العدد 2610 - الأربعاء 28 أكتوبر 2009م الموافق 10 ذي القعدة 1430هـ

البحرين والكويت... محطات نضالية

مقتطفات من كتاب «الشملان - سيرة مناضل وتاريخ وطن» (2)

صدر مؤخرا في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب يتناول سيرة المناضل البحريني أحمد الشملان بعنوان «أحمد الشملان - سيرة مناضل وتاريخ وطن» من تأليف زوجة المناضل الشملان فوزية مطر. صدر الكتاب في 1024 صفحة من القطع الكبير، ويضم أحد عشر فصلا متبوعة بملحقي صور ووثائق.

بعد تخرجه من الثانوية سافر أحمد الشملان الى القاهرة للدراسة التي لم تشأ الظروف بقاءه فيها، ورغم قصر فترة بقائه في القاهرة (أغسطس/ آب - ديسمبر/ كانون الأول 1963) فقد تميزت تلك المرحلة بتبلور وتطور الشخصية السياسية والطلابية القيادية للشملان الذي انضم لعضوية رابطة طلبة البحرين بالقاهرة، وعلى المستوى الحزبي أصبح عضوا في اللجنة القيادية لتنظيم حركة القوميين العرب في الرابطة. يقول أحمد معلقا: «في تلك اللجنة القيادية أذكر أن علي الشيراوي وعبدالرحمن الزامل وعبدالله قصاب كانوا أعضاء معي في اللجنة، وكانت مهمة هذه اللجنة الحزبية الإدارة غير المباشرة للرابطة بما يتلاءم والخط السياسي لحركة القوميين العرب».

ويذكر الأستاذ علي الشيراوي أحد الكوادر القيادية في حركة القوميين العرب - فرع البحرين: «اشتغلنا في الرابطة مع بعض وكان أحمد الشملان معي في لجنة تنظيمية سرية خاصة تدير الرابطة بجانب الإدارة الطلابية العادية. كنت أنا رئيس الرابطة ومعي أربعة من القوميين العرب أذكر منهم جاسم أمين وعبداللطيف الراشد. لا أذكر أن أحمد تولى موقعا إداريا علنيا في الرابطة، بل كان في اللجنة التنظيمية السرية التي تضع سياسة عمل الرابطة، ومعه في عضوية اللجنة أنا (علي الشيراوي) وقاسم أمين وعبداللطيف الراشد وعبدالرحمن الزامل وعلي فرج ابن الأستاذ عبدالله فرج الذي كان مدير مدرسة الهداية الخليفية في المحرق. كانت اللجنة التنظيمية تنسق عملنا كقوميين عرب في الرابطة، وكنا نحن في الهيئة الإدارية للرابطة ننفذ السياسة التي تضعها اللجنة المذكورة».

وعلى مستوى آخر كان لرابطة طلبة البحرين في القاهرة التي يسيطر عليها القوميون العرب حظوة كبيرة لدى النظام الناصري في مصر ولدى السلطات المصرية. وكان الطلبة المنتمون للحركة - ومنهم أحمد الشملان - يتمتعون بعلاقات ممتازة وحظوة لدى بعض رموز السلطة المصرية ذات العلاقة بالوضع الطلابي العربي في القاهرة. يتذكر رجل الأعمال البحريني أحمد سند بن سند حكاية توضح ذلك فيقول: «سافرتُ من الكويت للدراسة بالقاهرة، وإذ بي التقي بأحمد الشملان زميلا في الدراسة الجامعية وقد كانت لي به معرفة سابقة في الكويت. كانت رغبتي دخول كلية الشرطة لكنني قبلتُ في تخصص لا أرغب فيه، وقد تحدثت مع الأخ أحمد الشملان عن التخصص الذي قُبلت به ولا أرغب فيه، فبادر بكتابة رسالة، وحينها كان لرابطة الطلبة قيمة ومكانة تعادل قيمة ومكانة السفارة حيث لم يكن للبحرين في عهد الحماية البريطانية لا سفارات ولا سفراء في الخارج. أخذت الرسالة الى كلية الشرطة لأفاجأ بترحيبهم بي أكثر من ترحيبهم بطلبة بعثات الحكومة، قلت في نفسي: والله... إن هذا الأحمد الشملان ليس سهلا، وهكذا التحقت بالدراسة في كلية الشرطة».


البحرين(1964):

عاد أحمد الشملان إلى وطنه البحرين في 1 سبتمبر/ أيلول 1964، عاد الشملان القومي الناصري من الكويت بتجربتها الديمقراطية الوليدة ودستورها المتقدم، ومن قاهرة عبدالناصر التي كانت تلهب الفخر والحماس في قلوب شباب العرب. عاد شابّا يافعا في الثانية والعشرين من عمره يتفجر نشاطا وعطاء، وحالما وصل بدأ ينشط على أكثر من جهة وكانت أولى المهام السياسية الكبيرة تنتظره، وهي مهمة ميدانية جريئة نفذتها حركة القوميين العرب بدقة وسرية يحتفظ بذكرها التاريخ الوطني البحريني. لقد اتخذت الحركة قرار تهريب عبدالله الزياني أحد الكوادر الطلابية المنضوية للحركة الذي اعتقل في يوليو/ تموز 1964 وتمكن من الهرب من المعتقل والتخفي حتى تم تهريبه خارج البلاد. كان أحمد الشملان قد عاد لتوه للوطن، وقد وجدت الحركة في أحمد ضالتها لإنجاز هذه المهمة، فأحمد لم يكن مكشوفا مقارنة بالمقيمين من قياديي وكوادر الحركة في البحرين، كما أنه وصل كادرا مؤهلا.

يقول الشملان: «قابلني المرحوم عبدالله المعاودة وكان هو مسئولي التنظيمي كما كان مسئولا تنظيميا عن منطقة المحرق وبرفقته المرحوم عبدالله قصاب الذي كان مسئولي السابق كما كان مسئولا تنظيميا عن منطقة المنامة. أخبراني بأن عبدالله الزياني قد هرب من سجن القلعة وطلبا مني أن أتكفل بمهمة تهريبه من البحرين فقبلت القيام بالمهمة. أخفى أحمد الشملان عبدالله الزياني في منطقة أم الحصم لما يفوق عشرة أيام ثم نفذ عملية تسفيره وفق خطة سرية مُحكَمة. وقد ظل تهريب الزياني سرّا لم يُكشف، وظل أحمد الشملان شخصا لا تدور حوله شبهات، أما قسم المخابرات في الأمن العام فظل مستنفرا باتجاه كشف الطريقة التي هُرِّب بها عبدالله الزياني.

اكتسب تهريب عبدالله الزياني من البحرين أهمية خاصة بالنسبة لأحمد الشملان كونها أول مهمة كبرى يكلف بها أول وصوله للبحرين العام 1964، كما اكتسب ذلك الهروب أهمية وطنية عامة بالنسبة للبحرين نظرا للدور الكبير الذي لعبه عبدالله الزياني عبر إذاعة بغداد في بث أخبار انتفاضة مارس/ آذار 1965 للعالم عبر الأثير.

العدد 2610 - الأربعاء 28 أكتوبر 2009م الموافق 10 ذي القعدة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً