العدد 324 - السبت 26 يوليو 2003م الموافق 27 جمادى الأولى 1424هـ

الشيخ صلاح شحادة... حبل الشهادة لا ينقطع

في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده

سلمان عبدالحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب

حبل الشهادة لا ينقطع، وقافلة الشهداء لا تتوقف، وتواصل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) دفع ضريبة الشرف والكرامة والعزة نيابة عن الأمة كلها، فتقدم لهذا الهدف فلذات أكبادها، ممن «صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا» (الأحزاب: 23).

الشيخ الشهيد صلاح مصطفى شحادة رحمه الله تعالى، قائد كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بطل من أبطال هذه الأمة العظيمة، وأحد شهدائها الأبرار في طريق العزة والكرامة. إنه الرجل الذي أسس كتائب الجهاد القسامية، وابتكر اقتحام المستوطنات، وطور السلاح، بدءا من مدافع الهاون، إلى القذائف المضادة للدبابات.

نشأتـه

ولد الشهيد في 4فبراير/ شباط 1953 في قرية «بيت حانون» شمال قطاع غزة، وكان الابن الأول الذي رزق به والده بعد 8 بنات، 6 منهن توفاهن الله، ونشأ بين والديه يغدقان عليه حنانهما، ويخافان أن تجرح نسمة الهواء خديه! إلا أنهما غرسا الرجولة فيه منذ نعومة أظافره. وتروي شقيقته سميرة: «عندما تزوجت شقيقتي الكبرى أصر والدي على أن يصطحب صلاح أخته إلى بيت زوجها نيابة عنه، عتى رغم أنه لم يكن قد تجاوز الخامسة من عمره بعد! وفي الأعياد كان أبي يعطيه الأموال ليعيّدنا يوم العيد، وكأنه شاب كبير، فمنذ صغره ووالدي وجميع أفراد الأسرة يتعاملون معه على أنه رجل ومسئول».

في طريق الجهاد

ما كاد هذا البطل الصغير يتجاوز 15 عاما حتى بدأ يؤوي المطاردين في مزارع القرية، ويزودهم بالأكل والشرب خفية عن والده، الذي كان يخشى أن يخوض ابنه غمار المقاومة حتى لا يفقده، ففضل الوالد أن ينجو بطفله صلاح بأن ينتقل بأسرته إلى مخيم الشاطئ، الذي وجد فيه البطل صلاح ضالته، فالتحق بالمسجد ليستمع إلى دروس الشيخ المجاهد أحمد ياسين حفظه الله، ويترعرع على يديه، وليتعانق في قلبه حب الوطن بالإسلام. وعندما لم يجد الأب من سبيل لصد ابنه عن طريق الجهاد أعاده إلى قريته ثانية، ومن ثم أصر والده على أن يلحقه بجامعة الاسكندرية ليبعده عن الطريق، ولكن صلاح تعرف في الاسكندرية على مجموعة كبيرة من الشبان الفلسطينيين من حركة الإخوان المسلمين، وخصوصا أحمد الملح لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل الحياة الجهادية للبطل صلاح شحادة.

وفي العام 1984 تعرض لأول عملية اعتقال على يد المخابرات الإسرائيلية لمدة عامين، بتهمة الانضمام لحركة الإخوان المسلمين، وما كاد يخرج من المعتقل حتى أعيد إليه العام 1989 بتهمة قيادة العمل العسكري، إذ قضى في السجن أكثر من 12 سنة، تعرض خلالها لكل أساليب التعذيب. يحدثنا البطل الشهيد: «لم يدع جنود الاحتلال شعرة في ذقني أو صدري إلا نتفوها، حتى شككت في أن تنبت لي لحية مرة أخرى، واقتلعوا أظافر قدمي ويدي، ولكني - والله - ما شعرت بألم، ولم أتفوه بآهة واحدة، فقد كنت أردد آيات من القرآن». ويحدثنا عبد العزيز الرنتيسي: «قضيت مع شحادة أحلى سنوات عمري داخل السجن العام 1988، ثم التقيت به ثانية في العام 1995، وكان شحادة الخطيب في المعتقل، والمسئول عن تدريب الشباب في طابور الصباح... كان يمارس معهم رياضة قاسية حتى أن إدارة السجن شكته عدة مرات، وادعت أنه يدربهم تدريبات عسكرية.

أما الشيخ القائد أحمد ياسين فيؤكد أن الشهيد صلاح شحادة تولى مسئولية الجناح العسكري لحماس العام 1988 ويضيف: «نجح شحادة خلال عامين في بناء الجهاز العسكري لكتائب القسام، ونجح من خلال عمله المؤسسي أن يجد له تلاميذ في الميدان يتولون القيام بمهمته فور غيابه».

صفاته

تصفه زوجته ماجدة فتقول: «كان دائما يضع مخافة الله أمام عينيه، وكأنه يمشي على الصراط، وكأن الجنة والنار ماثلتان أمامه، يفتش عن نيته قبل أن يخطو خطوة... تعلمت منه التواضع، وامتلاك الأعصاب الهادئة، والتصرف في الأمور بحكمة، وكان يقول لي: القائد يجب أن يكون هادئ الأعصاب لا ينفعل... كان حقا صحابيا في القرن الحادي والعشرين... كان شعاره: أحب أن ألقى ربي وليس في كتابي مظلمة لأحد، أريد أن أفوز بالجنان ورضى الرحمن».

الشهادة

أصبح الشيخ صلاح شحادة المطارد رقم (1) لجيش الاحتلال، وقد كان المجرم شارون يشرف شخصيا على مطاردته ومحاولة اغتياله. حتى جاءت لحظة الفراق واللقاء: فراق هذه الدنيا، فلقي ربه شهيدا في جريمة من أبشع جرائم جيش الاحتلال الصهيوني في مدينة غزة.

وقد جاء الرد الأول من حركة حماس على اغتيال الشيخ صلاح شحادة رحمه الله في 31يوليو/تموز 2002، فقد لقي سبعة من الصهاينة مصرعهم، وأصيب أكثر من ثمانين آخرين في تفجير عبوة ناسفة في الجامعة العبرية بالقدس الشرقية.

وبتاريخ 3أغسطس/ آب 2002 تحركت حركة حماس مرة أخرى في ثاني عملية وفاء لقائدها الشهيد. فقد انفجرت حافلة إسرائيلية مكتظة بالجنود.

مضى صلاح شحادة إلى ربه شهيدا، ومضى قبله وبعده آخرون، ولايزال لحماس أبناء صادقون، نذروا أنفسهم للجهاد على أرض فلسطين المقدسة، لتحرير القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك

إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"

العدد 324 - السبت 26 يوليو 2003م الموافق 27 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً