العدد 329 - الخميس 31 يوليو 2003م الموافق 02 جمادى الآخرة 1424هـ

هل انتهى شهر العسل الأميركي في العراق؟

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

كل المؤشرات والقرائن الحية التي تعج بها الساحة العراقية تؤكد احتمال انتهاء «شهر العسل»، حتى وإن كانت الإدارة الأميركية مصممة على استمرار هذه العلاقة غير الشرعية مع بغداد. ولا يختلف اثنان على ان مصير هكذا زواج سيكون بالتأكيد محكوما بالفشل، لأنه ببساطة زواج قسري يجمع بين عروسين، متناقضين هما بغداد وواشنطن، في الرؤى والافكار وربما الايديولوجيات أيضا.

صحيح ألا احد في المنطقة كلها يتعطش إلى العودة إلى نظام صدام حسين البائد، الذي مثَّل وجها قبيحا للقسوة والدكتاتورية، لكن الصحيح أيضا ان شعبا يمتلك حضارة موغلة في التاريخ سيرفض العيش طويلا تحت هذه المظلة الاميركية، لأنه ليس بحاجة الى قيمومة خارجية أيا كان مصدرها حتى لو كانت من «الصديق المحرر» بحسب ادبيات «الحداثة» العربية.

لاشك في ان مستقبل المشهد العراقي، لا يبدو لواشنطن على ما يرام، لأن بوادر الرفض العراقي، ليس لقوات التحالف وحدها انما للمشروع الأميركي برمته، باتت واضحة للعيان، إذ ان لغة الارقام التي طالما يحبذ الاميركيون التعامل معها، تشير في آخر الاحصاءات الصادرة عن وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى تصاعد مطرد في الهجمات التي يتعرض لها الاميركيون يوميا في العراق، إذ اقر القائد السابق للقوات المركزية الأميركية الجنرال تومي فرانكس - وهو بالمناسبة صاحب هذه المغامرة - في شهادته امام لجنة تحقيق برلمانية في الكونغرس الاميركي حديثا، بأن قواته تتعرض لهجمات يومية، بواقع نحو 25 اعتداء يوميا، ما دفع بعض الجنود الفزعين إلى اللجوء إلى الانتحار بوصفه خيارا وحيدا، هروبا من القدر المحتوم الذي يخبئه لهم العراقيون، هذا اذا ما وضعنا في الاعتبار حصيلة القتلى، الذين تجاوز عددهم 200 جندي نهاية الشهر الماضي وفقا لمصادر مستقلة، ما يعني ان هذا العدد يفوق بكثير حجم الضحايا في المغامرات الأميركية السابقة!

يرى كل المتابعين للمشهد السياسي العراقي المتلبد بالغيوم ان واشنطن اليوم تدرك، وأكثر من اي وقت مضى، ان خيارها السياسي هو الآخر لا يمثل بديلا مقبولا عن حكومة عراقية جديدة طالما ينادي بها العراقيون، لأن «مجلس الحكم» الذي تربى بعض اعضائه في احضان واشنطن، فضلا عن تكريسه لنظام الحصص (الكوتا) الطائفي المرفوض شعبيا، فإن موجة الغضب تجاه هذا المجلس بدأت تتنامى بشكل لم يسبق له مثيل. فإلى جانب تحفظ العشائر العراقية على هذا المجلس، تلحظ واشنطن بعين الريبة والقلق بروز نجم الوجوه الاسلامية الجديدة، التي تقودها قيادات شبابية ترتكز اساسا على نفوذها الواسع في (الشارع)، والتي بإمكانها اليوم قول «لا» لواشنطن بثقة أكبر، بل وربما التمرد وعدم الانصياع لرغبات الحليف الاميركي. ربما يكون مقتل الشقيقين (قصي وعدي) بحسب الرواية الأميركية، ساهم في تخفيف حدة التوتر في فلول المقاومة العراقية التي تربط واشنطن دائما خيوطها بهذين الشخصين، لكن المفروغ منه ان ليس كل المقاومة هي صدام حسين.

وأمام كل هذه التحديات، يبرز سؤال ملح لابد منه حتى لو كان «الاشقاء الأميركيون» يفكرون فيه على مضض، وهو: هل ستشد هذه القوات الغازية رحالها سريعا من العراق لتعود إلى حيث اتت، وهل يا ترى انتهى شهر العسل فعلا؟ سؤال قد يكون من الصعب التكهن به، لكن ما هو مؤكد ان الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 329 - الخميس 31 يوليو 2003م الموافق 02 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً