتمل صدورها في الأشهر الأولى من العام الجاري».

وإلى جانب المجموعة يعد صالح قرّاءه بكتاب آخر عن السينمائي اليوناني ثيو انجلوبولوس «راجعت بروفاته الشهر الماضي وأتوقع صدوره خلال شهر أو أكثر، أيضا، يفترض أن تتكفل أسرة الأدباء والكتاب بالتعاون مع وزارة الإعلام، بطباعة سيناريو سينمائي تحت عنوان «أوديب ملكا للمخرج الإيطالي بازوليني».

عشاء، القفص، الحصار، هديل الليل، وحوّام

على مستوى الكتابة السينمائية والدرامية، شهد العام 2008 عددا من الإنجازات لصالح، أولها جاء عبر العروض المتعددة لفيلم «عشاء» القصير الذي كتب صالح السيناريو الخاص به، فيما قدمه المخرج حسين الرفاعي.

صالح، وعلى أثر نجاح تلك التجربة، يعتزم الدخول في تجربة سينمائية ثانية مع الرفاعي لتقديم فيلم قصير آخر تحت عنوان «القفص» يفترض بدء تصويره قريبا.

وهو يتحدث عن فيلم آخر هو «الحصار» الفيلم الطوي الذي يتمنى الحصول على جهة داعمة ليتمكن من تنفيذه مع الرفاعي مرة أخرى. من ناحية أخرى يبدأ في فبراير شباط المقبل تصوير سيناريو مسلسل «هديل الليل» الذي وضعه صالح ويخرجه أحمد المقلة.

«كذلك هناك فكرة تحويل رواية (حوّام) لحسين المحروس إلى سيناريو سينمائي يخرجه الرفاعي أيضا، لكن هذا مشروع مؤجل لا يمكنني العمل عليه حتى ينتهي الرفاعي من «القفص» و»الحصار».

مزيد من التجارب السينمائية

يبدو صالح متفائلا بالعام الجديد، على الأقل من حيث مستوى الحراك الثقافي فيه، السينمائي على وجه التحديد «أتوقع أن نشهد ظاهرة إيجابية تتمثل في تعدد التجارب السينمائية من حيث الأفلام القصيرة. هناك توجه جاد وملحوظ للسينما من قبل الشباب، وأعتقد أنه سيكون لدينا تجارب متميزة ومهمة بل وربما يطغى هذا الجانب على المسرح أو على الأشكال الأخرى».

وجود الوزيرة داعم للثقافة

صالح أبدى تفاؤلا كبيرا بتعيين الشيخة مي وزيرة للثقافة والإعلام فهي «مثقفة وباحثة وهي قريبة من الوسط الثقافي وليست غريبة على الأجواء والمناخات الثقافية، والفعاليات التي تقام في مراكزها المختلفة، عدا الكتب التي تصدر عن هذه المراكز، ونشاطها على مستويات أخرى مثل التراث والتاريخ، هو خير دليل على أن وجودها في هذا المنصب سيكون داعما للثقافة وأعتقد أننا سنشهد حراكا ثقافيا مهما في فترة وجودها في الوزارة».

خليفة العريفي...

2009 سنة جميلة

رائد المسرح الحديث في البحرين الفنان والمخرج المسرحي خليفة العريفي اعتبر أحداث غزة التي تكاد تطغى على عمله بل وتعطله عن الكتابة هي الحدث الأهم في 2008. لكن الحدث الأهم مسرحيا بالنسبة للعريفي كان «انضمام البحرين إلى الهيئة العربية للمسرح، وإنشاء اتحاد الجمعيات المسرحية».

يذكر أن الاتحاد أشهر وتم تسجيله ضمن الجمعيات التابعة لوزارة الإعلام في أبريل/ نيسان الماضي بعد صدور قرار بذلك من وزير الإعلام السابق جهاد بوكمال. وكانت مسارح أوال والصواري وجلجامش والبيادر والريف تقدمت بالنظام الأساسي للاتحاد بهدف تنسيق نشاطات المسارح والارتقاء بمستوى أدائها. أما إنجازات العريفي الشخصية المتوقة في 2009 فتتمثل في «تكفل مسرح أوال بالتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام بطباعة مسرحياتي الثلاث «ح. ب» و»المهرجون» و»صور عارية». من ناحية أخرى ستتكفل أسرة الأدباء والكتاب، بالتعاون مع الوزارة، بطباعة قصصي التي كتبتها في الستينيات والسبعينيات. عدا عن صدور كتيب صغير لي عن تاريخ المسرح في البحرين، طبع في الإمارات ويفترض أن يوزع قريبا».

كذلك يكرم مهرجان المسرح الخليجي الذي يقام في الكويت في 26 يناير/ كانون الثاني الجاري العريفي باعتباره أحد رواد المسرح البحريني والخليجي.

كل الأمور تبشر بخير

ويبدو العريفي متفائلا هو الآخر بتقلد الشيخة مي منصب وزيرة الثقافة والإعلام «كل الأمور تبشر بخير من أجل الثقافة، فاهتمام مي بالثقافة كبير وهي باحثة وكاتبة ومسئولة عن كثير من المراكز الثقافية كما أن لديها انفتاح على المؤسسات الثقافية الأخرى وهذا يعني أن 2009 ستكون من السنوات الجميلة على الثقافة في البحرين».

فوتوكينا... إحباط وتفاؤل

الروائي والمصور الفوتوغرافي حسين المحروس اعتبر معرض فوتوكينا الذي أقيم في مدينة كولن الألمانية في سبتمبر/ أيلول الماضي، أهم حدث ثقافي للعام 2008 وقال «المصور الفوتوغرافي الذي يزور هذا المعرض لأوّل مرة سيشعر بإحباط شديد، وتفاؤل لذيذ. الإحباط من أنّه جاء من مكان لا يحدث فيه كلّ هذا التقدير للصورة. ثقافة التصوير محصورة في الكاميرا وصورها، مقطوعة عن كلّ وشائجها، وحياتها. والتفاؤل من هذا الاهتمام العالمي لفن يحسب المصور أنّه ينتمي إليه، ومن أنّه سيصبح جديدا عندما يغادر هذا المكان، ولا يحدث الناس إلاّ صورا».

في مقابل ذلك لا يجد المحروس ما يثير اهتمامه على الساحة الثقافية المحلية على رغم إنجازيه الكتابيين اللذين تمثلا في رواية «حوّام» التي صدرت في أغسطس/ آب عن المؤسسة العربية للطباعة والنشر في بيروت، و»إذاعة البحرين سيرة الكلام» الذي صدر عن وزارة الإعلام في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

مزيد من الكتب... ولا معارض صور

حول مشاريعه للعام الجديد قال: «أعمل حاليا على كتاب عن الحياة البرلمانية في البحرين سنة 73 أتعاون فيه مع المصور الفوتوغرافي عبدالله الخان مؤسس بيت البحرين للتصوير الفوتوغرافي، ويفترض أن أنتهي منه شهر يناير/ كانون الثاني الجاري ليصدر في النصف الأول من هذا العام». كذلك يعتزم المحروس وضع «كتاب يتناول سيرة السيد محمدصالح الموسوي، يفترض صدوره في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وربما أطبعه على نفقتي الخاصة إن لم أجد جهة داعمة».

من جانب آخر كانت وزارة الثقافة والإعلام كلفت المحروس بوضع كتاب بشأن سيرة الصورة الفوتوغرافية في البحرين من 1900 حتى 2000، يحتمل المحروس صدوره نهايات العام الجاري ليضاف إلى إنجازاته الكتابية.

لكن المحروس المصور الفوتوغرافي المتألق، لا يبدي أية نية في إقامة معرض تصوير، آخر معارضه كان سوق الجنة في 2005 وهو يقول: «مشاريع التصوير تحتاج إلى شيء من التفرغ، تحتاج إلى تقنية عالية، ممارسة تجريب. عند ما يخلق المصور صوره في داخله ويخطط لإنتاجها بلغة مجازية من الدرجة الثالثة سيجد صعوبة لا في تحويلها إلى صورة فوتوغرافية فقط بل وفي درجة رضاه عنها».

تغيير الأسماء شكلي حتى النخاع

عند سؤال المحروس عن توقعاته لتشكلات الخريطة الثقافية في 2009 قال: «أجد السؤال صعبا وخصوصا أن الفعل الثقافي فعل بطيء جدا ولا يمكن التوقع بنتائجه».

ومترددا أضاف «تقصدين محليا؟ سيكون الأمر أكثر صعوبة وإحباطا ولا علاقة لتغيير اسم وزارة الإعلام إلى الثقافة والإعلام، بتغيّر التوقعات أو التنبؤ بمستقبل زاهر للثقافة. تغيير مسمى الوزارات عندنا وفي العالم العربي كلّه شكلي حتى النخاع ولا علاقة له بخطّة ثقافية ستجعل من الثقافة حدثا يتراكم وينتج وعيا جديدا. مازال مفهوم الثقافة سطحيا محصورا في فعاليات مملة، وشكلية، كلّ شيء سريع يحدث وفق منطق البركة والصلوات».

وختم حديثه قائلا: «لست متفائلا كثيرا وخصوصا في غياب العمل الثقافي الجاد الرصين وتراجعه أمام كل ما هو مسطّح شكلي... الزينة أكثر حضورا... تقدير الإنسان وصناعة رأيه وحسّه وعينه أكثر غيابا».

الغضبان يطمح للمزيد

الفنان التشكيلي عبدالجبار الغضبان اعتبر أهم إنجاز شخصي في 2008 «إقامة معرض خاص بأعمالي التشكيلية، فهو يمثل تجربة متكاملة في مقابل مشاركتي في المعارض المشتركة» أما على مستوى الفن التشكيلي فيجد في معرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية الذي افتتح منذ أيام الحدث السنوي الأهم، وهو المعرض الذي حصل فيه الغضبان على الجائزة الكبرى والمعروفة بالدانة.

في العام الجديد 2009 يتمنى الغضبان «إقامة المزيد من الفعاليات الجدية المرتبطة بالجوانب الإبداعية، كالموسيقى والشعر والتشكيل، وأن تكون هناك فعاليات ثقافية يشارك فيها فنانون من الخارج»، ويبدو الغضبان متفائلا بالتسمية الجديدة لوزارة الثقافة والإعلام «نتمنى أن تأخذ الثقافة نصيبها الكبير من الفعاليات، وأنا أتوقع أن يكون هناك اهتمام أكبر بالجانب الثقافي والإبداعي، بحسب التسمية، نتمنى أن تخصص موازنة كبيرة للمجال الثقافي والإبداعي وأن تقام المزيد من الفعاليات الفنية والموسيقية أو الإبداعية بشكل عام».

الذوادي... لا جديد سينمائيا

المخرج السينمائي بسام الذوادي لم يبد متفائلا حال الحديث عن الإنجازات السينمائية في العام 2008، لم يجد حدثا يمكن اعتباره الأهم على الساحة السينمائية. وعلى رغم الجهود التي تقدمها شركة البحرين للإنتاج السينمائي لإحداث نوع من التغيير على هذه الساحة إذ «تدعم الشباب بإنتاج أفلامهم القصيرة» إلا أن الذوادي لا يلمس أي تغيير على الساحة السينمائية المحلية «الشباب مازالوا غير مقبلين على تقديم تجربة سينمائية طويلة. جميعهم يكتفون بالأفلام القصيرة، والشركة تسعى لأن تشجع الشباب إلى التحرك بهذا الاتجاه».

ويضيف «يجب التفريق بين الفيلم السينمائي الذي يعرض للجمهور في صالات السينما، ويشارك في مهرجانات سينمائية كبيرة باسم البحرين، وبين التجربة الشبابية السينمائية التي لا تمثل سينما بل إنها تساير التجارب التلفزيونية ويمكن أن تعرض لجمهور خاص» وتتمثل إنجازات الشركة في مجال دعم الشباب في العام 2008، بحسب الذوادي، في «دعم فيلم «البشارة» الذي تقدم به محمد راشد بوعلي، وفيلم «زهور تحترق» لمحمد إبراهيم محمد.

كذلك تناقش الشركة دعم فيلم سينمائي ثالث يتحدث عن البحرين، لكن الذوادي رفض التصريح بمعلومات بشأن طبيعة الفيلم وأسماء العاملين فيه.

وعن تأثيرات دمج الثقافة والإعلام في وزارة واحدة، علّق «الثقافة لها خصوصيتها ومكانتها دائما وهي واجهة البلاد، ثم إن كل النشاطات الفنية التي تقام سواء أكان فنا تشكيليا أو مسرحا أو أدبا كلها ثقافة».

العدد 2316 - الأربعاء 07 يناير 2009م الموافق 10 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً