العدد 327 - الثلثاء 29 يوليو 2003م الموافق 30 جمادى الأولى 1424هـ

المصارف الإسلامية... مثال ناجح لـ «الأسلمة»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يحق للبحرين أن تفتخر بأنها مركز دولي للصيرفة الاسلامية، والفخر ايضا للعقلنة الاسلامية التي انتجت نظاما مصرفيا له سوق نامية. الصرافة الاسلامية تعتبر من افضل المشروعات نجاحا في برامج «الاسلمة» التي جلبتها الحركات الاسلامية منذ مطلع القرن الماضي. فمنذ ان اصطدم المسلمون بواقع انتجته حضارة الغرب وهم في حركة دائبة لموائمة متطلبات العصر الحديث بالاسس الاسلامية الثابتة. فالاسلاميون عملوا على «اسلمة» الدولة القومية ووجدوا الصعوبات الكثيرة امامهم، وحاولوا «أسلمة» العمل الحزبي والعقبات لم تكن قليلة، وحاولوا «اسلمة» المعرفة ومازالوا يحاولون ذلك ولكن مع نجاحات قليلة لم تستطع تخطي المصاعب ... الخ.

ولكن الاسلاميين نجحوا في «أسلمة» العمل المصرفي ولهم الحق ان يفتخروا بذلك. فالنشاط المصرفي الاسلامي بدأ في مطلع الستينات في الكويت، وحينها احتاجت الحكومة الكويتية لوجهة نظر شرعية-عملية بشأن مشروع «اسلمة» المصارف، فكان ان بعثت الى الشهيد السيدمحمد باقر الصدر برسالة تطلب فيها رأيه ضمن من سألتهم آنذاك. وكان رد الصدر وافيا وعميقا، بل ان رده يعتبر الاساس الاول في «أسلمة» المصارف، وتمت اعادة اصدار الرد الذي كتبه الصدر لاحقا في كتاب بعنوان «البنك اللاربوي في الإسلام». اعتبر ذلك الكتاب ملهما للتشريعات والضوابط التي تم تطويرها عبر السنين لتقديم خدمة مصرفية تعتمد على مشاركة المصرف والزبون في الربح والخسارة وانهاء «الربا» من التعامل. ومع مطلع الثمانينات نمت فكرة المصارف وتطورت لاحقا، واصبح النظام الاسلامي في المصارف معترفا به على مستوى المصارف الدولية الكبرى. بل ان عددا من المصارف الغربية توفر خدمة الصيرفة على اساس الشريعة الاسلامية واصبح ذلك مقبولا بالنسبة إلى المسلمين الذين يسعون للتخلص من مشكلات المعاملات الربوية.

والضوابط الاسلامية اصبحت موضع افتخار للمصارف المختلفة التي تطرح خدماتها في دعايات تتحدث عن «معاملات حسب الشريعة الاسلامية» على رغم ان - في بعض الاحيان - المقدمين للخدمة ليسوا من المسلمين. انه فخر لكل من وفقهم الله عز وجل في نشاطهم المصرف الاسلامي ان يتحدثوا عن تطبيق الشريعة بصورة ناجحة في مجال حيوي من مجالات الحياة.

في مقابل ذلك، فإن هناك نماذج سيئة تدخل في الاذهان كراهة الإسلام عندما يتحدث بعضهم عن تطبيق الشريعة ويربطها بممارسات مماثلة لما كانت تعمله حركة طالبان عندما كانت تحكم افغانستان. والفرق بين تطبيق الشريعة على نهج طالبان وتطبيق الشريعة في الصيرفة الاسلامية الدولية هو ان الاخيرة اعتمدت العقلنة في التعامل بينما اعتمدت الحال الأولى على الجمود وربط الاسلام بالقوالب الجاهزة التي تحجر على الانسان كل شيء باسم الدين.

الاسلام واسع وبسبب سعته دخل فيه الابيض والاسود وكل انواع البشر. اما التضييق فانما هو من صنع البشر الذين اخذوا جانبا واهملوا جوانب أخرى ربما اكثر أهمية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 327 - الثلثاء 29 يوليو 2003م الموافق 30 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً