العدد 2596 - الأربعاء 14 أكتوبر 2009م الموافق 25 شوال 1430هـ

باكستان تواجه أسوأ السيناريوهات الممكنة

لم يعد أسوأ سيناريو يواجه باكستان حيث ينعدم الاستقرار طويلا ويشن متشددون هجمات دموية على الدعائم الأساسية للدولة مجرد أحد المخاطر التي تقلق بشأنها الأسواق وصناع السياسة الغربيون.

لقد بات هذا الوضع قائما بالفعل. وأسفر أسبوع من الهجمات الجريئة التي نفذها مقاتلون يرتبطون بصلات بتنظيم «القاعدة» من بينها هجوم على مقر الجيش الرئيسي عن مقتل أكثر من 100 وأثبت أن متشددي «طالبان» وحلفاءهم لم يهزموا بتاتا. وقال الباحث بمعهد بروكينجز بروس ريدل، وهو مؤسسة بحثية، مهاجمو «طالبان» أظهروا أنه على الرغم من خسارة الحملة في وادي سوات هذا الصيف فإنهم يحتفظون بالقدرة على تنفيذ أعمال إرهابية في قلب باكستان حيث ضربوا بنتاغون باكستان بالفعل. لكن هذا لا يعني أنهم اقتربوا من تحقيق انتصار له معنى.

وتواجه باكستان أشهرا أو سنوات من الحرب الصادمة غير المتناسقة ضد المتشددين الذين يستطيعون خلق حالة من انعدام الأمن المزمن لكن ليس هناك احتمال بأن يقتنصوا السيطرة على الدولة. ومهما بلغ نجاحهم في شن حرب عصابات مزعزعة للاستقرار فإن بضعة آلاف من رجال القبائل والمتشددين لا يستطيعون أن يأملوا هزيمة سادس أكبر جيش في العالم. ويثير التهديد المتزايد بتوحيد الجماعات المتشددة بإقليم البنجاب صفوفها مع «طالبان» لشن هجمات ضد الدولة وهو ما كان واضحا في الهجوم الذي وقع مطلع هذا الأسبوع في روالبندي القلق لكنه لا يغير الحسابات العسكرية الأساسية. وهناك اعتبار أساسي آخر هو أن حركة «طالبان» لا يمكن أن تأمل أبدا في الحصول على دعم شعبي واسع النطاق خارج المناطق القبلية. وقالت المحللة بمؤسسة كونترول ريسكس كلودين فراي، نحن لا نتحدث عن شعب اتجه للتطرف بشكل جماعي مهما جمح بنا الخيال...

لهذا نحن لا نتوقع حالة من انهيار أو انفجار الدولة داخليا. معظم الباكستانيين معتدلون. يعني هذا أن احتمال تردي الأوضاع أكثر من هذا في باكستان ضئيل.

وليس تدهور الأوضاع الأمنية تدهورا كبيرا أكثر سيناريو محتمل سلبية بالنسبة للأسواق، بل أن تظل الأوضاع كما هي. وقد تظل باكستان حبيسة حالة من الجمود لسنوات في ظل تشتت انتباه الحكومة عن وضع السياسات واعتبار كل المستثمرين باستثناء المتعطشين للمغامرة باكستان دولة سيئة الإدارة. وتوفر الفوضى التي زلزلت العراق بعد الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين العام 2003 أوجه تشابه مفيدة.

وحقق المتمردون نجاحا كبيرا في إخراج بعض المناطق بالبلاد عن نطاق السيطرة وخنق النمو الاقتصادي وتقويض وضع السياسات.غير أنهم لم يقتربوا قط من خلق الظروف الملائمة للاستيلاء على الحكم. وقد كانت نتائج حملتهم العنيفة ضئيلة حيث أصبحت الهجمات الفردية دون مغزى بشكل متزايد والأهم أن السكان من المدنيين أصيبوا بحالة من النفور لا سبيل إلى التخلص منها. والكلفة الاقتصادية لانعدام الاستقرار المزمن على المدى الطويل باهظة لكن سبق السيف العزل. ولن تبدي الأسواق رد فعل يذكر على الصراع ما لم تظهر أدلة على تغير حقيقي في ملف باكستان الأمني.

ولأن الأوضاع سيئة جدا بالفعل فإن معظم المخاطر في صعود. وقالت المحللة بمجموعة «يوراسيا» ماريا كوسيستو، «أثار هجوم روالبندي قلقا كبيرا في أنحاء القيادة العسكرية. وعلى مدار فصل الصيف نجح الجيش في إخراج مقاتلي (طالبان) من وادي سوات وأسفرت الهجمات الصاروخية الأميركية عن مقتل بيت الله محسود زعيم (طالبان)».

وتعني أعمال العنف الأخيرة أنه بات في حكم المؤكد تنفيذ الجيش هجوما على منطقة وزيرستان الجنوبية معقل «طالبان». وأضعف حث الولايات المتحدة لباكستان على القيام بتحرك قوي ضد «طالبان» الدعم لخطوة من هذا النوع.

ويشعر كثير من الباكستانيين بغضب شديد تجاه مشروع القانون الأميركي المسمى (كيري-لوجار) والذي ينص على أنه يجب على باكستان إظهار التزامها بمكافحة الإرهاب كي تكون مؤهلة للحصول على المساعدات. وقال ريدل، يظهر استطلاع للرأي بعد استطلاع للرأي أن الباكستانيين يخشون بشكل متزايد التهديد الذي يمثله المتشددون الإسلاميون، لكنهم يؤمنون أن الولايات المتحدة تمثل خطرا أكبر على بلادهم مضيفا أن كثيرا من الباكستانيين يرون في الولايات المتحدة تهديدا أكبر من الهند. ومضى يقول وفي أي وقت يظهر استطلاع للرأي أن الهند هي الطرف الشرير بباكستان تقع في مأزق كبير. وفي ظل هذا المناخ كان الحماس في الجيش لشن حملة كبرى ضد «طالبان» محدودا.

وربما أكد هجوم روالبندي على مقر الجيش لضباطه المترددين أهمية هزيمة «طالبان» كما يسمح لهم بشن هجوم دون أن يبدوا كدمى في أيدي الأميركيين. وسيعطي شن أي حملة عسكرية مستمرة تقوض قدرة المتشددين على شن هجمات إلى حد كبير دفعة طويلة المدى للأسواق.

لكن محللين يقولون إنه في حين قد يتأرجح الصراع صعودا وهبوطا فإن من غير المرجح أن يوجه أي من الجانبين ضربة حاسمة. وحتى إذا هزم مقاتلو «طالبان» بمنطقة وزيرستان الجنوبية فإن من الممكن أن يشن المتشددون هجمات من معاقل أخرى من بينها إقليم البنجاب.

لهذا فإن الحرب غير المتناسقة ليست شديدة الفعالية حتى الهزائم التي قد يلحقها الجيش لن تحول دون شن الجماعات الصغيرة من المتشددين هجمات متكررة مزعزعة للاستقرار. لذا فإنه بينما يتدنى احتمال تفاقم الوضع أكثر من هذا، ترى قلة في الوقت الحالي فرصة لتحسن الأوضاع.

العدد 2596 - الأربعاء 14 أكتوبر 2009م الموافق 25 شوال 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً