العدد 324 - السبت 26 يوليو 2003م الموافق 27 جمادى الأولى 1424هـ

«الجواسيس» الذين دفعوا نحو الحرب

في البيت الأبيض وداخل مكتب شارون

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

إذ يتعرض الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير لاتهامات في بلديهما لأنهما ضخما تهديدات نظام صدام حسين لتبرير الحرب على بغداد خصوصا ان قواتهما لم تعثر حتى الآن على أسلحة دمار شامل وعلى أي دليل يثبت العلاقة المحتملة بين النظام العراقي السابق وتنظيم «القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن، تبقى الأسئلة التي يطرحها المحللون والمراقبون في كل من بريطانيا والولايات المتحدة من غير أجوبة.

إلاّ ان المزيد من الفضائح تتكشف، وليس آخرها «وفاة» خبير الأسلحة البريطاني ديفيد كيلي، وإذا أضيفت عملية العثور على جثة كيلي إلى التوقعات بأن الخبير البريطاني قد يكون «المصدر» الذي اعتمدت عليه هيئة الإذاعة البريطانية «بي. بي. سي» في تقريرها عن تزوير معلومات لتبرير الحرب على العراق، فإن أصابع الاتهام توجه إلى أجهزة بريطانية رسمية في عملية القتل، وخصوصا ان رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير يواجه معارضة شديدة في الداخل قد تقود إلى هزيمة سياسية وبالتالي انتخابية، للحليف الأول، للرئيس الأميركي جورج بوش، الذي بدوره ليس في منأى عن «دفع» ثمن يرجح المراقبون له فشله في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ولذلك فإن محاولات حثيثة تجريها الإدارة الأميركية لإشراك الآخرين في «الهم» العراقي.. وقد لاحظ كريستوفر مركي في «نيويورك تايمز»، ان الولايات المتحدة، التي أدارت ظهرها للأمم المتحدة، عندما كانت تسير نحو الإطاحة بالنظام العراقي، تجد نفسها مجبرة على العودة إلى أحضان هذه المنظمة الدولية لأن عددا كبيرا من الدول ترفض المساهمة في قوات حفظ السلام، أو في تقديم الأموال لإعادة إعمار العراق، من دون موافقة مجلس الأمن. في إشارة منه إلى روسيا، التي أعلنت انها قد تفكر في إرسال قواتها إلى العراق، شرط أن يكون هذا الأمر في إطار الأمم المتحدة التي تحدد مهمات قوات حفظ السلام، والجدول الزمني لبقائها. ولفت مركي، إلى انه مع زيادة كلفة إعادة استقرار العراق عن 4 مليار دولار، إلى جانب عدد الجنود الأميركيين الذين يلاقون مصرعهم على الأراضي العراقية، فإن الإدارة الأميركية باتت تعترف بأنها تعيد النظر في استراتيجيتها المتعلقة بالعراق، كما انها تعترف بأنها قد تسعى إلى الحصول على قرار دولي يساعدها على حث دول عدة مثل الهند وفرنسا وألمانيا، على مساعدتها.

وفي موضوع رئيسي تحت عنوان «ديفيد كيلي هل هو ضحية حرب أخرى؟» اعتبرت «تايمز» البريطانية ان مسئولية ما حدث مع كيلي تقع على مدير الاتصالات بمكتب رئيس الوزراء ألستر كامبل، وكذلك على «بي.بي.سي» واللجان الخاصة المكلفة بالتحقيق إلى جانب وسائل الإعلام. مشيرة إلى ان كامبل، شعر بصدمة كبيرة عندما علم بخبر وفاة كيلي. لكن الصحيفة البريطانية، رأت انه من غير المحتمل أن يستقيل كامبل من منصبه. وإذ لفتت إلى ان رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، تعهد بالبدء في إجراء تحقيق مستقل في ملابسات وفاة خبير الأسلحة البريطاني ديفيد كيلي، وهو الشخصية التي تعتقد رئاسة الوزراء البريطانية انها مصدر المعلومات التي اعتمدت عليها شبكة «بي. بي. سي» في ادعاءاتها ضد الحكومة، أشارت الصحيفة البريطانية، إلى انه على رغم ان سبب الوفاة لم يحدد بعد، فإنه من المعتقد على نطاق واسع انه انتحر. وذكّرت التايمز، بأن وزارة الدفاع البريطانية تعرضت لضغوط كبيرة بعدما ورد اسمها في ادعاءات «بي. بي. سي» بأن مدير الاتصالات بمكتب رئيس الوزراء ألستر كامبل، بالغ في المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالعراق من أجل إقناع الرأي العام بضرورة شن الحرب على العراق.

ونقلت «ديلي تلغراف» البريطانية عن أعضاء بارزين في مجلس العموم البريطاني ان مدير الاتصالات بمكتب رئيس الوزراء ألستر كامبل، ووزير الدفاع البريطاني جيف هون، قد يضطران إلى الاستقالة إذا ما ألقي بالملامة على الحكومة في إرغام خبير الأسلحة ديفيد كيلي، على أن يكون في بؤرة اهتمام وسائل الإعلام. وقالت الصحيفة البريطانية، انه على رغم من ان رئاسة الوزراء البريطانية حثت الناس على عدم التسرع في إصدار أحكام فإن الاهتمام بدأ يتوجه أكثر فأكثر نحو كامبل وكثير هم من باتوا يتحدثون عن دوره في هذه القضية. وقالت «ديلي تلغراف»، انه سيجرى تحقيق مستقل بشأن ملابسات وفاة كيلي. وشددت على انه لابد لهذا التحقيق أن يركز على الأسباب وراء قيام هون وكامبل بدفع كيلي الذي يعد موظفا حكوميا إلى دائرة الضوء.

من جهتها تناولت «الغارديان» البريطانية جانبا آخر، من «ورطة» بلير والحكومة البريطانية في العراق، فقد تحدثت «الغارديان» عن الكلفة الاقتصادية للحرب في العراق التي يتكبدها دافعو الضرائب البريطانيون. ونقلت عن مصادر دفاعية أن كلفة اجتياح العراق واحتلاله ستكون أكثر من 5 مليارات جنيه استرليني بكثير، بحيث تم إنفاق مليار جنيه استرليني حتى قبل أن تطلق الرصاصة الأولى. وأضافت ان هذه الكلفة تفوق إلى حد كبير موازنة «صندوق الحرب» الخاص الذي قدمته وزارة المال البريطانية. وأضافت «الغارديان»، انه مع إعداد الحكومة البريطانية، فعلا موازنة تنطوي على عجز بقيمة 27 مليار جنيه استرليني هذا العام، فإن بعض التقديرات تقدر كلفة الإبقاء على 11,000 جندي في العراق ومنطقة الخليج بنحو 150 مليون جنيه استرليني في الشهر. وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى ان آخر الأرقام من وزارة الدفاع توحي بأن التزاما طويل الأمد في العراق يمكن أن يتسبب باستنزاف للموارد الاقتصادية الشحيحة في وقت تتعرض فيه الحكومة لضغط متزايد لكي تثبت ان الخدمات العامة في طور التحسن.

لكن الأكثر إثارة في قضية الحرب على العراق واختلاق الحجج والمعلومات المشكوك في صحتها والتي أثارت وتثير شكوكا في بريطانيا وأميركا، هي المعلومات التي لفت إليها جوليان بورغر في «الغارديان» البريطانية وعلى رغم انها باتت شائعة المعلومات التي تنسب «التطرف» و«جنون العظمة» إلى مجموعة الصقور في البيت الأبيض، قدّم بورغر، معلومات تسلط الضوء على «قناة» مفتوحة أمام البيت الأبيض ليس إلى المعارضة العراقية فحسب، (أبان التحضير للحرب) بل هي أقامت علاقات وثيقة مع عملية استخبارية موازية تم إنشاؤها لغرض خاص داخل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، في «إسرائيل» لكي تتجاوز جهاز «الموساد» وتزود إدارة بوش، بتقارير مثيرة للمخاوف عن العراق، وهي تقارير ما كان «الموساد» مستعدا ليسمح بوصولها إلى الولايات المتحدة.. بحسب معلومات الكاتب البريطاني.

فقد نشر بورغر، مقالة بعنوان «الجواسيس الذين دفعوا نحو الحرب». استهلها بالقول انه بينما وصل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جورج تينيت، إلى مجلس الشيوخ ليدلي بشهادة سرية في شأن قضية يورانيوم النيجر، كان بدأ يتضح على نحو متزايد في واشنطن بأن الفضيحة ما هي إلا دليل على ان تراجعا في قدرات الاستخبارات الأميركية ساهم في توجيه أميركا نحو الحرب. ونقل عن مسئولين دفاعيين واستخباريين سابقين في إدارة بوش، ان أعضاء رفيعي المستوى في الإدارة خلقوا «وكالة غامضة» من محللي البنتاغون يعمل فيها بشكل أساسي هواة أيديولوجيون. على ان هذه الوكالة تتنافس مع وكالة الاستخبارات المركزية CIA ووكالة استخبارات الدفاع DIA. وأضاف بورغور، ان الوكالة، المعروفة باسم مكتب الخطط الخاصة «أو. إس. بي»، أُنشئت من قبل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، لكي تستبق معلومات وكالة الاستخبارات المركزية وتعمل تحت رعاية محافظين متشددين في أرفع مستويات الإدارة، والبنتاغون وفي البيت الأبيض، بمن فيهم نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني. وتابع الكاتب البريطاني، ان هذه الشبكة ذات التوجه الأيديولوجي عملت كـ «حكومة ظل». كما ان قسما كبيرا من أجور العاملين فيها هم خارج قائمة الرواتب الرسمية وبعيدا عن إشراف الكونغرس. ولكن بورغور، أشار إلى ان هذه الشبكة أثبتت انها قوية بما فيه الكفاية لكي تدخل في صراع مع وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية عبر التأسيس لمبرر للحرب. وأورد الكاتب البريطاني، أسماء عدد من المسئولين الذين قال انهم ترددوا على المقر الرئيسي لوكالة الاستخبارات في لانجلي فرجينيا، للضغط في اتجاه تقديم تفسير للتهديد الذي يشكله الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ومن بين هؤلاء المسئولين نائب الرئيس ديك تشيني، ورئيس جهاز موظفيه لويس «سكوتر» ليبي، والزعيم الجمهوري السابق في الكونغرس نيوت غينغريتش. وعن تفاصيل عمل مكتب الخطط الخاصة، قال بورغر، ان ويليام لوتي وهو ضابط سابق في البحرية ومساعد سابق لتشيني، يدير العمليات اليومية، بحيث يستجيب لنائب وزير الدفاع الأميركي دوغلاس فايث. ولفت الكاتب البريطاني، نقلا عن مصادر استخباراتية مطلعة، إلى ان مكتب الخطط الخاصة كان قناة مفتوحة أمام البيت الأبيض ليس إلى المعارضة العراقية فحسب، بل هو أقام علاقات وثيقة مع عملية استخبارية موازية تم إنشاؤها لغرض خاص داخل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، في «إسرائيل» لكي تتجاوز جهاز «الموساد» وتزود إدارة بوش، بتقارير مثيرة للمخاوف عن العراق، وهي تقارير ما كان «الموساد» مستعدا ليسمح بوصولها إلى الولايات المتحدة

العدد 324 - السبت 26 يوليو 2003م الموافق 27 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً